مهرّبون خارجون على “سلطة الجمارك” و قانون يشرعن بقاءالمخالفين..؟؟!!

 

كي نكون منطقين ومتصالحين مع أنفسنا وأوضاعنا نقول: لا يختلف اثنان على أن مكافحة التهريب -وليس القضاء عليه بالمطلق- بالأمر السهل بشكل عام، وهو في الآن معا أي التهريب “أكبر من أية جهة..” كما كان أكد وزير ماليتنا، وأكبر من عدة جهات سواء تقاربت أو تباعدت في رؤاها واستراتيجياتها الممكنة لكيفية التصدي له ومعالجة أسبابه. فعلى خلفية اللقاء الأخير الذي جمع وزراء الاقتصاد والتجارة الخارجية، والمالية، والتجارة الداخلية وحماية المستهلك، إضافة إلى مدير عام الجمارك، مع التجار في غرفة تجارة دمشق، سنعرض بعض الحيثيات المتعلقة بالتهريب ومسبباته وما يثار حوله وراء الكواليس..!.

ونبين أنه وحتى لو توفرت متطلبات المعالجة والمكافحة لهذه “الآفة الاقتصادية الخطيرة جدا” على حد وصف وزير اقتصادنا، وسواء اعترض وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك -والذي يحبذ تسمية وزارة التموين- على اتهام التجار لها بأنها “ليست طرفا عقيما غير متجاوب” أو لم يعترض، فسيظل التهريب حالة قائمة تقوى وتضعف وفقا للأوضاع ووفقا لحالة الجهوزية المطلوب دوامها بالزخم الذي تحتاجه الحالة، والتي لا ينفع فيها حالة “اسمعونا كلاما طيبا فأسمعناهم كلاما طيبا” على حد تعبير رئيس اتحاد غرف التجارة.

سندع اللا مُخْتَلف عليه في العناوين العريضة جانبا، لنسلط الضوء على المختلف فيه وحوله من المضامين في قضية التهريب والمهربين ومحاولة التعويم للحالة القائمة عبر التحجج بشماعات ظاهرها مطية لبواطنها..!.

بداية نأمل ألاَّ يُفهم مما سنطرح، تقصُّد التشكيك أو غير ذلك، فالهدف هو استخدام العرض لتوصيف القائم من العلاقات الحاكمة لشبكات التهريب الشبه مكشوفة إن لم نقل مشكوفة لكن هناك من يحاول “دبلمسة” الجرأة في التصريح من خلال تفضيل التلميح على تسمية الأشياء أو الأمور بأسمائها الحقيقية.

متفقون ومختلفون..؟!

كما وبداية يجب أن نقر ونعترف أن مسؤولية مكافحة التهريب هي مسؤولية جماعية كلية يشترك فيها الكل بدءا من المواطن العادي وانتهاء بالمسؤول الذي يتخذ القرار، لكن مع المراعاة والتفريق في مقدار المسؤولية ونسبة تحملها، استنادا إلى قدرة تأثير كل طرف في معالجة هذا الموضوع، إذ لا يعقل أن نطالب المواطن في ظل محدودية المنتجات واختلاف الأسعار بمقاطعة المهرب من المواد، لأن المنطق يقول بضرورة أسبقية التشريع على التنفيذ.

هنا فليعذرنا وزير المالية حين نتحفظ على ما أكده من صعوبة التهريب من المنافذ أو الأمانات الجمركية، بعد استكمال المالية والجمارك لمشروع أتمتة العمل في تلك الأمانات، واقتصار الأمر على المنافذ غير المشروعة..، لأن ما سرب لنا على خلاف ما أكده.

ونظرا للأسباب المختلفة التي تصعب علينا كثيرا لشبه إمكانية الحصول على الوثاثق الذي تثبت تحفظنا..، فسنلجأ لدلالات كلام الوزير نفسه حين يكشف ما حدث معه خلال لقائه أحد الصناعيين، الذي قال لمعاليه متسائلا: لماذا ألجأ إلى فتح إجازة استيراد وأنتظر فتح حساب وتحويل العملة وأدفع كذا وكذا من إجراءات بيوقراطية مرهقة ومكلفة..، ما دمت وأنا جالس في مكتبي بمعملي هناك من يجلب لي المواد الأولية التي أريدها وبأسعار أقل ودون جهد وخلاف ذلك..؟!!.

