الدكتور سنان علي ديب يكتب للخبير السوري…إطلاق شارة بدء الإصلاح الإداري كمنطلق لإعلان الخلاص السوري

 

كان لبرنامج التطوير الإداري الذي أعلن في20 حزيران 2017 ،  صدى كبيراً جداً لم يترافق سابقاً مع طرح نفس البرنامج مرتين  الأول في خطاب القسم و الثاني في بداية الأزمة حيث كانت المرة الأولى في ظل بيئة و كوادر غير قادرة على السير به و بنى غير متوافقة وأدوات معرقلة للمثالية المطروحة، وفي المرة الثانية و التي كانت عبارة عن حل وسطي لعدم السير بمشاريع الدم و الدمار، ولكن ما كان مخطط له إقليمياً ودولياً فاق تصور الأغلبية وحتى القوى الرافضة ظناً منهم أن الغرب و أدواته الإقليمية هادفة لإيصالهم إلى السلطة متذرعين بما يسمى – كدس السم في الطعام -الديمقراطية و حقوق الإنسان ، ذلك  المزمار الذي يسعون من عزفه التدخل بشؤون البلاد و العباد و استمرارية التبعية و تدمير التنمية التي وصلت لها البلدان و جرها إلى قاطرة الاستعمار الجديد عبر مديونية استعبادية و ابتزاز دائم و استنزاف قاتل وما يهمنا أن الإعلان الأخير جاء بتوقيت مختلف و في ظروف مختلفة و بطريقة فرض مختلفة و بنفس وجدية مختلفة .

 

فقد جاء الإعلان في وقت تحولت المؤسسة العسكرية من منفعلة إلى فاعلة و مسيطرة على اغلب المناطق بعد حرب طاحنة مع قوى إقليمية أفاضت بالمال و السلاح و كل أشكال الدعم لمرتزقة جيء بهم من كل أصقاع الأرض، ليركبوا الحراك التي تعاملت مع طلباته الحكومة بجدية وحاولت تطبيق أغلبه قبل التسليح و اللعب المذهبي وكان هذا بتخطيط غربي مافيوي، لم يكن اي سوري حقيقي يعتقد بما يحاك لهم و حرف مطالبهم وحراكهم لدماء لقوى الدمقرطة المانعة لتطبيقها في أمثال بلداننا و الهدف تحويل سورية لدولة فاشلة ترافق هذا بحصار و عقوبات اقتصادية و سلب و نهب لما وصل لحدود 300 مليار دولار انعكس على الأداء الاقتصادي ولكنه لم ينل من عزيمة وصبر الشرفاء الداعمين للبلد وللمؤسسة العسكرية الضامن الوحيد لوحدته.

و بالتالي قبل التغلغل بتفاصيل مشروع الإصلاح كان طرح بعض القصص عن ما يسمى التشبيح وتجاوز القوانين و الفوضى من قبل بعض المتنفذين و أولادهم و بعض المسؤولين رسالة و ضوء اخضر للتصدي لكل أشكال الفوضى التي استغلت من قبل تجار الأزمة و الفاسدين وكل أشكال مخالفة القوانين و الهدر و الترف عبر طرح موضوع المواكب الكبيرة التي لا هدف منها سوى إعاقة السير و تبيان جو من عدم الأمن و الاستقرار و الفوضى وصولاً إلى بعض المرضى من اولاد الذوات و أصحاب رؤوس الأموال،  و من ثم الانطلاق نحو شرح البرنامج في مجلس الوزراء في توقيت أكمل به المجلس مدة العام و إن الطرح بهذا التوقيت هو دليل الجدية وسد الذرائع وإعطاء ضوء أخضر للضرب بيد من حديد لكل من يخالف القوانين أو يتاجر بالبلد و بدم الشهداء من أعلى سلطة بالبلد وكذلك اختيار مكان السلطة التنفيذية دليل الإيمان بفصل السلطات و بأنهم هم الإدارة التنفيذية للسير قدماً بهذا البرنامج وأنهم مسؤولون أمام الوطن وأعلى سلطاته لتطبيق هذه البرامج إضافة للسير تلازماً بالإصلاحات الأخرى الموازية و الآن نغوص بما طرح و الذي كان طرح المتابع ,القارىء , العارف, الخبير، و المشخص تشخيصاً بكل تفاصيل وأعماق المرض و الذي جاء بالعلاج المناسب منتظراً الممرضين إعطائه بالتوقيت المناسب.

