انقلاب شاحنة يكشف خفايا سوق الفروج..!!

ربما لم تعد القضية مجرد تكهنات تتداولها ألسنة التجار والمواطنين عن وجود فروج مهرب في الأسواق، وخاصة بعد أن أعلنت مديرية جمارك حلب ضبطها شاحنة محملة بـ12 طناً من الفروج التركي المجمد، هذا بدوره يعطي تفسيراً لأسباب التذبذب اللافت للانتباه في سعر الفروج في الأيام الماضية كما تفيد توقعات المراقبين.

يقول مصدر مطّلع في جمعية حماية المستهلك: 80% من الفروج المطروح في السوق مهرب يدخل عن طريق حماة إلى حلب ليتم هناك حله وفك تجميده ومن ثم خلطه مع الطازج ليطرح في الأسواق السورية بفواتير نظامية، ويضيف: نحمد الله أن شاءت الأقدار وانقلبت شاحنة محملة بأطنان منه خلال الأيام الماضية لكي تستفيق الجهات المعنية وتبدأ باتخاذ كل الإجراءات المناسبة.

مائل للصفرة

خلال مدة قليلة لا تتجاوز 15 يوماً ارتفع سعر الفخذ منه حوالي 600 ليرة لينخفض سعره تدريجياً كل يومين بمعدل 100 ليرة، ما لبث أن عاود الارتفاع بالقيمة نفسها بعد أيام من تباين سعره الملحوظ منذ بداية شهر رمضان والى الآن هناك تفاوت في التخمينات حول الأسباب المؤدية لذلك، ففي الوقت الذي رأى فيه البعض أن التهريب هو أصل «البلاء»، هناك من أرجع الأسباب كالعادة للعبة التجار، في حين نفى مسؤول في التموين وجود تهريب، فالوزارة لم تضبط أي فروج مهرب كما يقول ، مشيراً إلى أن «كلام الناس كثير» أما السبب الرئيس فهو ازدياد الطلب على الفروج بسبب ارتفاع سعر اللحمة الحمراء.

«بعد 40 يوماً من فقس الصوص يضطر المربي إلى ذبحه و طرحه في الأسواق» يقول بسام درويش- عضو في جمعية حماية المستهلك والسبب أن وزنه يبقى ثابتاً بعد تلك المدة، فإذا ما كانت حركة الشراء ضعيفة لا يستطيع المربون أن يحصلوا التكلفة، فيعزموا على تقليل الأعداد التي يربونها في الأفواج القادمة كي يعوضوا خسارتهم في الأفواج السابقة، وهذا ما يسبب ارتفاع وانخفاض أسعار الفروج، فالقضية كما يراها قضية عرض وطلب كما كل السلع.

ويضيف: هذا لا ينفي غرق الأسواق المحلية بالفروج المهرب القادم من حماة والذي يمكن لأي مواطن تمييزه عن الفروج البلدي بلونه المائل للصفرة ولحمه الرخو غير المتماسك وعظامه المعتمة اللون التي تمييزه عن الطازج باللون الأحمر الزاهي، ويمكن له أن يفسد خلال يومين وغالباً ما يأتي مقطعاً فهذا أسرع في البيع وأسهل للخلط، مشيراً إلى أنه ما على الجمعية إلا إرشاد المستهلك وتوعيته.

نطالب بالتحليل

يبدو الاختلاف بين الفروج البلدي والمهرب بديهياً بالنسبة للمواطن العادي، فماذا عن وزارة التموين؟ يتساءل درويش بقوله: من الأولى للوزارة أن تقوم بتعيين أطباء بيطريين لضرورة الكشف عن المواد منتهية الصلاحية وخاصة فيما يتعلق باللحوم والأجبان والألبان فهي تعاني منذ وقت طويل من شحّ الأطباء البيطريين فلا يوجد في مدينة دمشق سوى طبيب بيطري واحد.

وأضاف: طالبنا بأعداد إضافية من الأطباء تندب من وزارة الزراعة إلى التموين ولكن لا حياة لمن تنادي، مشيراً إلى أن الحكومة تنفق المليارات على العلاج المجاني الصحي وإن وجود أطباء بيطريين يمكن أن يقلل من نسب الأمراض، وتالياً يقلص حجم الإنفاقات المالية المبذولة في هذا الاتجاه.

