في امتحان زيادة الرواتب..

علي بلال قاسم

يشكل ملف إصلاح الرواتب والأجور هاجساً مزمناً لدى صناع القرار؛ لأنه الامتحان الحقيقي لشطارة هذا الفريق الاقتصادي أو ذاك  في دغدغة أكثر القضايا حساسية عند المواطن، وبنفس الوقت يعد الميزان الحقيقي على الرفاهة والانتعاش التنموي الذي تنشده الدول في سياساتها الهادفة إلى تطوير الحياة المعيشية والاجتماعية حيث تتربع مسألة رفع مستوى الدخول في صدارة الأولويات عند الفرز وتصنيف الدول المرتاحة من المتعبة في المردود المالي لأبنائها.

في الرواية السورية ثمة مواجع وتقلبات شهدها موضوع التعاطي الحكومي مع سلسلة رواتب العاملين والموظفين إن كان في القطاع العام أو الخاص وحتى المشترك والمنظمات الشعبية، فمع الشعور الدائم بعدم الرضا التام لكل الخطوات الحكومية المتخذة في هذا المجال يرى أقطاب الحكومة أن تحولات جوهرية أصابت الأجور خلال السنوات العشر  الأخيرة من عمر الإصلاح الاقتصادي والتطوير الإداري، ويبدو أن السجال التقليدي لن ينتهي مع وعود جديدة بتحرك منشود بهذا الشأن؛ لأن الهوة بين القدرة الشرائية والأسعار التي تسعى الحكومة لردمها تتسع وتتعاظم بشكل أوتوماتيكي وبحكم العادة.

لا يمكن لأحد أن يقنع بسقف محدد للرواتب لأن المسألة مرتبطة برغبة  آدمية مشروعة وطموح مرتبط  بالمزيد، ولكن المشكلة في الملاءة وتوافر الموازنات المالية القادرة على الدفع بهذا الاتجاه، وهنا مربط الخيل إذ لطالما وقفت الحكومات عاجزة عن تلبية طموحات الناس لعدم وجود اعتمادات وبنود تسمح بزيادة ما أو منحة أو حتى مكافأة تصرف لمرة واحدة.

وهذا كان في زمن الاستقرار، فكيف الحال ونحن في ظرف طارئ تتعالى فيه الأصوات المغلفة بكثير من الشائعات والمطعمة أخيراً بتطمينات حكومية مفادها أن هناك نقاشاً جاداً لزيادة الرواتب، وهذا ما شكل عنصراً مفاجئاً للمراقبين والمحللين الاقتصاديين الذين اتفقوا على غرابة التوجه في هذا التوقيت بالذات، متسائلين هل فحوى  الموضوع  تحدٍّ سياسي واقتصادي تريد أن ترسل من جرائه رسائل على أكثر من جبهة إن بدأت بتعزيز دور الدولة الأبوي والمستوعب لكل الشرائح والفعاليات، فلن تنتهي عندما يساهم بتقوية الرصيد المرتبط بالصمود على كل الجبهات.

مهما تعددت التسميات وتوصيفات الخطوة المتعلقة بزيادة الرواتب فإن المهم وفي هذا التوقيت البحث عن كل ما يدفع المواطن إلى تعزيز مناعته ودعم صموده في مرحلة نهايات الأزمة وما يتخللها من تداعيات وتقلبات نشهد تفاصيلها في سوق مضطرب وقدرات شرائية مهزوزة..

وبالتالي فإن النموذج الاقتصادي السوري المقاوم والمختلف عن غيره يتطلب فواتير أكبر ولو اقتضى الأمر تحسيناً في كل القطاعات التي تساهم في خدمة الحياة المعيشية لمواطن يستحق الكثير كرمى لصموده وتمسكه بدولته ومؤسساته.

 

 

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]