معادلة معيشية..!

 

بشير فرزان

نعترف بأننا لسنا خبراء في الاقتصاد ولن ندعي المعرفة بسياسات النقد أو بالقدرة على تحليل سلسلة انخفاضات سعر الصرف وغيرها من المتواليات الحسابية التي تستعصي على الحل كونها مصنفة من أصحاب الاختصاص ضمن المعادلات الاقتصادية “مستحيلة الحل” ومنها المعادلة المعيشية التي تبحث عن التوازن مابين رواتب الموظفين على سبيل المثال لا الحصر وقيمة الإنفاق الشهري للأسرة السورية والتي تتراوح مابين 250و300  ألف ليرة وبشكل يضع السياسات الحكومية على المحك المعيشي.

وطبعاً إقرارنا الصريح والواضح هذا لا يحرج قراءاتنا المتواضعة المستنبطة ومن واقع حالنا والتي تشير إلى حالة الفوضى والعشوائية التي تتوالد فيها المشكلات والتحديات وبشكل يضع راسم السياسة الاقتصادية أمام تحدي تنمية حياة المواطن المعيشية، ولكن بإجراءات تقطر حلاوة عبر التصريحات الإعلامية في حين يتلوى الناس من علقم مرارتها على مدار الساعة حيث تدور فيها رحى المواجهات الخاسرة بين الواقع الذي ترسمه القرارات على الأوراق وبين يومياتهم المسجلة في خانة الغبن المعيشي ونستثني هنا بعض المواد التي لا تتعدى عدد أصابع اليد.

إن التدرج الموعود في الانتقال نحو أجواء أكثر أماناً من جميع النواحي لا يزال محفوف المخاطر وغير موثوق النتائج فأسعار السلع بقيت على حالها دون أي تغيير فعلي يمكن من خلاله ربط حقيقة  نتائجها الرقمية ومؤشرات انخفاضها بتحسن حقيقي للواقع المعيشي الذي لا يمكن قراءة مؤشرات تعافيه إلا من خلال فتحات جيوب المواطن الصغيرة ومقدار كفايته المادية والمعيشية التي باتت تحت خطوط الفقر حسب كل الدراسات، خاصة مع سياسات التجريب التي طبقت وتطبق منذ سنوات.

ومنذ التبني النظري والمشوه لهوية الاقتصاد الاجتماعي سقط المستوى المعيشي اللائق في غمار الأزمة وتهاوت مقوماته بين زحمة الأزمات المتنوعة اقتصادياً واجتماعياً وفكرياً، وما يثير القلق أكثر إطلاق بطاقة البحث عن موارد جديدة للدولة في الاتجاه المعاكس حيث تم توجيهها قسرياً نحو الحلقة الاقتصادية الأضعف عبر سلسلة من الضرائب التي استهدفت أصحاب الدخل المحدود مباشرة في حين دغدغت  أصحاب المداخيل الكبيرة بأرقام لا تذكر ولا تتناسب مع حقيقة دخلهم كما استثنت نفقات المسؤولين المتشعبة من  فاتورة الهدر التي لاحقت مستلزمات الموظف فقط وأعفت أساطيل السيارات الفخمة من المقاصصة الاقتصادية والإدارية.

والغريب أيضاً أن جميع الدراسات والاجتماعات تبدأ من نقطة التعافي الاقتصادي التي يصعب تحديدها زمنياً ولذلك لم تؤت جميع القرارات الصادرة ثمارها كونها تتعامل مع حالة افتراضية غير موجودة والبرهان على ذلك بقاء أسعار المحروقات وخاصة المازوت على حالها دون أي انخفاض من شأنه دعم إجراءات تحسين الواقع المعيشي بشكل أفضل نظراً لارتباطها الوثيق بجميع القطاعات.

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]