هندسة بناء الطبقة الوسطى..بقلم الدكتور سنان علي ديب

 

إن البيئة المشكلة للطبقة الوسطى اجتماعياً ما زالت قادرة على النمو فكثير من المنتمين لها قد غادرها من الناحية المالية لضعف الدخل، و بالتالي ضعف الانفاق و عدم القدرة لاستمرارهم بنفس أسلوب العيش السابق من ناحية المعيشة أو النشاطات الثقافية و الاجتماعية و الدور المركزي كرافعة لوعي وانسجام المجتمع، ولكن فقرها سطحي وليس عميق، فعودة النمو الاقتصادي وبعض الاصلاحات قد تعيدها وكذلك الجزء الذي خسرته عن طريق هجرة العقول و الهجرة القسرية يمكن استعادته بأساليب مختلفة تدعم اللحمة الوطنية و الدينامية لتسريع عودة المجتمع للتعافي.

إن البرامج الواجب السير بها تأخذ منحى اسعافي وآخر متوسط و استراتيجي فالمنحى المتوسط و الاستراتيجي مرتبط بعودة الاستقرار وإنهاء حالات الارهاب و العنف و التطرف و الظروف الاستثنائية مقترنناً بحل سياسي يولد إدارة تنموية تأخذ الحوكمة و الحكم الرشيد وسيادة القانون والشفافية و المساءلة كمداخل لمكافحة الفساد والهدر وفق معايير التنافسية و الجودة, ويتم ذلك عبر جداول ما نريده وفق جداول زمنية ووفق أولوية تسخر لها الإمكانات ومن ثم البحث عن الامكانيات لدى الحكومة ثم لدى القطاع الخاص ومن ثم أساليب التمويل الأخرى و بالتالي التشاركية ضرورة حتمية للمرحلة المقبلة، ولكن ضمن شروط صحيحة تحقق مصالح الحكومة و القطاع الخاص بما يحقق طاقات إنتاجية جديدة ولا تأخذ شكل الخصخة أو تقديم القطاع العام هدية لبعض الشخصيات وكذلك فإن إنعاش العملية الاقتصادية ضروري لتحسين معيشة المجتمع عبر الانتاجية الحقيقية، وهذا ما يتطلب دعم الزراعة بقطاعيها الحيواني و النباتي و تقديم التسهيلات وهنا يجب التذكير برفع سعر الأسمدة إلى حدود 210 آلاف للطن مترافقاً مع أسعار الطاقة ما قد يعرقل نمو هذا القطاع وكذلك يجب تشجيع المشاريع الصغيرة و المتوسطة كونها المشغل الكبر لفرص العمل و المضيفة للقيمة المضافة للكثير من المواد الأولية التي تغنينا عن الاستيراد وتكون دافعة للصناعات الكبيرة و تشجيع المغتربيين السوريين وأصحاب رؤوس الأموال التي هربت للعودة والاستثمار وفق تقديم مزايا وخرائط استثمارية في المناطق الآمنة وكذلك يجب العمل على سياسة نقدية ومالية واقعية تعيد توازن الليرة بما ينعكس على أسعار المحروقات وتكلفة أغلب المصنوعات و بالتالي ينعكس على تكاليف معيشة المواطنيين.