قلنا متكامل لأنه شامل لكل مفاصل و تفاصيل الإدارة بدءاً من الهياكل التنظيمية إلى القوانين و شفافيتها و تطابقها مع أنظمة داخلية يجب إعادة دراستها لتسهيل العمل و لوضع التوصيفات الدقيقة لجذب وتعيين الكفاءات القادرة للسير بالمؤسسة المعنية بما يحقق أهدافها بالتوقيت و الجودة المناسبين بما يرضي المواطن أو الزبون وبما يحقق الرضى الوظيفي وذلك مترافق مع بنك معلومات مستمر ومتجدد للموارد البشرية الموجودة و المطلوبة بالمواصفات اللازمة و المعرفة بالحاجات القادمة بالوقت المناسب و بالمواصفات المناسبة و كذلك اللوجستيات للمؤسسات بما يخدم المواطنين و الموظفين وهذا مترافق مع متابعة وإشراف من قبل وزارة التنمية الإدارية التي وظيفتها المتابعة و الإشراف لأمور تتصدى كل مؤسسة لما يناسبها وفق جدول زمني يتابع و يحاسب المنفذين من خلاله عبر وزارة التنمية الادارية  عبر مركز القياس والدعم الإداري و الذي  من مهامه قياس التوصيف الوظيفي وكان التساؤل عن التوصيف الوظيفي، هل لدينا توصيف وظيفي؟ إذا كان هناك توصيف وظيفي هل هو متناسب مع هذا الشاغر، هذا الشاغر يحتاج إلى موظف بهذه المواصفات بهذا التأهيل بهذه الخبرة، هل هذا متوفر، هذا أيضاً بحاجة إلى قياس و وكذلك التدريب و التأهيل  فهل هناك تدريب وتأهيل للعاملين بمختلف المستويات، الموظف، القيادات الإدارية، هل نوعية التأهيل مناسبة لكل هذه المعايير كذلك قياس الإجراءات، هل الإجراءات بسيطة، والإجراءات ليس بالضرورة إجراءات المواطن مع المؤسسة وإنما الإجراءات داخل المؤسسة وبين المؤسسات، هل هذه الإجراءات مؤتمتة، هل هذه الإجراءات واضحة، هل نعرف أين تبدأ الإجراءات وأين تنتهي الإجراءات كل هذه الأمور بحاجة إلى قياس و وكذلك من مهام هذا المركز الفساد أيضاً قياس مكافحة الفساد، هل هناك مكافحة للفساد، هل هناك تعامل مع الشكاوى المتعلقة بالفساد، هل هناك سرعة في الاستجابة لهذه الشكاوى، كل هذا الأمور أيضاً جزء من هذه المنظومة الشاملة.

وكذلك كان التساؤل ما هي المعايير الأساسية لفكرة القياس، كيف نحول هذه المعايير إلى إنتاج من خلال مركز يسمى “مركز القياس والدعم الإداري” …لماذا سمي  يقيس ويدعم ولم يقل مركز التطوير الإداري لأن عملية التطوير الإداري ليست عملية تقوم بها وزارة التنمية الإدارية والمشروع هو ليس مشروع الوزارة المشروع هو مشروع الحكومة وهو مشروع وطني، وعملية التطوير بكل الأحوال لا يمكن لوزارة أن يكون لها القدرة الكاملة على التصدي لهكذا مشروع فلديها جزء من الواجب تجاه هذه العملية، هو عمل مشترك، هو يدعم البنى الإدارية الموجودة في المؤسسات ,لذلك الاعتماد  على البنى الإدارية الموجودة في الوزارات.

