قطاع”الأمن الغذائي السوري” يجوع بقرار..؟!!

 

 

يبدو قطاع الزراعة في “برزخ” أزمة تتوعد الآمال المعلقة علية، كقطاع رائد يتخذ في أيام المحنة الصعبة هذه، دور المخلّص والسلّة الإسعافية المعوّل عليها في إنقاذ الجياع وتأمين الأمن الغذائي في بلد طالما كنا مطمئنين على أنها في مأمن من الحصار ومساعي التجويع.

والواقع أن سؤال واحد يطرحه المزارعون في حماه هذه الأيام، و حماه – لمن لا يعلم – هي إحدى المحافظات التي تحتضن مساحات زراعية كبيرة، بل تصنف بـ”الأكبر” حالياً في ظل وجود  العصابات الإرهابية في مناطق الإنتاج الزراعي التقليدية في سورية ، مؤداه كيف يمكن النهوض بالقطاع الزراعي إذا كانت مخصصات الدونم الواحد  من القمح خمسة ليتر و7 ليتر للدونم المزروع بالبطاطا الربيعية ولمرة واحدة… والمياه في سد محردة ولا يمكننا أن نروي محاصيلنا منها.. ليصبح المحصول في وضع حرج جدا في ظل صمت الجميع؟

وفي الوقت الذي تملأ المحروقات الطرقات العامة لكن بسعر مغاير، يكمن الجواب فيما يتم ضبطه يومياً من ارتكابات وتجاوزات وسمسرات في محطات المحروقات وتلاعب بالمادة، ليقوم محافظ حماة وعلى إثرها قبل أيام بتحويل عدد من العاملين في محطتي النواعير والفلاحين الحكوميتين إلى الجهات المختصة، ألا يدل هذا بشكل أو بآخر بأن المخصصات جلها تذهب للسمسرة والمتاجرة في الوقت الذي يحرم فيه المستحقون المزارعون من المادة الكافية لإرواء محاصيلهم الزراعية الإستراتيجية منها والخضروات الأخرى .

فعندما تحدد وزارة النفط كما قال عضو المكتب التنفيذي لقطاع الزراعة بحماة المهندس رفيق عاقل أربعة طلبات يوميا ولشهر واحد للقطاع الزراعي والدواجن أي ما يعادل 2 مليون و288 ألف ليتر لمحافظة حماة، لتوزع على شكل نسبة وتناسب مابين زراعتي الغاب وحماة، ألا يعني هذا تهميشاً للقطاع الزراعي وهو بأمس الحاجة للمحروقات الآن وهو يشهد مراحل نضوجه .

في الوقت الذي تشهد طرقاتنا العامة باعة المازوت “على قفا من يشيل” ما يرغم من استطاع من المزارعين الميسورين لشراء حاجتهم من المادة في حين لا يقوى الآخرون على ذلك .!

ويقول عاقل: أن مخصصات مصلحة زراعة مصياف من المازوت لهذا الشهر أي نيسان هي 28568 ألف ليتر منها خمسة عشر ألف ليتر لقطاع المداجن والباقي يوزع على 2410 دونما من القمح حصة الدونم منها 5 لير و210 دونما من البطاطا الربيعية حصة الدونم منها لهذا الشهر فقط 7 ليتر ومع ذلك لاتصل كلها في مجال مصلحة زراعة مصياف .

ويوضح  عضو المكتب التنفيذي بأن جل الأراضي الزراعية في مجالي جب رمله وسلحب تروى من الآبار وهذا يعني حاجة الدونم إلى أكثر من ذلك من المخصصات .

بموازاة ذلك يطرح السؤال نفسه ما هي المعايير التي تؤخذ بعين الاعتبار عند تخصيص قطاع من القطاعات الحكومية كالزراعة مثلا ؟ ثم هل يعقل أن تباع المادة على الطرقات العامة وبأسعار خيالية ولا توجد في المحطات لتصل إلى مستحقيها المزارعين الذين هم عصب الاقتصاد والأمن الغذائي ؟

في سياق متصل لا تتوانى هيئة تطوير الغاب عن المطالبة في اجتماع اللجنة الزراعية ومنذ أكثر من شهر بكتب رسمية بضرورة تأمين 25 مليون متر مكعب أو عشرة ملايين لسقاية محصول القمح إسعافياً على أن يتدبر المزارعون أمرهم بما يحتاجونه من كميات إضافية من الآبار الارتوازية  في أسرع وقت ممكن قبل فوات الأوان والمياه تتبخر من السد وزهرة النيل تمتص ما تمتصه،  لكن مدير موار حماة المائية أزهر أزهر قال ردا على ذلك :لا يمكن تأمين سوى عشرة ملايين من سد محردة أما سد الرستن فيتعذر إطلاق تنكة مياه منه بسبب انخفاض منسوبه إلى مادون الحجم الميت ما يعني إشكالية كبيرة قد تلحق بالمحصول وبدأت معها استغاثات المزارعين ما سيقلب  كل الحسابات .

هذه الوقائع غير السارة كانت ولا تزال سبباً جوهرياً في تقهقر وتراجع إنتاجنا الزراعي إن لم نقل قد بدأ بعض العاملين في هذا القطاع هجرته مترافقاً مع ارتفاع أسعار الأسمدة مع تدني أسعار الشراء لمحصول القمح والذي ينبئنا المتنبئ الزراعي بأن إنتاجنا المتوقع هذا العام من القمح ثلاثة ملايين و700 ألف طن وهو نفس تنبؤ العام الماضي فكان الإنتاج على البيدر 438 ألف طن فقط .

في سياق متصل كانت مناشدة وزير الموارد المائية صائبة حين قال يجب التوجه نحو الزراعات غير الشرهة للمياه وهو هنا أصاب عصفورين بحجر واحد بالمحافظة على المياه من الهدر وكذلك توفير المحروقات على المزارعين عند زراعة محاصيل أكثر شراهة وحاجة للمياه كالقطن مثلا الذي تم رفع سعره تشجيعا لإعادة إحياء زراعته.

محمد فرحة

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]