اقتصاد الكفاءة والكفاية وإعادة الإعمار السـورية

أ.د: حيان أحمد سلمان

 

نقصد «بالكفاءة» أو «الفاعلية الاقتصادية» الوصول في كل القطاعات الاقتصادية إلى حالة الاستغلال الأمثل للموارد الاقتصادية بأكملها (المتاحة والكامنة) من مادية ومالية وبشرية وإنتاجية وتسويقية.. إلخ, أي زيادة إنتاجية العمل وهي مؤشر ومعيار الكفاءة لأنها تعبر مباشرة عن (قيمة الإنتاج ÷ قيمة عناصر الانتاج), أي إنها مفهوم رقمي آني, ومع زيادتها يزداد معدل النمو الاقتصادي ويصل الإنتاج المحقق إلى الحد الأقصى, ويترافق هذا مع زيادة القدرة والإمكانية على إشباع الرغبات والحاجات المجتمعية, أما الكفاية الاقتصادية فهي مفهوم نسبي, وتعبر عن زيادة (نسبة المنتج الناتج عن استخدام مستلزمات محددة مع الزمن), وتستخدم للمقارنة بين قطاع و آخر أو على مستوى الاقتصاد الكلي من سنة لأخرى, أي إنها (الإنتاج الأفضل بالتكلفة الأقل), ويتم هذا من خلال التوليف الأمثل بين عناصر العملية الاقتصادية سواء كانت إنتاجية أو تسويقية, وهذا ينعكس إيجاباً على كل المكونات المجتمعية من منتجين ومستهلكين, مع الإشارة إلى أن عدد المستهلكين أكبر من عدد المنتجين, ومما سبق يتبين لنا التلازم بين (الكفاءة أي الفاعلية والكفاية), ولكن يجب ألا ننظر إليهما على أنهما مفهومان متطابقان, فقد يكون الموقع الاقتصادي فعالاً وذا كفاءة لكنه ليس ذا كفاية, أي إنه يحقق أهدافه المنشودة لكن من دون ربح وربحية, وهذا يؤثر سلباً في كفاية الموقع وفعاليته الحالية والمستقبلية, والعلاقة بين الكفاءة والكفاية هي أن الكفاءة والفاعلية هي إنجاز العمل الصحيح الرابح من خلال التحسين المستمر والتطوير الدائم أي إنها مرتبطة بالقيادة وليس بالإدارة, بينما الكفاية هي إنجاز العمل بشكل صحيح من خلال التطبيق الأمثل للقوانين والأنظمة المعتمدة, أي إنها مرتبطة بالإدارة وليس بالقيادة, لكنهما في النهاية يعبران عن العلاقة بين كمية أو قيمة (المخرجات/ المدخلات) أي إنه كلما زادت القيمة و النسبة بينهما كانت الكفاءة والكفاية أعلى وأفضل وأن الإجراءات المستخدمة هي الأفضل والأحسن بين كل البدائل المتاحة أمام راسمي السياسة الاقتصادية السورية, وهذا أحد معايير الفرق بين القيادة والإدارة, ولتحقيق إعادة الإعمار في بلدنا وأمام التدمير الكبير الذي ألحقته العصابات الإجرامية في كل المواقع الاقتصادية نحن بحاجة إلى قيادة للعملية الاقتصادية وليس إدارتها رغم أهميتها ؟!, وهذا يتطلب النظر في أن عملية إعادة الإعمار تتطلب منا إجراءات غير عادية لأننا في ظرف غير عادي, وهذا استخدمته أغلب الدول التي تعرضت لمثل ظرفنا الحالي أو أقل منه، ومن هنا نقول حسناً فعلت الحكومة السورية في اجتماعها وبدعوة من رئيس مجلس الوزراء وبتوجيه من السيد الرئيس الدكتور بشار الأسد بإعمار كل شبر من الأرض السورية طهرّ من الإرهاب, سواء كان في (غوطتنا الغناء أو حلب ودير الزور وحمص …إلخ ), وسيتم هذا أيضا عند تحرير بقية المناطق السورية الأخرى , وقد وجهت رئاسة مجلس الوزراء بتحقيق ذلك على مستوى الاقتصاد الكلي من خلال تفعيل المؤشرات الاقتصادية الكلية مثل (زيادة معدل النمو والإنتاج والإنتاجية, وتقليل معدل البطالة والمستوى العام للأسعار والتضخم, وتفعيل استخدام الموازنة والإنفاق الحكومي وسعر الفائدة وتحصيل الضرائب, وتحسين واقع الميزان التجاري والمدفوعات… إلخ, وأن يترافق هذا أيضا مع تفعيل عمل الاقتصاد الجزئي، أي على مستوى الأفراد والمؤسسات والشركات والسلع وغيرها, وفي رأينا إن السياسة الاقتصادية لإعادة الإعمار والبناء يجب أن تنطلق من مؤشرات الاقتصاد الجزئي للوصول إلى تطوير مؤشرات الاقتصاد الكلي, وفي هذه الحالة نتجاوز إشكالية تضييع الوقت للإجابة عن سؤال: في أي نموذج اقتصادي سواء ( كان مخططاً أو ليبرالياً أو مختلطاً… إلخ) نريد رغم أهمية اعتماد نموذج اقتصادي؟!, لأن المهام التي تواجهنا هي أكبر وأهم, وتالياً فإن اقتصاد (الكفاءة والكفاية) يتحقق من خلال المشاركة المجتمعية لكل من الحكومي والخاص, وبالاستغلال الأمثل لكل شبر من الأرض السورية وكل طاقة إنتاجية وخدمية متاحة, وهذا يعني جملة واحدة فقط هي، زيادة مردودية الليرة السورية المستخدمة في كل مجالات إعادة الإعمار والبناء.

تشرين

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]