الوجه الآخر لكورونا… أرباح خيالية لجيوب الأثرياء و انهيار نفسي لملايين الأشخاص حول العالم

الخبير السوري:

جوانب مظلمة كثيرة حملتها جائحة فيروس كورونا لا تقتصر على الصحة الجسدية والوضع الاقتصادي الذي شهد تدهوراً على الصعيد العالمي سواء في البلدان الفقيرة أو الغنية فهناك عواقب أخرى كارثية وأكثر خطورة سقطت من حسابات الكثير من الناس العاديين الذين انشغلوا بآثار الفيروس على صحتهم ووضعهم المادي دون الانتباه الى الجهات المستفيدة فعلا من أزمة الجائحة والأرباح الخيالية التي عادت الى جيوب الأثرياء مقابل الانهيار النفسي والعقلي لملايين الأشخاص حول العالم. وبالأخذ بعين الاعتبار أن الفئات السكانية الفقيرة والمتحدرة من أصول عرقية مختلفة في دول أوروبا والولايات المتحدة هي الأكثر تضررا من جائحة كورونا فإن تركيز الحكومات الغربية على الحوافز الاقتصادية ومحاولات إنعاش النمو عبر ضخ الأموال للشركات الكبرى يطرح أسئلة كثيرة وعلامات استفهام خطيرة حول وجود جهات مستفيدة من ازمة الوباء والظروف المرافقة لها فقد أثبتت دراسات كثيرة أحدثها ما نشره مركز الصحة النفسية البريطاني أن إجراءات العزل والإغلاق العام فاقمت الأمراض النفسية والعقلية لدى الملايين ودفعت ملايين آخرين إلى الإفلاس والبطالة في الوقت الذي زادت فيه ثروة طبقة معينة إلى مستويات غير مسبوقة. وفي هذا السياق تأتي دراسات أخرى لتكشف أن أثرياء العالم أضافوا 730 مليار دولار إلى ثروتهم منذ منتصف آذار الماضي بينما أصبح 40 مليون أمريكي عاطلين عن العمل مقارنة بالأزمة المالية عام 2008 التي فقد خلالها 8ر8 ملايين امريكي أعمالهم. دراسة نشرتها صحيفة لوس انجلوس تايمز الامريكية أوضحت أنه ما بين عامي 2009 و2012 زادت مداخيل طبقة النخبة في الولايات المتحدة التي تشكل نسبة 1 بالمئة من الأمريكيين بنسبة 31 بالمئة بسبب المساعدات المالية الحكومية التي انحصرت بالشركات والمؤسسات الكبرى وتخفيض معدلات الفائدة إلى نسبة الصفر تقريباً ما جعل الأثرياء يحققون أرباحا هائلة عند تعافي الأسواق مجدداً. ولتسليط الضوء على المستفيد الأكبر من أزمة كورونا أشارت الدراسة إلى أنه خلال السنوات الأخيرة وصولاً إلى عام 2020 زادت الثروة الإجمالية للطبقة الغنية في الولايات المتحدة بنسبة تفوق الـ 80 بالمئة في حين أن 4 من أصل 10 أشخاص فقدوا مدخراتهم ولم يعودوا قادرين على تغطية نفقاتهم الأساسية. الدراسة لفتت إلى أن سيناريو الأزمة المالية العالمية عام 2008 عاد ليتكرر مجدداً العام الماضي عبر منح الحوافز الاقتصادية والمساعدات المالية للشركات الكبرى والأثرياء وتخفيض سعر الفائدة إلى صفر تقريباً. جانب آخر أكثر خطورة يكشف الوجه الحقيقي للوباء والمستفيد الأكبر من ورائه يتمثل في الانهيار النفسي الذي أصاب ملايين الأشخاص حول العالم فمع استمرار العزل والإغلاق العام عمدت الحكومات الغربية إلى تجاهل المشكلات النفسية الناتجة عن الوباء ما أدى الى تفاقم الاعتماد على المسكنات والمهدئات واللجوء إلى المخدرات وغيرها لتزداد بالتوازي مع ذلك أرباح شركات الأدوية. دراسة بريطانية حديثة كشفت أن الاكتئاب بين البريطانيين تضاعف العام الماضي وبحسب مركز الصحة النفسي البريطاني فإن 10 ملايين بريطاني أي ما يعادل 20 بالمئة من السكان يحتاجون مساعدة جديدة وإضافية في الأزمات النفسية التي يعانون منها وتفاقمت جراء كورونا. دراسة أمريكية أظهرت أيضاً أن الوباء ساهم في مضاعفة أعراض التوتر بين الأمريكيين بمعدل ثلاث مرات عما كان عليه قبل 2020 وضاعف بمعدل أربع مرات الاكتئاب بينهم في حين أشار استطلاع للرأي إلى أن نصف الأمريكيين أكدوا أن الوباء أدى إلى تضررهم على الصعيد النفسي والعقلي وبحسب الدراسات فإن معدل الاتصالات الساخنة المتعلقة بالاضطرابات النفسية والاكتئاب ازداد بمعدل ألف بالمئة منذ نيسان الماضي في الولايات المتحدة وحدها. خبراء الصحة في الولايات المتحدة أطلقوا صفارات الإنذار حول آثار الوباء على الصحة النفسية والعقلية وكشفوا أن 40 بالمئة من الأمريكيين يعانون من القلق والاكتئاب والنسبة الأكبر من هؤلاء هم من فئة الشباب والمراهقين. حالات القلق والتوتر التي استشرت في مجتمعات الغرب تعود في جزء منها إلى ظهور الفروق الاجتماعية ومظاهر التمييز على أساس العرق بشكل واضح وطفت المشكلات المرافقة لها على السطح مجددا ولعل المجتمع الأمريكي يشكل أكبر مثال على ذلك فالتفاوت الكبير في أعداد ضحايا جائحة كورونا كشف عمق وخطورة التمييز العنصري الماثل تاريخياً في الولايات المتحدة.

سانا..

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]