ممنوع علينا..!؟

وليس هذا فحسب بل ويكشف الوزير الأخطر، حين يتناول موضوع الترفيق قائلا:  كيف نضمن كل الترفيق الذي يتم، في الوقت أن هناك جهات مختلفة غير حكومية خاصة ومرخصة تقوم بإيصال ما لا سلطة لنا على إجراء الكشف عليه..، متسائلا: “طيب أنا ليش عارف ماذا تحتوي تلك الحاويات” التي توصلها تلك الجهات وإلى أي مقصد..!!؟.

ويكشف الوزير أن دخول الضابطة الجمركية إلى المحال التجارية داخل المدن كان بطلب من الصناعيين -الذي ووفق ما أكد- كان بضغط منهم حين قالوا لنا: كيف تريدوا منا تطوير الصناعة الوطنية وانتم تاركين التهريب..!، اذهبوا إلى شارع الحمراء بدمشق وشاهدوا الألبسة التركية في المحال..!.

ليس لدينا..!؟

أما ما أثار حفيظتنا فيما كشف وزير المالية، فكان ما ساقه من سبب لعدم تمكن المالية من ضبط  تهّرب الصناعي وغير الصناعي مما عليه من ضرائب ورسوم..، وهو كما أكد “أن وزارة المالية ليست لديها إجازات استيراد لتعرف أنها مستوردة..، وعليه فكيف لها أن تتحصل على ما لها من ضرائب..” ..؟!.

وزير المالية فيما خلص إليه وكأننا به ينقل “جمرة” التهريب من حضن وزارته لحضن وزارة الاقتصاد، ما يشي بطامة كبرى عنوانها الأكثر من مقلق هو”اللاتنسيق واللاتعاون..” بين وزاراتنا ومؤسساتنا الحكومية في مثل هكذا ملف ثقيل بما يخفي ..!.

ملف تعمل “الاقتصاد” حاليا عليه وما انتهائها من التحقيق والتحقق في 5 ألاف إجازة استيراد لغاية الأسبوعين الماضيين، وبعثتها التفتيشية إلى المناطق الحرة…، وإحاطة ما تشغل عليه بجدار من السرية..، إلاَّ دليل على أن ما خفي هو أعظم..!؟.

تغريبة..!

نأتي إلى تغريبة وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك  الدكتور عبد الله الغربي، لنسأل معاليه عما هو خارج المألوف في الاقتصاد، بعدما ورث من وزير الاقتصاد السابق وصية تبعية الهئية العامة للمنافسة ومنع الاحتكار لوزارة الاقتصاد، ليذهب الوزير الهمام دون نيل المراد ليحصده الوزير الغربي، الذي حاول دمج الهيئة بمديرية حماية المستهلك في وزارته، لكن لم تسر الأمور كما يشتهي وكما أفتى به وزير التنمية البشرية الذي كان استغرب الطرح سابقا، ثم وافق عليه، لينسحب من الموضوع بعد ذلك..!.

نسأل ولا يزال المسعى قائما لإنهاء الهيئة..، لمصلحة من، وبأي ثمن يُراد لرأس منافستنا أن تختفي، وما مصير الاحتكار التوأم السيامي للتهريب..؟!.

مسؤولية أسمن..!

ما أسلفنا لا يعني تبرئة قطاع أعمالنا الخاص (تجارا وصناعيين..، ومتطفلين على القطاع..حسب تعبير رئيس اتحاد غرف التجارة غسان القلاع) من المسؤولية فيما يتم أو السماح له أن يتم، فحين نسمع ذاك الصناعي وما قاله لوزير المالية..، تتأكد المسؤولية لتتفاقم المهمة عليهم، كون منهم من يساهم بشكل أو بآخر، عمدا أو واقع حال،  في تغوُّل التهريب، الأمر الذي يستدعي إعادة هيكلة العلاقة والمصالح بين الأطراف المختلفة، عامَّها وخاصَّها، إن أرادوا فعلا ضرب السمين جدا من ديوك حبش التهريب والضريبة بحجر واحد..!.

قسيم دحدل – “البعث”

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]