سباق أولويات ساخن ..الحكومة ترسم ملامح أساسية لخارطة طريق تنموية.. من هنا حتى العام 2030

الخبير السوري:

  قطعت الحكومة الحالية أشواطا مهمة  وليست بالقليلة  في الطريق نحو وضع تصور للبلاد في مرحلة ما بعد الحرب ..

كلنا يذكر قبل الأزمة , فإنّ أحد أهم البرامج التي كانت طروحة على طاولة الحكومة العطرية هي برنامج  ” سورية ما بعد 2020 ” وكان البرنامج يستهدف تحقيق التنمية المتوازنة التي تنسجم مع تراجع الموارد الطبيعية و ارتفاع عدد السكان وبالتالي طالبي العمل . اليوم تخطط حكومة المهندس عماد خميس لسورية ما بعد الحرب وعمليا هي تخطط لسورية ما بعد 2020 ولكن بمعطيات محدودة وتحديات صعبة جدا و الأهم في التخطيط هو بناء ما هدمته الحرب وفق رؤية جديدة تعيد المدن منظمة , عصرية وتدخل التنمية في صلب بناءها . وهنا علينا أن ندرك أن وضع سورية بعد كل الدمار الذي أصابها ليس كغيرها من الدول الشبيهة التي خرجت من حروب . على الاقل فهناك إعلان دولي بشروط غير مقبولة بالمطلق من قبل الدولة السورية حتى يتم عقد مؤتمرات للمانحين والسماح بتدفق الأموال باتجاه عملية الاعمار في البلاد ؟ وهذا ما دفع رئيس الجمهورية للقول بوضوح قبل فترة في تصريح صحفي ” بأن سورية بدأت إعادة الإعمار فعلا ” وهذا يعني الاعتماد على مواردها وامكانياتها الذاتية والأموال السورية في الداخل والخارج و مساعدة الدول الصديقة .

من هنا فإنّ رؤية الدولة السورية وكما يبدو تقوم على خلق البيئة الداخلية التي من شأنها تحفيز المال الداخلي ليأخذ طريقه عبر قنوات الاستثمار الانتاجية , بالتوازي مع العمل على جذب الأموال السورية التي أصابها الإخفاق من القرارات الدولية بعدم دعم عملية إعادة الإعمار. وبالتالي فإن إحباطها وخشيتها من القوانين الجديدة التي تتخذها بعض الدول وفي مقدمتها “الإمارات و السعودية ” كل يوم جعلها تدخل في عملية مقارنة بين البقاء في المجهول الذي بات ينطوي عليه العمل والاستثمار في كل من السعودية و دبي وبين سورية التي بدأت تتحرك بقوة نحو الاستثمار والانتاج ضمن عملية إعادة بناء تتم قراراتها بشكل سيادي . ومؤخرا وخلال ندوة اقتصادية عقدت في دمشق حول الاستثمار جرى الحديث بوضوح عن امتلاك سورية لفرصة حقيقية لتغليب الفرص لديها على الفرص الموجودة في بعض البلدان التي تتركز فيها الرساميل السورية وخاصة ” لبنان المفلس , والسعودية التي تسرق مستثمريها , و دبي التي لم تعد تريح المستثمرين بالقدر الكافي ” كل ذلك في ظل وجود مؤشرات عن بوادر أزمة اقتصادية خانقة سيشهدها العالم . بحلول عام 2019 . وكما نعلم الاقتصاديات التي تركز على البورصة والأسهم و الخدمات هي الاكثر تأثراً . في حين تبدو الاقتصاديات الإنتاجية أكثر قدرة على المواجهة و الصمود.

