عتبة الألم الاقتصادي

الخبير السوري – كتب الدكتور عامر خربوطلي:

يعرَّف الطّب عتبة الألم بكونها الحد الأقصى الذي يستطيع فيه الإنسان تحمل ألم جسدي معين وعندما يتم تجاوز هذه العتبة يبدأ الإحساس بالألم .
-ماذا يعني هذا الكلام في عالم الاقتصاد!! هل للوجع الاقتصادي عتبة ألم محددة تصبح بعدها المشاكل والأوجاع والآلام الاقتصادية مرهقة لبنيان الجسد الاقتصادي…
مبدئياً هذا الكلام غير مطروق سابقاً وليس مصطلحاً اقتصادياً معروفاً،ولكنه تصوير لحالة خلل اقتصادي تتراجع فيه أغلب القطاعات الاقتصادية، وتتضاءل الدخول الفردية، وترتفع الأسعار، وتتجمد الاستثمارات، وتضمر الادخارات ،وتتقلص معدلات النمو الاقتصادي، وتصبح أقل من معدلات النمو السكاني، مما يوحي بتجاوز عتبة الألم اقتصادياً وتبدأ المعاناة على الجميع دون استثناء، لأن عجلة الاقتصاد تدور بحدها الأدنى، ولكن الى أي معدل أو نسبة يكون الفرد قادراً على تحمل أعباء المعيشة مع أفق غير واضح اقتصادياً.
-لابد أن يكون هناك عتبة لتحمل الألم الاقتصادي ربما عندما يقل الدخل الفردي عن أرقام محدودة شهرياً لا تكفي لمواجهة متطلبات المعيشة الضرورية، وربما عندما تقل المبيعات والايرادات عن الحدود التي يقل معها معدل العائد على الاستثمار أو معدل الربحية عن الحد المقبول للمغامرة التجارية أو الاستثمارية، وربما عندما يخيم الركود الاقتصادي مع تواجد ظاهرتي البطالة مع التضخم معا بشمل متناقض ،وربما عندما تتجاوز منعكسات الحصار والعقوبات حد القدرة على التحمل و الصبر، و هل يمكن الاستمرار بتحمل الألم والوجع الاقتصادي دون أن يكون هناك علاج فعال أو إبر مسكنة على الأقل.
الألم الاقتصادي أكثر قسوة من الألم الجسدي لأن الثاني علاجه سريع، أما الأول فيحتاج لبرامج ومشاريع وحلول مستدامة تنبثق من إعادة ترتيب أولويات الموارد وتوجيهها لتخفيف الألم أولاً وعدم الشعور به،من خلال تأمين لقمة العيش وخدمات الحياة الأساسية والبحث عن جذور المشكلة وليس آثارها وإيجاد الحلول الناجعة قبل التوجه نحو اطلاق مصطلحات فضائية غير مفهومة وغير جديرة بالاهتمام من أصحاب الآلام الاقتصادية.
الاستثمار الأمثل للموارد والتركيز على المحركات الذاتية للنمو وتعزيز الموارد البشرية أفضل وسيلة لتجاوز مرحلة ألم الاقتصاد السوري.

دمشق 30/11/2022العيادة الاقتصادية السورية

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]