مجموعات إنقاذ فلنستعد..بقلم: ناظم عيد

أغلب الظن أننا خرجنا أو على بوابة الخروج من “عنق الزجاجة” على مستوى الأداء الحكومي، بعد سنوات من دوران سريع في حنايا حلقات جوفاء، وهذه ليست دعاية ودعماً معنوياً للحكومة الجديدة، بل استنتاجات تشي بها المقدّمات المتسارعة التي يمكن توثيقها ببساطة في حراك الفريق الجديد الذي بدا عالي التكثيف وموجّهاً بعناية فائقة نحو التأسيس للإقلاع بمشروع أولويات، منبثقة هذه المرة من القاعدة باتجاه قمة الهرم التنفيذي.
ورغم أن استنتاجاتنا محفوفة باحتمالات الاتهام بالتسرّع، بما أنها تسبق البيان الحكومي الذي ينتظره هواة التحليل واستشراف الآفاق الجديدة، إلّا أن القراءة المتأنية لمجريات أسبوعين حافلين بالجديد، تبيح جرعات دسمة من التفاؤل ولعله تفاؤل مُسوّغ بمقدمات لابد من الربط المنطقي بينها وبين النتائج.
فإن بدأنا بمجموعات العمل الست التي تمّ إقرارها في أول اجتماع للحكومة، وكانت “مجموعات إنقاذ” أكثر من مجرد لجان بتسميات جديدة، لن ننتهي بالقرار الجريء الذي سيُحيّد شركات الصرافة عن قنوات تلبية الطلب على القطع الأجنبي، منهياً حقبة موجعة من المضاربات “المُشرعنة” التي ألهبت السوق، ولفحت كل مواطن سوري في الداخل، واستنفدت احتياطي الدولة من العملات الأجنبية، لا سيما الدولار.
فبين القرارين متغيّرات “ثمينة” ومستجدات حصلت في تفاصيل الاجتماعات التي أجرتها الحكومة في أروقة وزارات النفط والكهرباء والاقتصاد والتجارة الداخلية والزراعة، وكان واضحاً من خلال ما أُعلن وما لم يعلن عنها، أن رأس الهرم التنفيذي يعيد توليف بوصلة الأداء باتجاه استحقاقات لم تُجب كفايةً في هذه المرحلة الحرجة التي لم تعد تحتمل مجرد إبراء الذمم عبر افتعال الضجيج الإعلامي دونما أثر ملموس.
لكن في سياق موجة الاسترخاء التي تفضي إليها مثل هذه المقدّمات، لا بد من الاكتراث كثيراً لمشكلة بنيوية تغلّف الأنساق التنفيذية التالية للنسق الأول، تتصل بالذهنيات التي تبلورت على طريقة أداء متبلّد يحجب عنها إمكانية التماهي السريع مع مستجدات المشروع الحكومي الطازج الذي سيلخّصه “برنامج الأولويات” الوشيك.
ولعلّه من المفارقات المدهشة أن تغرق بعض وزارات الحكومة السابقة في الأبحاث والخطط الاستشرافية التي تجرّأ بعضهم ومدد أفقها الافتراضي إلى العام 2030 أو 2035، متجاهلاً و- بشكلٍ مريب – إلحاح الوقائع القاسية والظلال القاتمة التي أرخت بها الأزمة على عموم البلاد، فكانت دراساتهم وخططهم مضيعة للوقت، وهروب سافر من المسؤولية، واستفزاز لطيفٍ عريضٍ من منتظري الحل الحكومي لمشكلات تتوالى وتكبر مع توالي يوميات الحرب؟!..
لا بد أن نقتنع جميعاً – صغار الموظفين وكبارهم- بحتمية المواكبة اليومية لمستجدات تتوالد تباعاً من “مكنة” ظرف معقد ثقيل الوطأة، ما برح يقذفنا بالمفاجآت تلو المفاجآت، ولا جدوى من التجاهل واللجوء إلى المقصورات المكيّفة والمعزولة عن ضجيج الشارع بذرائع التفرغ للبحث والتخطيط لعقود ما بعد الأزمة.. فلنتجاوز أزمتنا أولاً وبعدها لكل حادثٍ حديث.

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]