لا حاجة للمنظرين

 

لا تحتاج الأسرة السورية إلى دراسات المنظرين لتكتشف أن دخلها لا يؤمّن مستلزماتها الغذائية الأساسية، فأغلبية الأسر ترفع صوتها منذ سنوات: دخلنا أقل من احتياجاتنا!.

بدورها الحكومة تعرف جيداً أن حال الأسرة سيّئ جداً، وتصريحاتها وقراراتها لتخفيض الأسعار تؤكد أنها لا تنتظر دراسات المنظرين لتكتشف أن الأسرة السورية تعاني كثيراً لتأمين مستلزمات عيشها اليومي لأن دخلها أقل بكثير من احتياجاتها!.

ورغم ذلك فإن الكثير من المنظرين يصرّون على إجراء دراسات بين الحين والآخر لتحديد الدخل الذي تحتاج إليه الأسرة لتأمين أساسيات الحياة!.

ومن لا ينجز دراسة تنظيرية في هذا المجال، فإنه لا يتردد بإلقاء محاضرة أو إجراء مداخلة مطوّلة يحدّد فيها بدقة الدخل المطلوب توفيره للأسرة من الغائيات فقط!.

السؤال: هل هناك من أسرة سورية لا تعرف أن قدرتها الشرائية لا تتجاوز حالياً 10% مما كانت عليه في عام 2011؟.

حسناً.. الجميع متفق مع المنظرين على أن (الأسرة السورية المكوّنة من خمسة أشخاص تحتاج إلى ما لا يقل عن 200 ألف ليرة لتغطية تكاليفها المعيشية فقط؟.

وبحسبة بسيطة سنكتشف أن القدرة الشرائية لهذا المبلغ تعادل القدرة الشرائية لدخل الأسرة في عام 2011 الذي كان بحدود 20 ألف ليرة.. فسعر أي سلعة تضاعف عشرة أمثال دون أن يتضاعف الدخل بالمقدار نفسه!.

ما يثير الاستفزاز فعلاً أن يقوم المحللون بشرح أسباب انخفاض القدرة الشرائية (الاقتصاد غير الرسمي، الفجوة بين الدخل والاستهلاك، العقوبات الاقتصادية، قوى اقتصاد الظل، تجار الأزمة، القوى الاحتكارية، الفساد، فتح باب الاستيراد على مصراعيه.. الخ).

هو مثير للاستفزاز لأن الأسرة السورية من جهة، والحكومة المتهمة منها بالتقصير من جهة أخرى بشوق لتلقي مقترحات المنظرين في سياق الإجابة عن السؤال: ما الوسائل المتاحة لتحسين القدرة الشرائية للأسرة؟.

لو كانت زيادة الرواتب والأجور هي الحل لوجدنا المنظرين يطالبون بالزيادة، بل لو أنها هي الحل لما تردّدت الحكومة باتخاذ هذه الخطوة، والدليل على ذلك أن زيادات الرواتب منذ ثلاثة عقود لم تك لتحسين القدرة الشرائية وإنما لسد الفجوة الناشئة عن زيادة في السلع الأساسية كالمحروقات!.

حتى الآن.. لم يقدّم أي منظر دراسة موضوعية للحكومة قابلة للتنفيذ تؤمّن زيادة دخل الأسرة!.

هم يكرّرون الأسباب ويسهبون في تفاصيلها، لكن تعاطفهم مع معاناة الأسرة لا يزال نظرياً لم يترجم لأي مقترحات قابلة للتنفيذ!.

علي عبود

 

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]