إدارة التفتيش القضائي تقيّم نفسها بالإيجابية و عقوبات تقتصر على “وشوشة” القاضي بخطئه.. وأخرى تقف عند حد النقل لإدارة أخرى

الخبير السوري

عادةً ما يشكل القاضي صمام الأمان في الحفاظ على سلامة ميزان العدل وإرساء كلمة الحق، ونال لدوره هذا مكانة خاصة وميزات أتاحت له مجالاً رحباً في مجالات عمله المختلفة، غير أن تلك المكانة لن تشفع له عند ارتكابه لأي خطأ، إذ أوكل القانون إلى إدارة التفتيش القضائي مهمة مراقبة أداء القضاة وسلوكهم والأحكام الصادرة عنهم بعيداً عن مختلف التأثيرات، ولعل من يشعر بأي مظلمة بحقه أو تصرف مسيء من القاضي كان يجد في تقديم شكوى للإدارة ملاذاً له.. غير أن الاستجابة لم تكن دائما وفقاً للآمال حسب من التقيناهم في أروقة المحاكم المكتظة بأحكام مؤجلة تضع أصحابها على قائمة الانتظار المرير، وكانت الشكاوى بدءاً من قلة الاكتراث التي تمثلت بخلوّ معظم المحاكم من القضاة قبل الساعة 11 صباحاً، وصولاً إلى المماطلة في الدعاوى والأحكام “الصادمة” أحياناً حسب أصحاب الشكوى، غير أن للقضاة رأياً آخر يتمثل بتأمين مكان لائق يعملون به بدايةً حتى يكون التقييم خاضعاً لمعايير منطقية..!

رضى ومنغصات
أما لجهة الإدارة التي تشكل أحد أجهزة وزارة العدل الأساسية فبدا عبر أحد أعضائها أنها راضية تماماً عن أدائها ولا ترى أية منغصات تحد من عملها، فحسب القاضي ماهر الحجار تقوم الإدارة بعملها بشكل فاعل، ويستمر نشاطها الرقابي القانوني التقييمي على العناصر المحددة في القانون (الأحكام، القرارات، الإجراءات القضائية، وكافة الأمور المسلكية)، مبيناً أن المشرع ألقى على عاتقها مجموعة من الأعباء والمهام القانونية والرقابية للتفتيش على أعمال قضاة الحكم والنيابة العامة والدوائر القضائية، وكذلك على الأجهزة الإدارية التابعة للعملية القضائية. ورغم الآراء المتناقضة حول فعالية دور الإدارة في إنجاز مهامها يرى الحجار أن التقييم العام “السمعة” في الوسط القانوني يشير إلى نهوض الإدارة بنشاطها القانوني الرقابي، مستشهداً بالمرونة في استقبال وبحث ومعالجة أي شكوى يتقدم بها من يستشعر بوجود مظلمة ألحقت به أو إجراء محل شبهة مس حقه القانوني.
وشكلت آلية توزع المفتشين في العدليات عامل ثقة لدى الحجار، ليؤكد أن عددهم كافٍ للقيام بمهامهم بوجود مفتش مركزي وآخرين ثانويين في كل عدلية، بحيث يوكل إليهم دراسة ما يتلقون من شكاوى وإعداد التقرير التفتيشي اللازم وإحالته للإدارة المركزية، موضحاً أنه في حال كان الضرر بالشاكي أو العملية القضائية يمكن استدراكه يكتفى بإحاطة القاضي بالعلم لملاحظته واستدراكه، أما إذا كان خطأً كبيراً ألحق ضرراً بأحد طرفي الدعوى أو بالقوانين النافذة يحال القاضي إلى مجلس القضاء الأعلى. وتعتبر الاجتهادات القضائية المقارنة أن من الأخطاء المهنية الجسيمة عدم علم القاضي بالمبادئ الأولية للقانون، أو أن الإجراء الذي اتخذه القاضي والناجم عن المخالفة ألحق ضرراً بأحد المتخاصمين، وتعتبر هذه المخالفة زلة مسلكية.