ولكن هنا لابد من دور لوزارة التموين وحماية المستهلك في ضبط ومراقبة الأسعار وفرض الفوترة ومراقبة جودة البضائع وكذلك لا بد من تشكيل لجان محلية كجمعيات حماية المستهلكين مستقلة هدفها مراقبة الأسعار و جودة المواد وفضح الفاسدين و اللاعبين بقوت الشعب , وكذلك يجب أن يكون هناك إصلاح للتعليم بمختلف مراحله بعد أن أصبح تعويم القطاع الخاص هو الأهم على حساب جودة التعليم العام الذي رفعت تكاليفه وأهمل لتسويق الخاص الهادف لجمع الأموال على حساب الجودة و كان لإعتماد التعليم على الكم نتيجة عكسية جعلت المال و النفوذ أهم معايير التقييم على حساب التعليم ذو العائدية المنخفضة وقد شهد هذا القطاع ترهل و تراجعاً على الرغم من توفر البنى التحتية المتميزة ولكن اقحام الخاص انعكس سلباً على أداء العام و على كفاءة ومردودية الكوادر, وكذلك لا بد من تفعيل دور المؤسسات و المنظمات لتصحيح مسارها ونهجها لأخذ دورها الحقيقي و الذي كان لها تاريخية به في غربلة الاقتراحات و عرقلة القرارات التي تضر بالشرائح الاجتماعية المكونة للطبقة الوسطى وقد كانت في المراحل السابقة في مرحلة ثبات وعطالة استطاعت من خلالها قوى معينة تمرير قرارات أضرت بأغلب المواطنين ومنها رفع أسعار الدواء والأسمدة و مضاعفة قيمة الضرائب والرسوم وغيرها ,إن البعض يستغل سكون بعض المنظمات للترويج لمجتمع مدني بديل ذي خطوط غير آمنة و أدوار خطيرة وكلنا يعرف دور جزء منها بداية الأزمة و قبلها وحتى هذه الفترة في تضليل الرأي العام وتزوير الحقائق والعمل كادوات استخباراتية لأجهزة معادية وأغلبها تحت حجة الديمقراطية وحقوق الانسان و كذلك جزء منها ديكور أو لتبييض الأموال أو للاغتناء على حساب جوع النازحيين ,ومن ناحية تحسين الوضع المعاشي الآني فإن زيادة الرواتب في ظل الظروف الحالية قد تسبب بتضخم متزايد في ظل عدم وجود ضوابط للأسعار وكذلك فإن العاطلين عن العمل تتجاوز 50 بالمائة وعدد النازحين حوالي 7 ملايين بالإضافة لعدم وجود قوانيين تفرض أي زيادة على القطاع الخاص و الذي يحتج بالأزمة باستمرار وكذلك القدرة المالية للحكومة ولكن لابد من منح دورية مقطوعة /25/ ألف قد يكون منتصف هذا الشهر مناسب كبداية لمنحها وكذلك توسيع دوائر استحقاق المعونات والتي الأغلبية بحاجة لها ويجب العمل على زيادة عوائد الحكومة من الاحاطة بالفساد من خلال مواجهة التهرب الضريبي و إعادة ترسيم إيجارات الدولة و التقليل من الهدر و النفقات , ولكن ذلك آني مساير لسياسة نقدية عبر أداوت التدخل وضبط الصرف و محاربة المضاربات والمضاربين والحدمن استيراد الكمايات من سيارات فاخرة وعطور وألبسة أجنبية ومكافحة ما يهرب منها و مواجهة من يلعب نفسياً بهذا السعر وخاصة ازدياد قيمة التحويلات من جهة وهذه الفترة تشهد عودة المغادريين لبلدنا بحجة العمل و كل ذلك مرتبط بضرب الفساد بيد من حديد وإن عجزت الادارة المدنية فدفع جهات أزموية للتصدي لها عبر قرار سياسي و منح سلطات كاملة مع مزايا تشجع على العمل بشرف وتقنية في بلدنا دائما كنا نقول إن تواجد النية يتواجد اي شيء أكيد ما خسرناه من خلال هذه الأزمة ومن خلال ما أرتكبه الفاسدين والتجار المرتبطين بهم أي تجار الأزمة كبير وضخم ولا يمكن أن تتحمله اي دولة ولكن وجود خطط مرحلية و استراتيجية تأخذ باسلوب الأهمية و الأولوية الضرورية وكذلك لسياسات تعيين تعتمد على الكفاءة و التقنية وعلى السير بنهج يراعي الخصوصية السورية والابتعاد عن سياسات تحابي البعض فهو علاج آني لجسم سيغدو معافى .دولة مثل سورية بشعب عميق متجذر تسارع الدول لجذبه قادر على العودة القوية في ظل الثروات المتوفرة ولنا أسوة بما حصل باليابان والمانيا بعد الحرب العالمية وخروجهم مدمرين وما وصلوا له نتيجة ثقافة متراكمة ومتجذرة الأفق جميل إن عرفنا استثماره.

 

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]