سابقة و “ضربة معلّم” ..اتحاد المصدرين يعلن تفوّق الخصوصية السورية..ورقة رابحة اسمها “زرع في سورية”..

الخبير السوري:

انتصرت الخصوصية السورية بلا مثقلات ومعززات كرنفالية، فعلى حين غرّة لوّح اتحاد المصدرين بالورقة الأقوى و دفع بها في زحام معرض دمشق الدولي، على شكل عنوان كان له ماله من جاذبية بأربع كلمات معبّرة، إنه “المعرض الزراعي التصديري الأول”، الذي كان راجح الكفّة في خضمّ قائمة طالت كثيراً، اختلطت فيها جنسيات المنشأ السلعي في سباق ودي، و إن اكتسب الصفة الكرنفالية، إلا أنه كان سباقاً في المحصلة.

هناك في مدينة المعارض تماهى السوريون مع ذاكرة نماء و أمن غذائي مديدة ضاربة في عمق السنين الغابرة، ذاكرة الميزة النسبية والمطلقة المتجذرة في المضمار الزراعي، في بلد موسوم بالخصوصية الزراعية، مهما علت وابتعدت الطموحات، فإما منتج زراعي و إما منتج يرتكز في مادته الأولية على الإنتاج الزراعي، ليكون معيار التراتبية ذلك اللغز البسيط..الزراعة .. بكل مالها وما لنا منها.

لقد نجح اتحاد المصدرين في إضفاء الكثير من القيم المضافة على معرض دمشق الدولي هذا العام ، كما في العام السابق، إلا أن ثمة مثقل أساس في معيار التفاضل هذا العام، كان المعرض الزراعي الأول، الذي استقل لذاته بلائحة إنجاز دسمة على مستوى تنوع المعروض الإنتاجي، والإقبال الجماهيري، والعروض الموقعة مع الخارج لتصدير العلامات الفارقة السورية، التي يحتضنها المنتج الزراعي.

لقد شكل المعرض الزراعي التصديري الأول المنظم من قبل اتحاد المصدرين السوري ضمن مشاركتهم في معرض دمشق الدولي فرصةً واعدة لجذب المستثمرين إلى المنتجات الزراعية السورية، التي عانت بشكل أو بآخر من الانعكاسات السلبية لظروف الحرب سواءً لجهة الإنتاج أو حتى التسويق بعد أن شكل عامل ضغط على المُزارع والدولة في ظل قلة منافذ التصريف والتصدير.

 واستفاد اتحاد المصدرين من التجارب السابقة في المعارض الغذائية والنسيجية والكيميائية والهندسية، ما شجعه على الانطلاق بهذه الخطوة التي أثبتت فعاليتها منذ اليوم الأول بتوقيع لعدة عقود مع جهات مختلفة وإقبال كبير على المنتج السوري.

فيما ظهر التجدد ضمن المعرض عبر وجود زراعات جديدة كلياً كالفواكه الاستوائية المنتجة محلياً (المنغا والأناناس والكيوي)، فضلاً عن التميز بمشاركة رجال الأعمال السوريين وأهم المصدرين من مختلف المحافظات، وإبداء رغبتهم بتوقيع عقود تبادل تجارية مع شركات أجنبية وعربية، مستفيدين من الدعم الحكومي والتسهيلات المقدمة للتصدير، حيث شهد اليوم الخامس من انطلاقة المعرض توقيع عدة عقود مع روسيا والكويت والعراق تمهد الطريق لعودة الاسم السوري للانتشار في الأسواق العربية والعالمية بعد أن جرت محاولة تغييبه لسنوات طويلة.

حصيلة أولية وليست نهائية، أعلن عنها رئيس القطاع الزراعي في اتحاد المصدرين السوري إياد محمد الذي أشار إلى توقيع ثلاث اتفاقيات تصدير إلى روسيا بقيمة 15 مليون دولار، واتفاقية مع العراق لتصدير الخضار والفواكه، وأخرى مع شركة كويتية لتصدير الحبوب، حيث حدد لكل عقد قيمة 5 ملايين دولار قابلة للزيادة حسب الحاجة، وبحسب محمد أبدى الوفد الكويتي اهتماماً كبيراً بالبقوليات والحبوب بشكل رئيسي، كما تم توقيع عقد التصدير مع الكويت أيضاً عن طريق البحر كونه أسهل الطرق المتاحة حالياً، منوهاً في الوقت ذاته إلى أن الخط العراقي واعد جداً، في الوقت الذي يشهد فيه المنتج السوري طلباً كبيراً في مختلف الدول لخصوصيته وتميزه عن منتجات أخرى.

ويشير محمد إلى الفعالية الكبيرة التي حققها المعرض الزراعي التصديري حيث يتم توقيع عقود جديدة يومياً في المعرض من قبل وكلاء الشركات الأجنبية بعد اطلاعهم على المنتج السوري، إلى جانب الزيارات الدائمة من الوفود المشاركة ورجال الأعمال، وذلك ضمن سياق استثمار المعرض لتقديم منتجات مميزة في السوق السورية بعد الجهود التي بذلتها الدولة لإدخال أنواع جديدة من الخضار والفواكه إلى الخطط الزراعية بهدف توفير القطع الأجنبي والحد من الاستيراد، فضلاً عن دعم وزارة الاقتصاد للإنتاج المحلي والصادرات.

مناسبة المعرض الزراعي الأول، كانت فرصة ذهبية نجح اتحاد المصدرين في بلورتها، ليعلن على الملأ الانتصار على فجوة الفرز والتوضيب التي طالما شوهت سمعة المنتج الزراعي السوري، وكان لافتاً البراعة في توضيب الفاكهة السورية وكذلك الخضار، في عرض واستعراض بالغ الحذاقة لتنوع الإنتاج الزراعي في هذا البلد الزراعي بامتياز، ولم نكن لنصدق يوماً أننا في سورية ننتج الفاكهة الاستوائية، لولا أن يظهرها لنا المعرض في واجهاته الأخاذة فعلاً.

لقد لامس اتحاد المصدرين في معرضه، وجدان كل سوري يدرك أن الزراعة هي صاحبة الحظوظ الأكثر في رسم ملامح راسخة لخارطة الصناعة والتجارة السورية نحو الخارج، فإما تصنيع زراعي و إما منتج مباشر وفي كلا الحالتين نستطيع أن نفاخر بعبارة ” زرع في سورية”..

ولعله من المفيد هنا أن نلفت إلى أن نسبة مساهمة الزراعة في الناتج الإجمالي المحلي كانت في سنوات سابقة حوالى 32% ، وتقهقرت بفعل الإهمال الذي لاقاه القطاع، وعلينا أن نتوقع من العناية الفائقة التي يحظى بها القطاع حالياً والزخم من الجهات الرديفة للحكومة وفي مقدمها اتحاد المصدرين أن تعود هذه النسبة و أكثر ربما.

فثمة حرفية عالية يتعاطى بها الاتحاد مع المنتج الزراعي السوري، ليكون الرسالة الأبلغ في الوصول إلى حيث يجب أن تصل.

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]