عن طريق الطعن
وبيَن الحجار أن من لم يقتنع بأي إجراء يحق له سلوك طرق الطعن المقررة في القانون، حيث تتم معالجة الأخطاء “غير الجسيمة” عن طريق الطعن بالأحكام أمام مراجع الطعن القضائية. أما الشكاوى فهي تبقى بين الإدارة والقاضي لتقييم عمله المشكو منه والتوصل إلى نتيجة من دون أن تمس سلامة الإجراء القضائي من عدمه ليبقى مرجع الطعن بالحكم هو ما يصوب الإجراء، لافتاً أنه يمكن لمن يدعي وجود خطأ مهني جسيم في الأحكام المبرمة أن يلجأ إلى دعوى المخاصمة.
وكانت وزارة العدل في رؤيتها لبرنامج الإصلاح الإداري أشارت إلى ضرورة الارتقاء بعمل إدارة التفتيش القضائي، وتحسين ظروف عملها بحيث تحقق الكفاءة المطلوبة، الأمر الذي لاحظ الحجار بداية تطبيقه عبر عدة خطوات إيجابية وملموسة لم يذكر منها سوى التأكيد على تفعيل وتطبيق النصوص القانونية الناظمة لإدارة التفتيش القضائي بغاية إنجاز العملية القضائية على أكمل وجه، وبنتائج إيجابية الأثر.

مسمى “الكيدية”
وخلال استطلاعنا للواقع “الوردي” حسب رؤية الإدارة استغرب بعض من سألناهم إن كان التفتيش القضائي لايزال موجوداً في الأساس، وإلا لماذا يستمر استهتار بعض القضاة بمصائرهم دون حسيبٍ ولا رقيب، حتى إن الكثير من الشكاوى تصنف تحت مسمى “الكيدية” ليتم استبعادها، ويضيف أحد المحامين أن بعض الشكاوى يتم التحقق منها وإثبات خطأ القاضي، غير أن العقوبة تقتصر في معظم الأحيان على نقله إلى مكان آخر دون حساب ولا عقاب، وهنا يعود الحجار ليؤكد أنه لم يلحظ أي تراخٍ من قبل المفتشين القضائيين، فضلاً عن ذلك تتم دراسة التقرير التفتيشي بأكثر من زاوية، فإن وجد المفتش الذي يدرس التقرير ما يحتاج إلى رؤية أكثر عمقاً، تعاد دراسته من مفتش آخر “ليس طعناً” وإنما برؤية أكثر موضوعية وشمولية. مضيفاً أن الإدارة تقوم بتفتيش دوري على القضاة (مرتين سنوياً..!) تتركز مهمته الأساسية على تقييم العملية القضائية من ناحية القاضي والنشاط القضائي الموضوعي، موضحاً أن فتح المجال للشكاوى بشكل دائم يجيب على الاستفسار بخصوص عدد تلك الجولات، فيشكل التفتيش الدوري عملية تقييمية والشكوى مسألة فردية.
ولفت الحجار إلى أن التقييم يتبع أسلوب المكافأة والعقاب، حيث نتج عنه عدة ثناءات من وزير العدل للقضاة الذين يستحقون نتيجة معطيات وأسس تقييمية، إلى جانب مكافآت مالية للقضاة الذين قاموا بأعمالهم بشكل متكامل، في حين غاب عدد القضاة المعزولين نتيجة التقييم عن الحجار، إلا أنه قدره بالـ “قليل جداً”. واستبعد عضو إدارة التفتيش القضائي وجود أي تدخل في عمل الإدارة، مشيراً إلى أن التقييم السنوي في 2018 للإدارة جيد بالمجمل واتسم بالإيجابية دون تفاصيل إضافية..!

المصدر : البعث

 

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]