لعنة التكنولوجيا تلاحق موظفي الدولة..؟!

 

عندما استعجلت الحكومة ملفّ توطين الرواتب كانت المبررات تقول: إننا تأخرنا كثيراً ولا بد من تسريع الخُطا لإنجاز النصيب الأكبر في هذا المسار إيماناً بأن التكنولوجيا البنكية لها من الجدوى ما لم تعهده المؤسسات في الأنموذج التقليدي القائم على المعتمد المالي أو المحاسب، ومع إيجابية الطرح وأهميته لجهة أتمتة العمل المالي وضخّه في قنوات متاحة للجميع وفي الوقت الذي يناسب أصحاب الأرصدة، فإن جملة العيوب والنواقص التي تشكّلت مع الزمن والتطبيقات المتتالية جعلت التعاطي مع الصرافات بمنزلة العقوبة التي تلاحق صاحب الراتب مطلع كل شهر.

ومع الاعتراف بقيمة ما اشتغلت عليه المصارف من نشر الصرافات لتكون السيولة متوفرة وحاضرة في كل الأمكنة التي تستلزم التعامل “بالكاش” الذي لا يفضّل معظم دول العالم التعامل به لأسباب اقتصادية ومالية وكذلك أمنية، فإن الإنجاز المحلي لدينا توقّف عند التوطين فقط وليس إلغاء “البنكنوت” ليكون الفيزا كارد والتعامل الإلكتروني هو البديل، ومع ذلك لم يسلم هذا الجانب من الوقوع في شرك الأخطاء البشرية والتقنية.

وبعيداً عن مفرزات الأزمة وتداعياتها على القطاع وغيره، ثمّة إشكاليات لم تقتصر على لعنة ما تعوّدنا عليه من أن الصراف خارج الخدمة، بل ثمة عيب بات الجميع يدركه مفاده سوء توزيع الكوات ومنافذ سحب الأموال، لنجد أن الأماكن التي تستلزم أكثر من صراف تخلو من هذه الخدمة، في حين توجد في مناطق غير فاعلة، والوجه الآخر للموضوع الاكتفاء بصراف واحد لا غير في مكان مزدحم ويشهد إقبالاً واسعاً، في الوقت الذي تعاني فيه مدن مهمّة من غياب هذه الخدمة الحيوية التي تتعلق بمصادر دخل العاملين والموظفين والمتقاعدين، وكذلك أصحاب الحسابات في المصارف العامة والخاصة.

اليوم هناك من الظروف والمستجدات ما يزيد المسألة تعقيداً، ولاسيما مع خروج الكثير من الصرافات من الخدمة في المناطق الساخنة ولجوء معظم الناس إلى مناطق محدّدة للحصول على الرواتب أو سحب مبالغ لزوم الحياة المعيشية، وهنا الطامة الكبرى حيث الطوابير والازدحام الذي شكّل فيما بعد أشكالاً من التلاعب والسرقات وسوء التصرف إن كان بالأجهزة أو بحسابات الآخرين، وهذا ما لمسناه حقيقة وتابعناه في نشرات وإعلانات التوعية التي تحذّر من لصوص البطاقات.

بيت القصيد أن بعض المؤسسات لجأ على سبيل الحيطة والحذر إلى التعامل السابق الذي يعيد للمحاسب دوره ضماناً لرواتب الناس وتجنّباً لأي مخاطر تتعلق بأمن الأموال والأشخاص، رغم أن هذا الجانب نفسه هو الذي دفع الحكومة إلى قطع خطوات ملموسة في طريق التوطين الذي يدفع اليوم لأسباب معروفة باتجاه التعامل المباشر، وهنا اللعنة التي قد تجعل أموال الموظفين في أيدٍ غير أمينة، وقد تكون أمام العابثين واللصوص فرصة الانقضاض على الأموال العامة، وهنا من الضروري التعامل بحساسية ودقة مع هذا الملف الذي يسعى الإرهابيون إلى النيل منه كجزء من الأهداف الرامية إلى ضرب الاقتصاد وسرقة أموال الشعب.

علي بلال قاسم

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]