أطفال للبيع..؟!!!

 

علي بلال قاسم

لنعترف صراحة أن معضلتنا وأساس بلاء بلدنا ليست مشكلات اقتصادية ولا اجتماعية ولا حتى ثقافية وسياسية، بل أخلاقية بحتة تتعلق بالتعاطي مع الواجبات والحقوق التي يركنها الكثيرون على الرف، لتنطلق الاجتهادات الشخصية الفردية والجماعية ويصبح الاستثناء ثقافة عامة قوامها الارتكاب الأعمى الذي لم يوفر حتى الطفولة التي باتت أحد أخطر الملفات التي أفرزتها “وساخات” الأزمة.

دائماً ما يدفع الأطفال فاتورة صراعات الكبار ليتحوّل الضرس إلى ألم يضرب أطنابه في مستقبل جيل مكوّن من نحو 5 ملايين طفل فقدوا الحلم بين ركام الهدم وتحت خيم النزوح الداخلي والخارجي، حيث يموت بعضهم جوعاً بعدما ضاعت حقوقهم مع سيلان لعاب دول الجوار على متاجرات دولية يكتنزون من خلالها منحاً ودعماً ومساعدات مباشرة ومادية وغير مباشرة تحت شعار التباكي على الطفولة السورية المسروقة والمستغلة جنسياً وتربوياً وجسدياً وألوان أخرى من عمالة وزواج مبكر تكتنز السنوات العجاف الكثير من قصصها الموجعة.

اخترعوا من الطفولة “بائعة علكة” كما صنعوا وما زالوا بائعات هوى وبائعات أحلام بالأنموذج الخليجي وبالصياغة التركية التي استغلت البراءة وتاجرت بالدم وانتهكت العفة والأخلاق، نعم في شوارع عمّان العاصمة مَن يبعن البسكويت والعلكة وفي بيروت بائعات دخان ومحارم؟، ولكن الكارثة في أهداف ونيات ذاك القدر من الدمار بحق الطفولة وهو إظهار الدولة على أنها عاجزة عن حماية أبنائها وأطفالها.. وهذا ما يجعلنا في موضع التصدّي وليس لطم الخد، إذ لا مجال للتحسّر بل للعمل الجاد لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من أولاد الأزمة الضائعين؟.

طالما أشبعنا مسؤولو الجمعيات والمنظمات والهيئات الطفولية والطلابية والشبابية تنظيراً بخطابات ومحاضرات أقرب إلى الجوفاء لا تصنع مستقبلاً ولا تغني من جوع، لنكتشف لاحقاً أن خطيئة كبرى وقع بها الجيل الجديد الذي لم يلقَ التوظيف والاستثمار المطلوب الذي يضمن إنتاج صناع قرار وقادة مجتمع جدد، والسؤال هنا ماذا فعل أهل الاختصاص لتصويب بوصلة الأطفال واليافعين والشباب؟ وماذا قدّموا تجنّباً للوقوع في شرك العابثين فكرياً وتربوياً؟.

ثمة من يقول إن العبرة في هذا التوقيت ليس البحث عن إبداعات وهوايات صغيرة بل معالجتها من استطبابات الأحداث وتوابعها الخطيرة ولاسيما أن معاناة تعيشها الأسر يومياً مع صغار باتت الصور والمشاهد والقصص المكررة وجبات يومية لطفل فاجأ أبوه بسؤال.. بابا ماذا لو أصبحت مسلّحاً؟ وحتماً مهما كان شرح الوالد واعياً فلن يغني عن الروضة والمدرسة والشارع والنوادي ودور التسلية وغيرها، لأن القادمات قد تحمل مفاجآت لا ينفع معها الندم آنذاك كما يحصل الآن بالحرف الواحد..؟.

 

 

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]