  من المقرر أن تستكمل حكومة المهندس عماد خميس في عام 2019  ما بدأته منذ قدومها بل وتتويجه بمجموعة من النتائج الكلية .. فهي ستضع وبكل تأكيد قانون الاستثمار الجديد بالخدمة وسط بيئة عملت الكثير من الخطوات لتكون مريحة للمستثمرين . وستستكمل برنامج إحلال المستوردات و اعادة النظر بالمواد المسموح باستيرادها بالتوزاي مع اتخاذ خطوات قوية لمكافحة التهريب عدو الاقتصاد السوري الاول والذي يستنزف يوميا من 10 الى 20 مليون دولار الحكومة أيضا أقرت خطة لانجاز تعديل حزمة واسعة من القوانين والتشريعات التي من شأنها خدمة متطلبات المرحلة و المساعدة عى إطلاق الاقتصاد السوري والأهم سد المنافذ على الفساد والتهريب وغيره من المظاهر التي قوّتها الحرب وصارت كالسرطان في الاقتصاد السوري . على أن الاهم ربما من تعديل وتغيير القوانين هو في الحرص على تطبيقها ومنع التعدي عليها من أي طرف كان ويبدو أنّ هناك ضوء قوي للقيام بإجراءات قاسية خاصة بحق المهربين . البند المهم الذي ستعمل عليه حكومة عماد خميس في عام 2019 و سيكون احد مكونات سورية ما بعد الحرب هو في إضافة بند جديد وفي غاية الاهمية إلى عمل لجان المتابعة في المحافظات والتي غالبا ما يترأسها وزراء ويقضي هذا البند بإشراف الوزراء على اعادة الحركة الاقتصادية للمدن والمناطق المحررة من خلال إعادة فتح الورشات والمصانع والمحلات و الورش وحتى المحلات التجارية وتقديم الدعم لها في سبيل إعادة الحركة الاقتصادية و الانتاجية و الاستثمارية و التجارية لما لذلك من أهمية في عودة الحياة الى ألقها في هذه المدن و المناطق .

عمليا و بعد نحو عامين ونصف يبدو واضحا أنّ الحكومة بدأت تمتلك رؤية واضحة وعميقة ومفصلة والأهم قابلة للتحقيق من شأنها مساعدة البلد لشق طريقها الصحيح عبر نهج يقوم على إطلاق تدريجي لطاقات المجتمع والاقتصاد.. ضمن خطة تمتد حتى 2030 ومن أجل ذلك تعطي الحكومة وفرق عملها الكثير من الوقت والجهد والامكانيات فالحكومة تتطلع للخروج من مأزق تراجع التنمية الذي كرسته الحرب فقامت بتحليل الاختلالات الأساسية في بنية وهيكلية المجتمع والاقتصاد، بما يمكنهتا من امتلاك أحد أدوات صياغة الرؤية والأهداف والسياسات وتحديد الأولويات الكلية والقطاعية والمكانية، وصولاً إلى البرامج والمشاريع. سورية ما بعد الحرب هو جهد حكومي غير مؤجل من أجل بناء استراتيجية عمل حتى /2030/ وتهدف الى رسم المستقبل السوري الذي يعبر عن الرؤية الوطنية. بناء على الرؤى والأهداف والسياسات، التي يتم اعدادها من قبل فريق عمل يتجاوز عدد أعضاءه ال 200 شخص من مختلف الاختصاصات و الاهتمامات و تم تنسيقه في هيئة التخطيط والتعاون الدولي.

ويرتكز برنامج “سورية ما بعد الحرب” إلى خمسة محاور تتعلق بالحوار الوطني والتعددية السياسية والبناء المؤسسي وتعزيز النزاهة والبنى التحتية والطاقة والنمو والتنمية والتشغيل والتنمية الإنسانية. ويتم العمل وفقا لعدد من المحاور : الإداري، الخدمات والبنى التحتية… والمحورين الاقتصادي والاجتماعي وهما الأهم لبلوغ عميلية التنمية .

طبعا برنامج سورية ما بعد الحرب يضع السياسات الحكومية المرتبطة بالوصول إلى تلك الأهداف عبر المحاور الخمسة وخلال المراحل الزمنية المختلفة للتنفيذ، هذا ومن المقرر أن يتم عرض التقرير بشكل موسع مع شركاء الحكومة بالتنمية من منظمات وأكاديميين.. بغرض إغناء التقرير بالملاحظات التي يتم الإشارة إليها، ومن ثم وضع البرامج التنفيذية بهدف الوصول إلى الأهداف وتحديد مصادر التمويل كمرحلة تأشيرية للبدء بالتنفيذ.

  إذا طيف واسع من البرامج والسياسات و الخطط تستعد الحكومة لاعتمادها كبنود في أليات عملها تؤكد من خلالها أنّه لايمكن الانتظار ولا يمكن التأجيل فما تحتاجه البلاد من اجراءات اسعافية لا يعني انتظار التخطيط لمستقبلها وهو ما تصدت له حكومة المهندس عماد خميس محاولة التعامل بدقة مع مفرزات الحرب وعدم الاستسلام لكل تلك الظروف الصعبة التي خلقتها .

هامش : كتابة برنامج سورية ما بعد الحرب سيتم اطلاقه مطلع عام 2019 . وتمت كتابته بالتوازي مع البحث وبالتالي تأمين الاموال له .

سيرياستيبس

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]