على حافّة الفضيحة..

 

علي بلال قاسم

لم يعُد الصمت المريب الذي مارسته الدولة خلال سنوات الحرب وعقود ما قبلها تجاه ملفات “التجار والصناعيين ورجال الأعمال” مقبولاً اليوم بعدما أصبح اللعب على المكشوف وافتضح المستور أمام الشارع والرأي العام، ليغدو أصحاب الرساميل الدسمة التي لا يخفى على أحد كيف تكدست، عراة حتى من ورقة التوت التي حاولوا تغطية عوراتهم بها بعناوين الاستثمار وتوظيف الأموال وإقامة الصناعات والمشاريع؟.

عبر سنوات طويلة لم نكن –نحن المواطنين- نتفهم سياسة الطبطبة وغناج الطبقة الاقتصادية، التي شكّلت ممارساتها حالات من التململ لا يشفع لها إلا ذاك الخطاب الذي أكل بعقل المجتمع حلاوة عندما قدّمهم في الصفوف الأولى ليعتلوا المنصات محاولين ذر الرماد في العيون على أنهم وطنيون ومنتمون حقيقيون، ومع تراكم القضايا والأضابير غير النظيفة من سرقة المصارف بحيل القروض والودائع الوهمية إلى التهرّب من التكليف الضريبي إلى الاستحواذ على مشاريع الدولة واحتكار الصناعة والتجارة إلى……، لم تعُد الحكومة قادرة على مواجهة المجتمع والتغطية على من يفترض أنهم شركاء في التنمية وصناعة القرار كما كانوا يسوّقون لخطف المكاسب التي كانت تمرّر تحت مبرر “لا لنا في السياسة نحن اقتصاديون”؟. وهنا كانت الطامة التي جعلت بعضهم يطمع لدرجة ارتكاب “السبعة وذمّتها” دون محاسبة بشفاعة تأييد الدولة فقط؟.

اليوم هناك واقع جديد وظروف مختلفة أفضت إلى قلب المفاهيم، فالزمن الذي كانت فيه الحكومة تعُدّ للألف عندما لوحت بنشر لائحة إعلامية سوداء للتجار المخالفين والمرتكبين وكذلك المتهربون ضريبياً ولم تفعل راح وولى –كما يقرّ الكثير من صناع القرار- لتشهد التطورات توجهات لم يعُد فيها مجال للصبر وامتصاص أخطاء “الرأسمالية الوطنية” حيث جاء الزمن المناسب للتشهير بهم بعدما سرّبت بنوك أوروبية بين الفينة والأخرى أنباء عن أرصدة رجال أعمال سوريين يدّعون أن أعمالهم متوقفة ولا يستطيعون سداد قروضهم، وبعضهم تذهب الشكوك والظنون بهم إلى حدّ التثبّت من دعم الإرهاب.

هنا يعرف المواطن أن الدولة تدرك الخمير والفطير وصمتها أحياناً ليس ضعفاً وهي تمسك بملفات المتورطين ولكنها لم تحبّذ التشهير في يوم ما، لكن حالياً أمام جملة الانتهاكات التي مارستها وما زالت بعض الفعاليات الاقتصادية بحق المقدّرات والأخلاقيات ولعبت دوراً وسخاً في سياق الأزمة الراهنة، ومع بدء تدفق الأخبار الفضائحية، لم يجد الكثيرون بدّاً من المسارعة لتسوية أوضاعهم المصرفية وتوقيع اتفاقيات جدولة عبر دفعات حسن نيّة للإيفاء بالالتزامات وتسديد الديون، وهذا ما بدا جلياً في المصرف العقاري الذي يشهد قدوم كبار المقترضين للقيام بإجراءات التسوية وكذلك الحال في الصناعي والتجاري.

فهل بدأنا نقطف ثمار التشهير الذي يفعل فعله عند من تهمّهم السمعة التجارية والصفحة النظيفة ليس عند أجهزة مؤسسات الدولة بل عند مجتمع اقتصادي وسوق ومستهلك هم في منتصف الطريق للتعافي؟…وبالتالي ثمة فصول ومشاهد للتكويع تنطبق على الاقتصاديين كما هو حال السياسيين بالعي اللسان؟.

 

 

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]