مسبع الكارات

معد عيسى

مع تحرير أي منطقة من سيطرة المجموعات الإرهابية المسلحة، تُطلق التصريحات عن إعادة إعمار هذه المنطقة،

ولكن مَن سيعيد إعمار تلك المناطق؟ هل هي الشركات الإنشائية؟ وهل هذه الشركات قادرة على ذلك؟ وهل تمتلك الكوادر؟‏

مَن يتابع واقع الشركات الإنشائية يُدرك عجز هذه الشركات عن القيام بهذا الدور بعد أن أصبحت في كثير من الأحيان عاجزة عن دفع رواتب موظفيها، وليس السبب عدم وجود جبهات عمل بل لأن إداراتها المتعاقبة أوصلتها لهذه الحال وباتت عاجزة عن تنفيذ أبسط المشاريع ولم تعد أكثر من إدارات لمشاريع تحصل عليها بامتيازات منحها إياها المُشرع تُعطيها للقطاع الخاص ليقوم بتنفيذها بمواصفات سيئة، لأنه يعمل ليربح فيما الربح ذهب للجهة الإنشائية الفائزة بالمناقصة، ولذلك عليه أن يُخفض المواصفة لكي يحقق أرباحه وكل ذلك على حساب جودة التنفيذ، وعليه يجب منع أي جهة من الحصول على مناقصة ما لم تكن تمتلك الآليات والكوادر التي يحتاجها المشروع للتنفيذ.‏

استعداداً لإعادة الإعمار يجب أن يتم إنشاء شركات جديدة بكوادر مهنية وإدارية شابة يكون لها الاستقلالية الإدارية وتمتلك أسطولاً من الآليات الجديدة الخاصة بها، فيما يتم إسناد إداراتها لخبرات معروفة مثل وزراء سابقين أو مديرين وقيادات عسكرية كان لها وقعها في معركة تحرير سورية من يد الإرهاب، وفي تجارب الدول الصديقة أمثلة كثيرة، وهناك بعض الشركات في هذه الدول أخذت صفة الإقليمية والدولية بعد أن نجحت في دولها، وأصبح لديها مشاريع خارجية، وهي ليست بعيدة عن شركاتنا، ولا سيما مؤسسة الإسكان العسكري التي نفذت قبل أن تترهل على يد إداراتها المتعاقبة مشاريع ريادية في روسيا وليبيا والسودان ولبنان والجزائر ومثلها فعلت الشركة السورية للشبكات.‏

من حق الشباب الذين شاركوا في معركة التحرير أن يكونوا في مقدمة المشاركين في معركة إعادة الإعمار، لأن من كان وفياً في معركة التحرير سيكون وفياً في معركة البناء، ومن قاد معركة التحرير سيكون ناجحاً في قيادة مشاريع الإعمار، ولذلك يجب أن يكون هناك شركات جديدة بتجهيزاتها وكوادرها وقياداتها بعيدة عن ترهل والتواءات الشركات القائمة وبمزايا تتجاوز الحوافز.‏

 

تعديل القوانين المتعلقة بعمل الشركات الإنشائية لنواحي التعيين ومنح الحوافز وحرية اتخاذ القرار بات ضرورياً، ولا بد من تحرير هذه الشركات من كل القيود ومحاسبتها على النتائج وليس على التفاصيل وتسلسل الخطوات التنفيذية، لأن مستجدات التنفيذ تستوجب قرارات وإجراءات غير منصوصة في دفاتر الشروط، ومعالجتها تحتاج إلى السرعة حسب مقتضى الحاجة ولا يمكن تأجيلها وإعادة النظر وتبريرها إدارياً، لأن الحكم والحساب والمكافأة سيكون على النتائج وليس على تسلسل الخطوات والقيود الورقية.‏

غَيرت الشركات الإنشائية دورها واختصاصها وأصبحت مقاولاً بالوساطة وتاجراً تدخل إلى كل القطاعات والاختصاصات بعد أن فشلت في تحقيق الأهداف التي أُحدثت من أجلها، وأخذت صفة الشمولية على مبدأ (تسبيع الكارات) الذي يعني في المُحصلة الإلمام بكل شي والفشل في التفوق بأي شي، ولا بد من إشراك القطاع الخاص في هذه العمليات بشكل مباشر وتحت إشراف الدولة وبدون وسطاء.‏

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]