الحكومة لم تدعم القمح!

خلافا لتأكيداتها في اجتماعاتها وبياناتها أمام مجلس الشعب فإن الحكومة اعترفت أخيرا بالفم الملآن : لم ندعم القمح!!
وهاهو وزير الزراعة حسان قطنا يقولها بصراحة مابعدها صراحة : لم نبع لمنتجي القمح سوى 47.6 ملايين ليتر مازوت من إجمالي حاجتهم لهذه المادة والبالغة 221 ليترا ، وهذا يعني إن نسبة دعم القمح بمادة المازوت لموسم2021 ـ2022 لم تتجاوز 21.5 % فقط!
ماذا نستنتج من اعتراف الحكومة بعدم توفير المازوت المدعوم لمحصول استراتيجي يستنزف مواردنا الشحيحة من القطع الأجنبي؟
نستنتج بأن المزارعين المقتدرين ماليا اشتروا المازوت من السوق السوداء وهومتوفر فيها بكثرة “مريبة” تشير إلى وجود مافيا للمحروقات سبق واعترفت بوجودها نقابةعمال النفط منذ أكثر من خمس سنوات!
ونستنتج أيضا بأن مادة المازوت اللامدعوم سترفع كلفة طن القمح إلى مستوى أعلى من سعر شرائها المحدد من الحكومة (2000 ليرة) ، مما يفتح الباب لتهريبها إلى التجار أوإلى بلدان مجاورة كلبنان ، والأردن والعراق .. وتركيا!!
وبما أن غالبية المزارعين غير مقتدرين ماليا ، بل مديونين اما للمصرف الزراعي أوللمرابين .. فهذا يعني عجزهم عن توفير المازوت لمحركات ري المحاصيل ، والنتيجة المؤكدة : إنتاج كميات هزيلة من القمح قد توازي أوتزيد قليلا عن كميات عام القمح الذي لم تتجاوز في الموسم الماضي النصف مليون طن!!
ترى لماذا لم تدعم الحكومة زراعة القمح بحوامل الطاقة والأسمدة والمبيدات والأدوية والمياه ؟
من الصعب الإجابة على هكذا سؤال منطقي إن لم نجب على السؤال :من المستفيد من تحويل سورية من مكتف ومصدر للقمح حتى عام 2008 إلى مستورد للحبوب طوال الـ 12 عاما الماضية؟
الإجابة معروفة تماما : المستفيد الوحيد هم قلة من المستوردين المتنفذين أوالمدعومين من متنفذين!!
وما يثير الريبة فعلا هو إصرار الحكومة على لوم “الطبيعة” وتحميلها مسؤولية تدهور إنتاج القمح الذي وصل إلى مستوى “الكارثة” الموسم الماضي!
نعم.. انحباس الأمطار يؤثر على المساحات المزروعة بالقمح البعلي ،ولكن ماذا عن القمح المروي؟
لقد واجهت سورية منذ بداية تسعينات القرن الماضي الجفاف وانحباس الأمطار بإقامة شبكة كافية ووافية من السدود وشبكات الري لإنتاج مايزيد عن حاجتنا من القمح إلى حد اضطرت فيه إلى تخزين ملايين الأطنان في العراء منذ منتصف تسعينات القرن الماضي وحتى عام 2005!!
ترى ماالذي تغيّر بعد هذا التاريخ وحول سورية إلى مستورد للقمح منذ عام 2008 .. وليس خلال سنوات الحرب فقط كما أوحت جميع الحكومات السابقة؟؟
الإجابة باختصار :الحكومات منذ عام 2003 توقفت عن دعم الزراعة والصناعة وانشغلت بالتحول إلى اقتصاد السوق الليبرالي المتوحش والتي كانت بواكيرها الكارثية تحرير الأسعار وبخاصة حوامل الطاقة مع إصرار على استثناء الرواتب والأجور الذي تحصد نتائجه الكارثية منذ أعوام ملايين الأسر السورية!
الخلاصة :إذا كانت وزارة الزراعة اعتمدت الروزنامة الزراعية منذ شباط 2021 الخاصة بتأمين مستلزمات الإنتاج من بذار وأسمدة وأعلاف ومحروقات على مستوى الشهر ،فهذا يعني أنه كان أمام الحكومة الوقت الكامل لتأمين هذه المستلزمات بأوقاتها وبالسعر المدعوم .. ولكنها لم تفعلها ، والسؤال :لماذا؟

علي عبود

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]