التلويح بأوراق السياسة في خدمة الاقتصاد…التفاتة سورية متأخرة ورجال الأعمال يستثمرون دروس الأزمة..

ليس غريباً ما تقوم به بعض الدول الغربية من حظر اقتصادي على سورية محاولة كسر صمود الشعب عبر قطع علاقاته الاقتصادية والسياسية ظناً منها أنها ستلفظ هذا البلد خارج الوجود, لكن أن تقوم دول عربية بتعليق عملية تحويل الأموال لبعض التجار لشهرين وثلاثة أشهر في بنوكها فقط لأنهم سوريين هو ما يدعو لاستغراب الشارع, لاسيما مع إدراكهم العميق لما لذلك من آثار سلبية على الواقع الاقتصادي للبلد وللتاجر على حد سواء, وفي ظل غياب صرف العلاقات الاقتصادية الفعّالة مع الدول الصديقة على الأرض – على حد تعبير بعض الخبراء – ارتفع صوت بعض التجار لمناشدة الحكومة لتفعيل دور إيران وروسيا وصهر العلاقة السياسية في بوتقة الاقتصاد.

غياب التفعيل

وفي هذا السياق يبيّن منار الجلاد عضو غرفة تجارة دمشق منع السوريين من التداول في الدولار عبر الأقنية المصرفية العالمية, ونتيجة لهذا الحظر يواجه التجار صعوبة بالغة بالاستيراد والتحديدات المصرفية, ما يدفعهم  إلى استعمال عملات أخرى كاليورو للدخول إلى النظام المصرفي البنكي, إضافة لصعوبة التحويل إلى الدرهم فالدولار, أو لليورو ثم الدولار بالتالي تكون العمولات والخسارات مضاعفة لاسيما بوجود شركات تتعامل فقط بالدولار…!.

وأشار الجلاد إلى غياب تفعيل الحلف الاقتصادي مع الدول الصديقة إذ لا يوجد أي تعامل من ناحية العملة أو اتفاقيات دفع مع البنوك, مستذكراً المعرض الذي أقيم بالتشارك مع طهران منذ ثلاث سنوات حيث لم تتم من خلاله أية عملية بيع بسبب معوقات الدفع, وبعد مرور خمس سنوات – يقول الجلاد – وافقت إيران على تخفيض الرسوم الجمركية 4%, وبغض النظر عن العلاقة السياسية الجيدة, – والقول للجلاد – لم نرتق بالعلاقات الاقتصادية إلى المستوى المطلوب, وفي ظل غياب وجود اتفاقيات ثنائية بين سورية والدول الحليفة يتوجب صرف العلاقات السياسية الحسنة في الاقتصاد لاسيما بالنسبة لإيران.

وشدد الجلاد على ضرورة وجود قرار اقتصادي فعّال مع الدول الحليفة لا يقل أهمية عن القرارات السياسية لدعم الشعب ووقف الحرب, متمنياً تفعيل الدفع بالروبيل بنشرة الاستيراد والتصدير فيما يخص الجانب الروسي, وإنشاء خط بحري مباشر وعقد اتفاقية تجارة تعطي سورية الأفضلية وتمنحها تخفيضات جمركية أسوة بمصر حيث تمنحها روسيا خصم 50 %، أما سورية فحتى اليوم الخصم المقدم لها 25%.

وركز الجلاد على ضرورة أن تستثمر الحكومة علاقاتها الجيدة مع هذه الدول الصديقة وتعبيد الطريق للدخول إلى أسواقها وبذلك نتجاوز موضوع التحويلات والشحن, معتبراً غير ذلك تقصير من الجانب الحكومي في الإلحاح الشديد على الدول الصديقة إبرام اتفاقيات اقتصادية لسورية الأفضلية فيها, واصفاً أن ما يحتاج إليه الاقتصاد في الوقت الراهن هو اتفاقيات تجارية مع الدول الإفريقية والأسيوية والبريكس, ووصف عضو غرفة التجارة السوق الإفريقية بالواعدة والمخفية, إضافة لقدرة سورية على الدخول بقوة إلى السوق الإيراني.

