خبير يحذّر من التهام سوق العقارات السورية للكتلة النقدية الأكبر استثمارياً وتحيدها عن مسارات التنمية الحقيقية

الخبير السوري:

اعتبر الخبير العقاري الدكتور محمد الجلالي، أن الشقق الفارغة سواء كانت على الهيكل أو “مكسيّة” ومغلقة ولا يوجد فيها سكان، هي ظاهرة موجودة في العاصمة دمشق والضواحي السكنية المحيطة بها، كما أنها انتشرت مؤخراً على امتداد القطر، فمن المؤكد أن هذه الأبنية تعود بشكل أو بآخر إلى أشخاص قد يكون جزء منهم يمتلك أكثر من مسكن، كشكل من أشكال الادخار للحفاظ على قيمة العملة أو الاستثمار، وقد تكون عائدة لأشخاص هم حالياً خارج البلد ويرغبون بالعودة عندما تصبح الفرصة مناسبة، وحتى يوجد بعض الأبنية والمرافق الحكومية تم بناؤها ولم تستكمل بسبب ارتفاع تكاليف الإكساء، مبيناً أنّ هذه الظاهرة مركّبة تتمثّل فيما تشهده البلاد من هجرة بسبب الظروف الاقتصادية، كما أنها تعكس سوء توزيع الثروة، وقد يكون أحد الأسباب له علاقة بالبيئة الاستثمارية العامة في البلد، حيث لا توجد فرص استثمار مربحة للناس .

و رأى الجلالي أن الآثار السلبية لهذه الظاهرة تتمثّل.. أولاً بأنها تجمد أموال كبيرة جداً في وحدات سكنية فارغة لا يستفيد منها أحد، كان يمكن لها أن تسهم في رفد الصناعة أو الزراعة أو عملية الإنتاج ودوران رأس المال في وحدات سكنية بصورة أكثر سرعة، بينما السلبية الثانية هي أن عملية البناء غالباً ما تتم على حساب أراضٍ قد تكون صالحة للزراعة وقد تكون فيها غابات، وتالياً خسارة في الغطاء النباتي لتحلّ محله كتل إسمنتية صرفت طاقة كبيرة في سبيل توفير المواد الأولية.

وبيّن الجلالي أن حلول هذه الظاهرة تحتاج إلى دراسة من الحكومة ومن القطاع الخاص والتفكير جديّاً في موضوع التنظيم وتراخيص البناء، حيث إن هذا الموضوع بحاجة إلى معالجة على مستوى الاقتصاد الكلّي، لأن معالجته لا تنحصر في القطاع العقاري وحده. فعندما تتحسّن البيئة الاستثمارية وتتغيّر الذهنية باتجاه الاستثمار مثل بناء مصانع – مشاريع زراعية كبيرة، حينها لن يكون الشخص بحاجة إلى أن يحافظ على مدّخراته في أبنية فارغة، منوهاً بوجود مقولة خاطئة بأنّ قيمة العقار فيه وأنه لا يخسر هذه القيمة المادية مع مرور الزمن، لكن هذه المقولة ليست دقيقة لأن العقار ينخفض سعره عندما يقلّ الطلب عليه.

وفي سياق متصل ..اعتبر الجلالي أن القرار الأخير الذي صدر بخصوص رفع أسعار الإسمنت ليس له أثر كبير على أسعار العقارات، والسبب أن السعر يحكمه عاملان، الأول هو التكاليف وهذا يحكمه العرض، والثاني هو عامل الطلب وهذا يحكمه الدخل.

 وأشار الجلالي إلى أن أسعار العقارات ارتفعت لتواكب التضخّم، لكن هذا الارتفاع رافقه جمود في عملية الاستثمار العقاري وبناء وحدات سكنية جديدة، أو إذا لم يكن جموداً فهو تباطؤ في حركة إنشاء وحدات سكنية جديدة بسبب ارتفاع التكاليف، ولفت إلى أنّ هذا التباطؤ وأيضاً التراجع الكبير في الدخل الذي شهده الناس نتيجة ارتفاع المستوى القياسي للأسعار أدّيا إلى تراجع الطلب على المساكن، منوهاً بأن المشكلة كانت قائمة قبل رفع سعر الإسمنت وستبقى بعد رفعه.

وأضاف الجلالي إنّ رفع سعر الإسمنت يذهب إلى المعامل بسبب نقص عدد المعامل الموجودة نتيجة تراجع الاستثمار، لذلك فإنّ هذا الرفع هو تصحيح لوضع معامل الإسمنت، بحيث تستطيع أن تغطي تكاليفها أكثر مما هو زيادة للأسعار، مبيناً أن تكاليف البناء على الهيكل تختلف بحسب التصميم الهندسي، والإضافات، وفيما إذا كان البناء منظماً أو شبه منظم أو غير منظم، ويمكن أن تصل تكلفة متر مربع من البناء على الهيكل إلى مليون ليرة ، لكن هذه التكلفة ستصبح أعلى من ذلك إذا ما تمت إضافة عدد الأقبية والأعمال تحت الأرضية، وهذا سيحمّل الشقة السكنية تكاليف إضافية تتراوح بين 50- 100%، لذلك من هنا نقول إنّ تكلفة البناء لشقة من 80 إلى 100 متر ستصبح أكثر من مئة مليون ليرة، أما مع الإكساء فسيتضاعف السعر لأن تكاليف الإكساء كبيرة مقارنة بالدخل.

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]