مسؤول حكومي من الصف الأول يعلن حرباً على الفساد و “يطلب المؤازرة”..

لا تبدو مهمة إعادة الإعمار يسيرة وسهلة بالشكل الذي يتصدى للحديث عنه  – استعراضاً – بعض رجالات السلطة التنفيذية.

فثمة ما يتعدى مسألة التمويل المطلوبة كشرط لازم لكنه غير كافٍ، إذا يمكن تلمس بعض المعوقات التي لابد من تجاوزها أولاً، وقبل الشروع ببرنامج “سورية ما بعد الأزمة” الذي أعدته الحكومة يحدوها التفاؤل ربما المفرط بالتوفيق في المهمة الوطنية المقبلة، وربما التي باتت وشيكة وهي إعادة الإعمار.

فقد قرن رئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي الدكتور عماد الصابوني، النجاح المراهن على تنفيذ “البرنامج الوطني لسورية ما بعد الأزمة” والذي تم إقراره مؤخراً من قبل رئاسة مجلس الوزراء، بنجاح الحكومة وأذرعها التنفيذية بمكافحة الفساد، معتبراً أن ثمة جدلية وعلاقة عضوية تجمع بين الشقين في تطبيقات البرنامج الحكومي الطموح.

ورغم أن الفساد بات بنظر الكثيرين أكبر من مشكلة اقتصادية وأثقل من ظاهرة اجتماعية وأوسع من مرض أخلاقي، إلا أن الصابوني أصر  على أن مكافحة الفساد هي شرط لازم لتنفيذ البرنامج الوطني لسورية في ما بعد الأزمة، دون أن يغفل أنه غير كاف، فمن وجهة نظره  لا يمكن لإعادة الإعمار أن تتم في ظل حالة من الفساد المستشري، كما لا يمكن في الوقت ذاته نجاح جهود البنيان الفوقي في ظل انتشار هذه الظاهرة وما تفرزه من مخرجات تهدد المجتمع برمته، كما لا يمكن للتنمية أيضاً أن تكون متوازنة ومستدامة مع شيوع الفساد الذي يخل بكل الموازين والقوانين والأعراف والتوازنات، لاسيما عندما يصبح الفساد منظومة تلف معظم الصفقات والتعاملات المؤسساتية.

و لعله من الممكن مقاربة ملف الفساد من زاوية كونه خللا أو ضعفا أو انحلالا “بحسب درجة تطوره” مؤسساتياً، ومن هذا المنطق نعتقد ضرورة أهمية البدء بحماية وتحويط عملية إعادة البناء والإعمار التي تشهدها البلاد بمنزلة سياج لمكافحة ظاهرة الفساد حتى لا تتحول إلى الثقب الذي تضيع فيه الجهود الساعية لوضع أفضل قدر المستطاع، وفي هذا السياق يرى الصابوني أن مكافحة الفساد بأبعاده ومستوياته المختلفة تتطلب منظومة متكاملة بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية، إضافة إلى الأبعاد الأخلاقية، مبيناً أن هذه العملية تحتاج إلى مقومات خاصة تتعلق بتصميم الآلية المناسبة لإدارة هذا الملف التي تقوم أساسا على تحديد الخصائص الرئيسية المميزة للفساد وأسباب عدم نجاح سياسات مكافحة الفساد المعتمدة والمديان الزمني والمكاني لمكافحته.

وبحسب الصابوني فإن إطلاق حملة لمكافحة الفساد سينطوي على رسائل اقتصادية واجتماعية تنبئ بمرحلة جديدة من دولة المؤسسات، بحيث يتمتع كل الأفراد بنفس الحقوق ويتحملون نفس الواجبات، مركزاً على ضرورة التعامل مع هذه الظاهرة بهدوء وإبداع يضمن إحضار ملفات الفساد إلى المؤسسات المعنية على أن يترافق ذلك مع دعم حكومي كامل لهذه المؤسسات، فنجاح الحكومة في مكافحة الفساد يتمثل في الدور الذي يقوم به الجهاز القضائي المستقل الضامن لترسيخ هيبة الدولة وتعزيز العدالة في المجتمع.

إصلاح ؤسسات

والسياق ذاته وبحسب البرنامج الوطني لسورية ما بعد الأزمة  فإن إسناد الدور الرئيسي في التنفيذ للبنية المؤسساتية القائمة قبل النظر في استحداث مؤسسات جديدة، يتطلب إيلاء الاهتمام بالإصلاح المؤسسي لتحليل أوضاع المؤسسات وتبيان مكامن الخلل فيها، ومدى تكاملها وملائمتها من نواحي ” القيادة- التنظيم – الكفاءة – الموارد البشرية” لتنفيذ المهام الملقاة على عاتقها، ولتلاقي نقاط الضعف لدى تلك المؤسسات، وتبرز في هذا المجال أهمية التنمية الإدارية التي ستعنى بتطوير الهياكل المؤسسية وتطوير التشريعات والنواظم اللازمة لذلك، وتأهيل الموارد البشرية التأهيل المناسب، مع من التركيز بوجه خاص على إصلاح مؤسسات وشركات القطاع العام الاقتصادي إصلاحا جذريا وتطويرها لكونها أحد مرتكزات الاستثمار والإنتاج الرئيسية للبرنامج في جميع مراحله، مع ضرورة تحديد خيارات الحكومة تحديدا واضحا وصريحا حيال توزيع الأدوار والمسؤوليات.

ترتيب

ولم يخف البرنامج أن يؤدي تسريع وتائر النمو والتنمية إلى ضغوط كبيرة على الموارد المتاحة، ما يتطلب بالنتيجة إعادة ترتيب الأهمية المستقبلية للقطاعات الاقتصادية والخدمية، مع النظر بجدية إلى القطاعات ذات التكنولوجيا المتقدمة بهدف الوصول إلى الاقتصاد القائم على المعرفة لتحقيق تنمية اقتصادية متسارعة بالاعتماد على البحث العلمي والابتكار، وألمح البرنامج إلى ضرورة أن يترافق ذلك مع تحقيق الاستدامة في إدارة وحماية الموارد الطبيعية وتوجيه التغيير التقني والمؤسسي بطريقة تضمن تحقيق واستمرار إرضاء الحاجات البشرية للأجيال الحالية.

محمد زكريا

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]