لماذا يخشى اللاجئون السوريون العودة …بما أن بقاءهم ليس قسرياً؟
على خلاف الصورة الذهنية المتشكّلة عبر سنوات في شأن مواقف اللاجئين السوريين في الخارج، أثبت إقبال هؤلاء على الانتخابات الرئاسية الأخيرة وجود تمايز في ما بينهم، بل وتبنّي شريحة منهم موقفاً مؤيّداً للنظام. لكن حتى المنتمين إلى هذه الشريحة يُظهرون تردّداً ذاتياً في العودة إلى بلادهم، إذا ما عُزلت عنهم تأثيرات استغلال الملفّ من قِبَل بعض دول اللجوء. وهو تردّد يُعزى إلى جملة اعتبارات أمنية واقتصادية، لا يبدو من السهل على اللاجئ، أيّاً كان ميله السياسي، تجاوزها
في خضمّ نقاش سياسي واقتصادي خاضه عدد من أساتذة الجامعات وبعض المهتمّين بالشأن العام، خلال ندوة نظّمتها أخيراً كلية العلوم السياسية في جامعة دمشق، برز تساؤل هامّ عن سبب ذلك التناقض الحاصل في مواقف بعض اللاجئين السوريين، الذين لم يتردّدوا في التوجّه منذ صبيحة يوم الانتخابات الرئاسية الأخيرة إلى سفارات بلادهم للمشاركة في التصويت، تماماً مثلما فعلوا في انتخابات عام 2014، لكن عند الحديث عن ملفّ عودتهم إلى الوطن، يُفضّل هؤلاء التريّث في اتّخاذ أيّ قرار، أو يختارون البقاء حيث هم، حتى وإن كانوا يقيمون في المخيّمات. فما الذي يمنعهم من العودة، ما دام ليس لديهم موقف سياسي معارض للنظام؟
استغلال سياسي
أيّاً كانت أعداد اللاجئين السوريين المشاركين في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، ونسبتهم إلى إجمالي اللاجئين الموجودين في هذا البلد أو ذاك، فإن التساؤل المطروح سابقاً يبقى مشروعاً، ولا سيما أن نسبة العائدين إلى بلادهم لا تزال قليلة، مقارنةً بِمَن هم في الخارج وتوزّعهم الجغرافي. إذ تتحدّث مصادر بحثية مستقلّة عن أن العدد المُسجّل وصل مع نهاية عام 2019 إلى حوالى 6.7 ملايين لاجئ، يتوزّع القسم الأكبر منهم في الدول المجاورة، وتحديداً في لبنان، الأردن وتركيا. لكن إلى الآن ليست ثمّة مؤشرات موضوعية يمكن من خلالها الوقوف على حقيقة الموقف السياسي لمجتمع اللاجئين، وتالياً تقييم دور هذا العامل في اتخاذ قرار العودة أو البقاء. لكن الأكيد، بحسب الأستاذ في كلية العلوم السياسية في جامعة دمشق، عقيل محفوض، أن “ثمّة بعداً سياسياً في مواقف عدد من دول اللجوء تجاه عودة اللاجئين، إذ إن تلك الدول تربط العودة بالحلّ السياسي أو التسوية، وتحاول الإمساك بورقة اللاجئين للتأثير في ملفّات هذه التسوية، وخاصة إذا حدث مثلاً استفتاء على دستور جديد، وبالطبع هناك مَن يريد أن يبقى ملفّ اللاجئين ورقة ضغط ضدّ دمشق، أو ورقة ضغط ومساومة تجاه دول أخرى، والمثال على ذلك ما تفعله تركيا حيال الاتحاد الأوروبي”. وينبّه محفوض، في حديث إلى “الأخبار”، إلى أن “اللجوء السوري، إضافة إلى أنه يمثّل ظاهرة عالمية، بل أكبر ظاهرة لجوء في العالم اليوم، فهو أيضاً يمثّل ظاهرة ريع سياسي واقتصادي لدى اللاجئين أنفسهم، كما لدى مجتمعات ودول اللجوء، وأحياناً المجتمع السوري نفسه”.
لا تزال الاعتبارات الأمنية تُرخي بثقلها على اللاجئين بمختلف مواقفهم السياسية
التعليقات مغلقة.