أداء تحت المراقبة…

 

قروض متعثرة، ومشاريع متعثرة، واستثمارات تعاني التعثر (تطرح ويعاد طرحها)، وقوانين متعثرة، قائمة تطول ولا ندري إلى أين المستقر..، والسؤال الذي يجب أن يقض مضاجع المسؤولين عن ذلك لا يقض ولا يعظ..، لماذا لا يكون هناك قياس للأداء وللإنجاز..؟!.

ونعطف بسؤال مهم آخر: هل من الممكن أن نشهد نمطاً جديداً من وزرائنا..؟، فنقد أداء بعضهم لا يعني إطلاقاً تقليلاً من قيمة أداء الكل، إذ لا يوجد جهاز حكومي في العالم تتمتع جميع وزاراته بالأداء نفسه.

كما والمهم ليس توجيه النقد لأداء جهة حكومية وإنما لأجل ضمان أننا نسير على خطا ثابتة ومتسارعة أحياناً من أجل تحقيق ما نخطط له مرحلياً واستراتيجياً .

ولأجل ذلك الضمان والاطمئنان على ما يجب أن يتحقق ولا يتحقق، والوقوف على أسباب الخلل والتقصير، وبالوقت عينه إظهار النجاحات في الجهات والأجهزة التي استطاعت..، وجعلها إماماً وقدوة لمثيلاتها وزميلاتها ممن تعاني حتى التعثر في الفشل..!؟.

لأجل كل ذلك وغيره قد يكون من الضروري إنشاء مركز وطني لقياس أداء الجهات والأجهزة العامة، للتأكد من مدى تحقيق الأجهزة الحكومية المخرجات المتوقعة منها، وغيره من المراكز والمبادرات الوطنية التي تسعى لتحقيق المخطط له من رؤى.

وعليه سيكون معيار الأداء الحكومي، ليس على استهلاك الجبن وطلب مزيد منه وفقاً لكتاب “من أكل قطعة الجبن الخاصة بي”، ولكن وفقاً للمشاركة في صناعة الجبن واستشعار مسؤولية إيجاد البدائل التي ستساعد على إيجاد صناعات أخرى غير الجبن.

إن معيار أداء القطاع الحكومي سيكون ليس على استهلاك الجبن وطلب المزيد منه وفقاً لكتاب “من أكل قطعة الجبن الخاصة بي”، ولكن وفقاً للمشاركة في صناعة الجبن واستشعار مسؤولية إيجاد البدائل التي ستساعد على إيجاد صناعات أخرى غير الجبن.

ولإعطاء الزخم لذلك المركز وعمله بما يضمن استقلاليته وحياديته في المعلومة والقرار والحكم، يُفضَل أن تكون تبعيته لأعلى سلطة في البلد، ومن الممكن أن يرتبط مباشرة برئيس مجلس الوزراء، ما يمنحه قوة ورسالة واضحة أن قياس الأداء سيتم من أعلى سلطة.

ولزيادة في الجدوى والفعالية من الواجب أيضاً ألاَّ يكتفي المركز بقياس الأداء وفقاً للتقارير التي تصدرها الجهات الحكومية فقط -على الرغم من أهميتها- وإنما سيقيس الأداء وفقاً لثلاثة محاور رئيسة:

أولها قياس تحقيق الأهداف والمستهدفات من كل جهاز من أجهزة الدولة وفق معايير تقيس أهداف كل جهاز ومخرجاته المتوقعة منه؛ وثانيها قياس تحقيق المبادرات عبر قياس ما تم إنجازه وفقاً للمبادرات المعتمدة من كل جهاز وفقاً للرؤية والاستراتيجية العامة للدولة؛ أما ثالثها فيتمحور حول قياس رضا المستفيدين، وهذا المقياس جديد على قطاعاتنا الحكومية لأننا في السابق كنا ننظر لتقارير الأداء من قبل الجهة المقدمة للخدمة وبشكل خاص التقرير السنوي دون التفاتة حقيقية لمدى أثر هذه الخدمة في المستفيدين منها على الرغم من أنهم الأساس الذي من أجلهم وضعت الخدمة.

هذه  المحاور الثلاثة تقيس الأهداف والمخرجات من كل جهة وجهاز، وبذات الوقت تقيس مدى إسهام مبادرات كل جهاز حكومي في تحقيق “الرؤية والاستراتيجية”، وكذلك قياس الأداء بناء على رضا المستفيدين من خدمات كل جهة أو جهاز.

وبالنتيجة فإن هذه المعايير تتكامل فيما بينها من أجل ضمان أن يتم قياس أداء كل جهاز حكومي بشكل شمولي.

نلفت لذلك لكون البعض مع الأسف لم يستوعب بعد ضرورة التغيير في آلية اعتماد الميزانيات، من ميزانيات تعتمد على المدخلات إلى ميزانيات توضع وفقاً للمخرجات، فالأبواب الأربعة في الميزانيات قد لا تكون لها قيمة حقيقية إذا لم ينعكس أثرها على المواطن بشكل مباشر.  لذا فالميزانيات الحالية يجب أن تسير نحو التحول من ميزانيات تعتمد على المدخلات إلى ميزانيات تعتمد على المخرجات ووفق معايير الأداء.

نعتقد أن إنشاء مركز وطني لقياس أداء الجهات والأجهزة العامة سيشكل نقلة نوعية في الأداء الحكومي عامة على المديين المتوسط والبعيد، خصوصاً بعد تحديد معايير الأداء التي سيقاس في ضوئها أداء كل جهاز حكومي.

وهذه المعايير ستحفز الأجهزة الحكومية، ليس فقط في تغيير أداء عملها، لكن أيضاً في آلية استقطابها للموارد البشرية التي ستساعدها في تحقيق أهدافها، فلن يعد التقرير السنوي الذي تصدره الجهات الحكومية الآلية الوحيدة التي سيعتمد عليها عند تقييم أداء الوزارات الحكومية والأجهزة العامة الأخرى، لأن التقييم سيتم وفق آليات محددة ودقيقة.

إنَّ التشمير عن السواعد ورفع كفاءة الأداء من أهم عوامل كسب الثقة.. وليس مجرد العرض والاستعراض

 

قسيم دحدل – البعث

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]