الملاجئ الآمنة..!!

ابتكر حيتان المال في العالم أداة فعّالة للتهرّب الضريبي، تتيح لهم وضع أموالهم بسرية تامة في ملاجىء أو ملاذات آمنة!.

ولأنهم من أصحاب النفوذ ويدهم تصول وتجول في بقاع المعمورة، فقد وفّر حيتان المال الحماية لهذه الملاجئ التي لم ينفضح أمرها إلا في عام 2016. وقد أنقذت الملاجئ الآمنة حيتان المال من السمعة السيئة، لأن المتهرّب من الضريبة في الكثير من دول العالم يعدّ مجرماً ومهدداً بالسجن، ويُحرم من الوصول إلى المناصب العامة، بالإضافة إلى نبذه اجتماعياً والتشهير به إعلامياً!!.

السؤال الآن والمهمّ جداً: ما هي الملاجئ الآمنة لحيتان المال المتهرّبين من تسديد الضرائب المقدرة بالمليارات في بلدانهم؟..

إنها شركات الأوف شور!!..

لا تستغربوا.. نعم هي شركات الأوف شور التي يُكال لها المديح، ويصوّرها البعض على أنها عنصر مهمّ في تنمية الاقتصادات الوطنية وتنشيط التبادل التجاري!!.

السؤال: هل صحيح أن هدف شركات الأوف شور توفير المرونة لإبرام العقود والصفقات السورية خارج الحدود الوطنية؟.

نعم هذا هدفها المعلن.. لكن الهدف الفعلي هو التهرّب من الضريبة!.. ومن السذاجة القول: إن شركات الأوف شور تؤمّن موارد مجزية لخزينة الدولة، فهي كما تؤكد الوقائع ليست أكثر من ملاجئ خارجية للمتهربين من الضريبة!.

قد يكون الهدف المعلن من تأسيس شركات أوف شور في بعض البلدان النامية مواكبة وتسهيل الأعمال التنفيذية للتبادل التجاري الخارجي، لكن لاحظ المنتقدون لهذا النوع من الشركات أنها تتيح تحرك رؤوس الأموال بسهولة بذريعة الاستثمار والتجارة، ما يوفر لها إمكانية التهرّب الضريبي بمنأى عن أية رقابة مسبقة أو لاحقة!.

ما تعريف الأوف شور؟..

إنها تعني “عبر الشاطئ” أو “من الداخل إلى الخارج”، أي تتمركز الشركة في بلد معيّن وتنفذ أعمالاً في بلد آخر يخضع لسيادة دولة أخرى.. وهنا تبدأ لعبة التهرّب الضريبي!.

عندما تسعى الدول التي تشجع على توطين شركات الأوف شور على أراضيها، لتكون جاذبة لحيتان المال ليودعوا المليارات في مصارفها التي تلتزم بسرية أسماء أصحابها.. فهذا يعني أن شركات الأوف شور تحوّلت إلى أدوات فعّالة للتهرب الضريبي لجميع حيتان المال في العالم!.

وليست مصادفة إطلاقاً تسمية دول شركات الأوف شور بدول “النعيم الضريبي”!.

لقد كشفت “وثائق بنما” المتسربة عام 2016 عن كمّ هائل من البيانات لشركات ومصارف وأشخاص يتعاملون مع الشركات الوهمية أو ما يُسمّى بالأوف شور، إذ ذكرت الوثائق وجود أكثر من 210 آلاف شركة وهمية في 21 منطقة ومقاطعة حول العالم، هدفها توفير الملاجئ الآمنة لحيتان المال المتهربين من الضريبة!!.

يكفي أن يقوم “حوت مالي” يعمل في النقل البحري مثلاً أن يرفع علم دول شركات الأوف شور ويبرم مئات الصفقات التجارية بمليارات الدولارات دون أن يدفع بنساً واحداً لخزينة دولته!!.

وعندما تكشف “وثائق بنما” عن وجود ثروة تُقدّر بأكثر من 11.5 تريليون دولار يخفيها حيتان المال في بلدان الأوف شور، فهذا يؤكد أن هذه الدول وفي مقدمتها سويسرا هي “ملاجئ ضريبية آمنة”!.

المذهل أن حيتان المال العالميين يتهربون من الضرائب عبر شركات الأوف شور منذ 40 عاماً فقط!!.

 

علي عبود – البعث

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]