لهذه الأسباب

معد عيسى

يعتبر موضوع تأمين مياه الشرب من أهم الاستحقاقات الحكومية، والجميع يتذكر أزمة المياه التي تعرضت لها دمشق وحلب جراء اعتداء المجموعات الإرهابية على محطات معالجة المياه ونبع الفيجة،

وبما أن من طبعنا النسيان فلا بد من التذكير بالجهود الكبيرة التي بُذلت لتأمين المياه وعسكرة المعنيين في غُرف عمليات لتأمين المياه للمواطنين.‏

اليوم تعاني الكثير من التجمعات السكانية من مشكلة تأمين المياه والأسباب كثيرة منها ما يتعلق بالجفاف وانخفاض مناسيب المياه وجفاف مصادرها، ومنها ما يتعلق بتخريب الشبكات وقدمها وعجزها عن تلبية الطلب للتجمعات التي تضخمت بسبب الأزمة بشكل كبير، ولكن هناك مشكلات فنية تتعلق بسوء التنفيذ وضعف الدراسات وعدم انتظام مواعيد تزويد المناطق بالمياه وهذا يدعو لطرح جملة من الأسئلة حول متابعة تنفيذ الشبكات والتوسعات اللاحقة وإدارة عملية التوزيع وتنفيذ المشاريع المُستقبلية.‏

ما نشهده من أزمة في مياه الشرب ناتج عن تراكمات وخلل سنوات سابقة تمتد لعشرات السنوات وندفع ثمنها اليوم، فمداخل الأبنية تضج بمضخات المياه والأسطحة أصبحت تغص بالخزانات ولم يعد هناك متسع للسخانات الشمسية لأن كل منزل استقدم أكثر من خزان تحسباً لانقطاع المياه والكهرباء معاً.‏

إذا كانت الأبنية التي لا يزيد عدد طوابقها بنسبة كبيرة على أربعة طوابق تحتاج لكل هذه المضخات فكيف سيكون الحال مع ما يُطرح من مشاريع الأبنية البرجية؟ وأين سيجد قاطنوها الأماكن المناسبة للخزانات والسخانات الشمسية ومضخات المياه أيضاً؟ دائماً نتفاجأ بالمشكلات والظروف الطارئة ومعدلات النمو غير المسبوقة دون أن نسأل الدارسين والمخططين للمشاريع عن حسابات عدد السنوات المستقبلية للمشاريع وحساب التغيرات المُناخية والنمو السكاني والمشاريع المتوقعة في منطقة تنفيذ المشروع والتوسعات القادمة.‏

كل المشاريع في العالم تُدرس لأكثر من ثلاثين سنة قادمة وتؤخذ التوسعات المُقبلة بالحسبان بحيث تكون تكميلية للمشروع وليست حلولاً مؤقتة وقسرية، وما نشهده بالساحل الذي لا يعاني من انخفاض مناسيب المياه من أزمة مياه يعكس حجم الخلل في خطط تزويد الناس بالمياه، فهل يُعقل أن القرى المُحيطة بنهر السن تشرب مرة واحدة بالأسبوع؟ وهل التبرير بانقطاع الكهرباء منطقي؟ وما المبرر أن يحتاج كل منزل إلى مضخة؟.‏

من المؤكد أن هذه المشكلات تراكمت خلال سنوات طويلة وعليه لا بد من أن يتم التركيز على الخطط المستقبلية والتوسعات الجديدة والصيانات بحيث تؤخذ كل هذه الملاحظات بالحسبان ولا نبقى في إطار الترميم والترقيع الذي قد نكون بحاجة إليه لسنوات قليلة لأن إعادة الإصلاح وحل المشكلات يحتاج على الأقل إلى نصف المدة التي تراكمت بها التجاوزات والقصور.‏

 

عندما خطط القائمون على أحياء دمشق في منتصف القرن الماضي لم يأخذوا بالحسبان أن المواطنين سيتملكون سيارات في المستقبل القريب لذلك لم يشترطوا وجود المرآب كجزءٍ من البناية واليوم نشاهد أزمات مبيت السيارات في دمشق، ولهذه الأسباب نتمنى في قرارة أنفسنا ألا نشاهد المضخات والخزانات إياها في منتصف هذا القرن.‏

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]