حرب ماركات في الأسواق السورية..والأقمشة التركية تتسلل بشهادات مزورة !!

الخبير السوري – معد عيسى

قبل بداية الحرب كدنا نخسر القطاع الزراعي بسبب السياسات الحكومية المُتبعة التي توجهت إلى الاقتصاد الريعي بدل الاقتصاد الإنتاجي، إذ تراجعت مساهمته بالناتج المحلي من 32 % إلى 17 % بسبب هذه السياسات، لكن الحرب أعادت الأمور إلى نصابها، وعاد هذا القطاع ليفرض نفسه كمساهم أكبر في تأمين احتياجات السوريين من المواد الغذائية وتشغيل اليد العاملة، ولولا هذا القطاع لكان الجوع فتك السوريين.‏

على عكس القطاع الزراعي في الأزمة، تعرض قطاع صناعة النسيج لاستهداف ممنهج، بداية من الإرهابيين ومن خلفهم تركيا التي سرقت ودمرت معامل النسيج في حلب، ومن ثم من التجار الذين نجحوا في استصدار قرارات حكومية سيكون من شأنها الإجهاز على ما تبقى من هذا القطاع ولا سيما القرار الذي سمح باستيراد الأقمشة واعتبرها مادة أولية، مع أنها تمرّ بسبع مراحل صناعية، من الحلج إلى الغزل إلى الحياكة إلى الصباغة ومن ثم الطباعة والتحضير، والقرار الذي حدد سعر الخيط بالجمارك بـ 3 دولارات والأقمشة بـ 3.5 دولارات أي بفارق نصف دولار، وليس انتهاء بقرارات رفع سعر الخيط المحلي إلى سعر يفوق السعر العالمي واصل المرافئ السورية مع ربح التاجر وأجور الشحن، مع العلم أن الخيط المحلي أقل جودة في التصنيع ويتقطع بشكل متكرر، وهذا يستلزم وقت أطول ويزيد تكلفة الطاقة والتشغيل، عدا عن أن المعامل المحلية للقطاع العام تحصل على الطاقة بأسعار مدعومة 155 ألف ليرة لطن الفيول و 185 ليرة للتر المازوت، فيما يُباع للقطاع الخاص طن الفيول بـ 233 ألف ليرة ولتر المازوت بـ 285 ليرة.‏

الإجراءات التي تم اتخاذها حتى اليوم تقوم على اختصار صناعة النسيج بصناعة الألبسة، مع العلم أن صناعة الألبسة هي قيمة مضافة على صناعة النسيج التي تبدأ بزراعة القطن وتربية دودة الحرير التي تم القضاء عليها، مروراً بحلج القطن وغزله وحياكته وصباغة الأقمشة وتحضيرها لصناعة الألبسة، التي كما ذكرنا هي قيمة مضافة على صناعة النسيج.‏

هناك من يُروج إلى أن عدد العاملين في قطاع صناعة الألبسة أكبر من عدد العاملين بقطاع النسيج، وهذا تضليل آخر، إذ إن منشأة واحدة من قطاع النسيج تُعادل كاستثمار مئات ورش الخياطة، وهذا التضليل يحصل في الاجتماعات المخصصة لمناقشة واقع صناعة النسيج، حيث يتم تجييش عدد كبير من العاملين بصناعة الألبسة مثلاً، ثلاثة ممثلين للألبسة الرجالية وثلاثة لألبسة الأطفال ومثلهم للنسواني وكذلك للألبسة القطنية والحبل يطول، وكلهم مقابل عدد محدود من ممثلي صناعة النسيج، والنتيجة تكون لعدد الأصوات.‏

هناك عدد من الدول التي تمنع استيراد الأقمشة مثل: تركيا – الهند – الباكستان – مصر – الولايات المتحدة ، حفاظاً على صناعة النسيج ، فيما الوضع يختلف لدينا ، وأبواب الاستيراد والتهريب مشرعة لتوريد الأقمشة ، وهذا دفعنا ثمنه ، ففي العام 2014 عندما بدأ بعض السوريين المستثمرين في مصر يفكرون بالعودة غيروا رأيهم أمام ما يحصل لدينا في هذا القطاع ، وقد تنبهت مصر لذلك ومنعت استيراد الأقمشة وتشددت بالعقوبات لدرجة لا تسمح لأحد أن يفكر بذلك ، والأسوأ في الأمر أن هناك أصوات في سورية تطالب بالسماح للمنتجين السوريين في مصر بإدخال منتجاتهم الى سورية.‏

إذا كانت الحكومة مستمرة في قرار السماح باستيراد الأقمشة ، فلماذا لا تقوم بربط الاستيراد بالتصدير وفق ضوابط ، فهل يعقل أن نستورد آلاف الأطنان ونقوم بتصدير 700 طن ؟ كيف نبرر ذلك وقطاع النسيج يعمل بـ 10 % من طاقته ؟ ،كيف نمنع مثلا استيراد الاكرليك ضمن مخصصات صناعية ولا نمنع استيراد الأقمشة ؟ ، الأقمشة المُسنره لم يتم السماح باستيرادها يوماً فلماذا تم السماح باستيرادها ؟ لماذا سمحنا باستيراد الأقمشة بدون قيود مع أنها كانت محددة بعرض 150 سم لحصرها بالقمصان والبدلات ؟.‏

أيضا موضوع الدعم له اثر سلبي على قطاع النسيج فكما ذكرنا أسعار الطاقة أعلى من مثيلاتها في دول الجوار وهناك فارق كبير أيضا بين أسعار الطاقة للقطاع العام والقطاع الخاص، عدا عن أن الأسعار قد تم احتسابها على دولار بسعر 525 ليرة سورية، بفارق مئة ليرة سورية عن سعر الدولار اليوم، فلماذا لا تُحتسب الغزول على سعر المركزي؟.‏

قطاع النسيج يترنح تحت وطأة قرارات إن استمرت ستجهز عليه وعلى ما تبقى من تاريخ صناعة النسيج، وسنتحول لورش خياطة للأقمشة التركية التي تدخل بشهادات منشأ مزورة، وسنقوم بتصدير القطن بعد حلجه بدل أن نقوم بتصدير الألبسة.‏

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]