بينما تعجب معنيٌّ آخر في جمعية حماية المستهلك بقوله: إذا كانت الجهات المعنية تغضُّ الطرف عن دخول تلك الكميات الهائلة من الفروج المهرب فنحن لا نطالبها إلا بتحليل تلك المادة هل هي صالحة للاستهلاك البشري أم لا؟

وأضاف المصدر: الأوضاع قبل الأزمة كانت أكثر ضبطاً، فقد كانت جميع البرادات المحمّلة بالفروج تختم وتعاين من قبل طبيب بيطري قبل خروجها من المحافظة المنتجة، ولا يتم فك الختم إلا بعد وصولها إلى المحافظة المعنية لكن ذلك الأمر لم يعد موجوداً في ظل وجود الحواجز الأمنية التي تضطر لفتح أي براد قادم لضرورات أمنية.

سترة حال

لم تختلف أسباب ارتفاع سعر الفروج عند أغلبية المربين الذين التقيناهم، ففي رأيهم تربية الدواجن باتت خاسرة ويضطر المربي خلالها لإنفاق مبالغ هائلة من جيبه لتكبير الصوص ليصبح جاهزاً للبيع، يقول سامر أحد المربين: ارتفع سعر الصوص من 85 ليرة إلى 190ليرة ، واليوم أصبح يباع بسعر 450 ليرة، هذا أكثر ما أثر في سعر الفروج ناهيك بارتفاع سعر كيلو العلف إلى 215 ليرة ومع ذلك كل ذلك بكفة وأسعار الأدوية وسبل التدفئة في كفة أخرى، تلك الأسباب مجتمعة جعلت الكثير من المربين يحجمون عن تربية الدواجن.

بينما يحسب أحمد تكلفة تربية الفروج فيقول: باتت التكلفة الحقيقية للكيلو الواحد من الفروج تقدر بـ 900 ليرة بين تكاليف علف وأدوية ونقل، والمربي دائماً خاسر، وبالكاد يسترجع ما أنفقه من تكاليف، إنه يعمل «سترة حال» فقط، فيقوم ببيع التاجر بهامش ربح قليل وأي زيادة أخرى التاجر هو المسؤول عنها وفي رأيه ارتفاع سعر الفروج سببه التجار فهناك عدد محدود منهم يتحكمون بالسعر فيزيدونه بحسب أهوائهم والحجة التي يشيعونها دائماً موجودة لديهم وهنا يتساءل أحمد: أين دور وزارة التموين من كل ذلك الاستغلال؟

أين وزارة التموين؟

يرجع رئيس دائرة حماية المستهلك في مديرية التجارة الداخلية في دمشق جورج بشارة أسباب ارتفاع سعر الفروج المفاجئ إلى فتح الطريق وعودة بعض المناطق في المحافظات الأخرى التي تمت إعادتها إلى سيطرة الدولة إلى الاستهلاك ومنها حلب ومناطق الجزيرة التي بات يصلها الفروج عبر سلمية، ما تسبب في زيادة الطلب.

وأضاف: لاننسى تداعيات الأزمة وتأثيرها في الأسعار بشكل عام لكننا لا نعدها شماعة، فسعر الصوص ومصاريف الأدوية البيطرية زادت الضعف، إضافة إلى خروج مئات الدواجن من الخدمة والاعتماد حالياً على مداجن صيدنايا ودرعا إضافة إلى تكاليف النقل التي باتت تكلف أكثر من المواد المحملة فيها .

ولم يختلف رأي رئيس دائرة الأسعار في مديرية التجارة الداخلية في دمشق عبد المنعم رحال عن زميله، فإضافة إلى زيادة الطلب على الفروج بسبب زيادة عدد المناطق المستهلكة، رأى رحّال أن ارتفاع سعر اللحمة زاد الإقبال على لحم الفروج الذي بقي الملاذ الوحيد لمتوسطي الحال.

دانية الدوس – تشرين

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]