مشرعنة

وعن معايير الترشيد أوضح الجلاد أنها سياسة حكومية اقتصادية اتبعت نظراً للظروف الراهنة وبغض النظر عن رأينا في غرفة التجارة – يقول الجلاد – أنا لا أحبذ هذه السياسة, أما عن الآلية التي اتبعت مؤخراً في وزارة الاقتصاد لمنح الإجازات اعتبرها الجلاد جيدة حيث تتم بجلسة يومية بحضور أربع موظفين – مدير اقتصاد دمشق والريف واثنان من المدراء ومندوبين من غرف التجارة والصناعة, واللجنة تعطي الأفضلية بمنح الإجازة لنوع المادة وليس للشخص (تاجر كان أم صناعي), مشيراً إلى ضرورة توفر المادة الأولية بغض النظر عن مستوردها, وفي ظل حضور جميع المواد والبضائع في الأسواق بطريقة غير قانونية, فضّل الجلاد وجود عملية استيراد مشرعنة وحسب احتياجات السوق, وتنظيم العملية من قبل الجمارك لاسيما وان قيمة المواد المهربة يومياً حسب ما تم تداوله مؤخراً 8 مليون دولار.

ضرورات اقتصادية

من جانب آخر بين الدكتور مصطفى الكفري أن العقوبات الاقتصادية المفروضة من قبل الدول الأجنبية والمعوقات التي تضعها الدول العربية أثناء عملية تحويل الأموال ترتب تكاليف جديدة على الموردين والمصدرين, وأي تعقيد يؤدي إلى رفع التكاليف وبالتالي يقلل من التنافسية على البضائع المفروض عليها عقوبات, وعندما طرحت الحكومة موضوع التوجه نحو الشرق كانت قد وجهت البوصلة بالاتجاه الصحيح بعيداً عن الدول العربية التي تسير في فلك الغرب.

وأشار الكفري إلى المحاولات الاقتصادية المستمرة التي تسعى الدولة لإقامتها مع روسيا وإيران بشكل مستمر وهناك تعاون فيما بين الطرفين, أما فيما يتعلق بالتخفيض الجمركي بين الدكتور الكفري أنها ترتبط باتفاقيات ثنائية بين الدول وعندما توجد اتفاقية تجارة حرة مع روسيا فهي لا تخضع لأي رسوم , ولكن حتى الآن لا توجد مثل هذه الاتفاقيات التي ترتبط بنوع البضائع التي تخضع للرسوم الجمركية, وفي حال تواجد رسوم عالية يؤدي إلى الحد من الاستيراد والتصدير وأي اتفاقية يتم عقدها مع الدول الصديقة من شأنها تسهيل التبادل التجاري بالتالي زيادة حجم الاستيراد والتصدير, وحتى يكون هناك تعاون وتفعيل للروبيل -حسب الكفري – نحتاج لتوقيع اتفاقية نقدية نستعيض من خلالها عن الدولار الذي يستخدم كوسيط بين الدول.

وعن إمكانية الاستفادة من السوق الإفريقية بين الكفري أن هذه السوق مكونة من مجموعتين عربية وغير عربية والمواطن في أفريقيا بوصفه من البلدان النامية لا يتمتع بقوة شراء عالية لذا فلا يعول على السوق الإفريقية رغم أنها قد تكون منفذاً في حال عدم تواجد منافذ أخرى للاستيراد والتصدير, مشيراً إلى إمكانية تنفيذ خط مباشر عن طريق البحر المتوسط والأسود مروراً بالبوسفور وهو أيضا يحتاج إلى اتفاقيات, وثمن الدكتور على العلاقات الاقتصادية مع الدول الصديقة لكن التجار يأملون أن ترتقي إلى مستوى العلاقات السياسية.

نجوى عيدة

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]