ولذلك لا بد لكل مؤسسة ووزارة أن تفهم صلاحياتها ففهم الصلاحيات مهم، ففي واقع بلدنا الحالي الأمور الشخصانية دائماً تطغى في أي عمل،وكذلك تطرق المشروع إلى تشكيل بنية جديدة هي مرصد الأداء الإداري وهي بنية إلكترونية ستقارن النتائج التي ستوضع من قبل المركز مع الأداء، في مرحلة الإنجاز ولاحقاً في مرحلة نضج المشروع، وهي تحول هذه المعايير إلى نقاط، هذه النقاط هي نقاط التقييم، نقاط التقييم، وطبعاً المعايير الموجودة كثيرة جداً وستعرض عليكم لاحقاً، هي التي تسمح لنا في نهاية التقييم أن نقيم أولاً كل مؤسسة، والأهم من ذلك أن نميز ما بين مؤسسة وأخرى من خلال هذه العلامات ,بالإضافة للآليات التي يعمل بها المركز من خلال التواصل المباشر ونقل المعطيات والرصد المباشر مع المؤسسات في الحكومة، هناك آليات أخرى تتعلق بالسبر، سبر آراء المواطنين والموظفين من خلال استمارات تقدم للمواطن وللموظف، بنفس الوقت تم تأسيس موقع على الإنترنت بهدف أخذ مقترحات من الموطنين وفق  رقم وطني يعرف من هذا الشخص وكل المعلومات التفصيلية عنه، يساهم من خلالها المواطن في تقييم مؤسسة ما أو يقدم شكوى عن حالة خلل معينة في مؤسسة، أو يقدم مقترحات للتطوير، وبالتالي يشارك المواطن والموظف في هذه العملية وتصبح العملية شاملة أكثر من أن تكون مجرد عملية مرتبطة بالوزراء أو بمؤسسات موجودة في تلك الوزارات و كذلك هناك آلية  إلكترونية هي مركز خدمة الكوادر البشرية، مهمته وضع خارطة الموارد البشرية، وفق المؤهلات و الكفاءات و الصفات ، و المهمة الثانية هي وضع خارطة الشواغر، وربط خارطة الموارد البشرية مع خارطة الشواغر من خلال التوصيف الوظيفي، و  عندما تريد الحكومة أن تخطط لسياسة توظيف يكون لديها معطيات واضحة وتصبح سياسة التوظيف منهجية وليست ارتجالية كما هي القاعدة العامة الموجودة لدينا في سورية، لكن هذه النقطة تحتاج لكي سجل العاملين أيضاً موجود لدى هذا المركز.

ومن  الخدمات الأخرى التي يقدمها المركز هي التدريب ولكن التدريب بالمعنى الإلكتروني وليس بمعنى أن يكون لديه مركز تأهيل ويأتي الموظف إلى هذا المركز، ففي المؤسسات حواسيب موجودة وأغلب الناس أصبح لديها الهواتف الحديثة أو الهواتف الذكية وأصبح من الممكن تقديم هذه الخدمات التدريبية بشكل إلكتروني على شكل فيديوهات أو على شكل برامج تفاعلية، تطبيقات تفاعلية أصبحت الآن موجودة، أو يمكن إيجاد هذه البرامج على الهواتف وخلق حالة من التدريب المستمر بالنسبة للكوادر الموجودة، يضاف إليها أن يكون هذا المركز هو المكان الذي تقدم إليه الخدمات من الموظفين أيضاً بشكل إلكتروني.

ومن الملاحظ أن المطلوب من هذا المشروع أن يكون مشروع ببنية رشيقة وليس كما هي حالتنا في الدولة دائماً بنى ثقيلة وبنى بطيئة الحركة تعتمد على العدد الكبير من الموظفين والمصاريف المختلفة، هنا بنى رشيقة أغلبها إلكتروني فعالة  وهذا ما يجهز بيئة العمل اللازمة بالسير قدماً بتقديم الخدمات وتحقيق الأهداف بالتوقيت و الجودة المطلوبة و العمل على استخدام التقنيات و التكنولوجيا المتقدمة من خلال الأتمتة و استخدام تكنولوجيا المعلومات بما يخفف الروتين ويوفر الوقت على المواطن ويوفر الوقت و الجهد على الموظفين كذلك استخدام هذه التقنيات و وسائل التواصل كمرصد للأداء عبر تلقي الشكاوي و التقييمات المستمرة من المواطنين أو حتى من الموظفين بما يعطي المقياس لتطور المؤسسات من حيث جودة الخدمة و السرعة بتوقيتها بالتوقيت المناسب منهجية واحدة متوزانة لكل الوزارات ومن خلال ما وجدنا كان هناك تقبل كبير من اغلب الأطراف بحيث المطروح برنامج وطني بعيد عن أي تخندقات حاول البعض تقسيم المجتمع السوري من خلالها ,وكل من يؤمن بالوطن و بالإصلاح يبحث عن البرامج التي توصل البلد للخلاص و للانطلاق وأكيد هذا البرنامج لا يطال المجال الإداري فلابد أن يترافق بإصلاحات مترافقة و بصلاحيات للمتابعة و المراقبة و المحاسبة و هنا يأتي إعطاء الصلاحيات و الدور لضبط النظام عبر تطبيق القانون بمختلف السبل وصولاً لسيطرة النظام بقوة القانون و هذا لا يتم إلا من خلال المؤسسات النظامية القادرة على ضبط الكثير من حالات الفوضى التي استغل تجار الأزمة و الدم ظروف البلد لفرض أمر واقع بانتهازية مفرطة مستغلين انشغال المؤسسات في التصدي للحرب الكارثية وما نجم عنها من انعكاسات و كذلك لابد من إصلاح اقتصادي عبر برنامج مرحلي يراعي في كل مرحلة ظرف البلد وإمكاناته الاقتصادية و يستغل كل الجهود و الإمكانات الوطنية لكل القطاعات للاستثمار الأمثل للموارد بما يعيد التنمية إلى مسارها الصحيح  ويحسن معيشة المواطنين وهنا لابد من التذكير بالسياسة المالية و النقدية بما يخص سعر الصرف و الضرائب و الرسوم المرتفعة بما ينعكس على الأسعار و خاصة أسعار الوقود الرافعة الحقيقية لكل الأسعار وموجات الغلاء وكذلك هنا لابد من إعطاء السلطة الرابعة دورها الفاعل الواجب وان يطالها جزء من عملية الإصلاح للترهل الحاصل و قصور أدوارها بما يحتاجه البلد في ظل الظروف القاسية و الحاجة الماسة للإعلام لسد الثغرات الكثيرة التي تعاني منها المؤسسات و ليكون سلطة رقابة مستمرة مشخصة للأمراض و رادعة للإرتكابات , وتلازم مساري الإصلاح الوطني و تقويض الفساد و الفوضى التي صنعها تجار الأزمة و استغلال البعض لظروف فرضت على البلد تأطير بعض الخارجين عن القانون و تجاوز البعض لما كلفوا به إلى أنواع جديدة من الفساد و التأزيم في ظل ظروف لا تستطيع المؤسسات محاسبتهم بحسب أولويات الأمن الوطني والخطورة على استقرار و استقلال البلد ولكن الإشارة المنبثقة عن خطاب رئيس الجمهورية كانت أكبر من مشروع تطوير إداري وإنما برنامج إصلاحي وطني بكافة الأصعدة ,فقد تكلمنا سابقاً عن دور المؤسسات المحتاج لقرارات عليا معطية للصلاحيات و كانت إشارة البدء في مجلس الوزراء من خلال ما طرح وما نوقش و بالتالي يجب تكريس كل الجهود و الإمكانات للإستفادة القصوى مما طرح بشكل شفاف و علني وجريء كعنوان عام لا حصانة لأي كان و القانون يجب أن يكون فوق الجميع وأن المسؤول وضع لتحقيق أهداف همها خدمة المواطن وتحقيق الرفاهية و الرفاه له و يجب سد الفجوات و الثغرات الكبيرة بين المواطنين و المسؤولين الذين انحرفوا عما وجدوا من أجله وهذا وقت كل القوى الوطنية الحقيقية بمعزل عن أي تخندقات وأي شخصنات للعمل على نجاح هذا المشروع بالتعاون مع شرفاء الوطن وقواه الوطنية و الضرب بيد من حديد لدواعش الداخل و الذي يجب أن يترافق مع السعي لمؤتمر سوري سوري جامع يقرر ما يريده الشعب السوري ويعطي رسالة بقدرتنا على صنع مستقبلنا بأنفسنا و يقوض جهود الانتهازيين للاستقواء بأي دولة غير سورية و تحت حماية أي كان و فبعد مسيرة المصالحات و المسامحات والتي أعطت ثقة بالنوايا الصادقة لدور الدولة الأم المنتصرة التي لا تبوق بأولادها جاء دور إحقاق الحق و القانون و مكافأة من وقف مع الوطن ومعاقبة من تاجر بالدم السوري الطاهر وأفسد ليستمر بالدفقان.

الدكتور سنان علي ديب/ رئيس فرع اللاذقية لجمعية العلوم الاقتصادية/

 

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]