ليست مغرية..!

 

من المستغرب حقيقة – وللوهلة الأولى – عدم تحول أية شركة عائلية إلى مساهمة عامة منذ تاريخ صدور المرسوم التشريعي رقم 61 عام 2007 المتضمن إعطاء تسهيلات مشجعة لمثل هذا التحول ولاسيما لجهة التخفيض الضريبي بنسبة 14%..!

لكن سرعان ما يزول هذا الاستغراب إذا ما علمنا بوجود رابط وثيق بين الإحجام عن هذا التحول والتهرب الضريبي..!

بمعنى آخر.. إن الشركة العائلية التي تتقن التلاعب بدفاترها المالية لتخفض نسبة تكليفها إلى 2 أو 4% على أحسن تقدير، لم يعد يغريها نسبة الـ14%..!

في حين أن الشركات المساهمة العامة وبحكم ما يحكمها من معايير تضبط سيرورة عملها، هي الأكثر التزاماً ضريبياً، فإدارتها منفصلة عن ملكيتها، وهناك أكثر من جهة وصائية تشرف على بياناتها المالية التي تلتزم بالإفصاح عنها وبشكل مفصل لتنشر على الملأ، ناهيكم عن ضمان استمرارها مقارنة بنظيرتها العائلية، وما قد يتمخض عن هذا الأمر من نشاط اقتصادي قابل للتطور والتوسع.

لكن للأسف نجد أن نشاط أغلبية هذه الشركات هو ريعي، مقابل تركز جزء من الإنتاج الحقيقي لدى الشركات العائلية، في حين أن الجزء الأكبر يتركز ضمن دائرة الورش العاملة في الظل، وهذه معفاة – عرفاً وليس قانوناً – من الضرائب، ومنفلتة من زمام أية رقابة كانت..!

ففي الوقت الذي لا ننكر ارتفاع خط الالتزام البياني لجهة دفع الضرائب في الدول المتقدمة، نرى أن ثمة عاملاً مهماً يساهم بالحفاظ على هذا الالتزام، يتمثل باختصار شديد بمسألة التنظيم الحكومي لكل المكونات الاقتصادية مهما صغرت أو كبرت، إما من خلال ترسيخ الشركات المساهمة العامة كمكون ضامن لاستمرار النشاط الاقتصادي، وإما من خلال تظهير الورش الصغيرة ومراقبة انسياب منتجاتها في الأسواق لمعرفة حجم أرباحها وبالتالي تكليفها ضريبياً، وربما ما كان لهذا التنظيم أن يتم من دون التنسيق العالي بين الجهات الحكومية المعنية..!

بالمختصر.. لن نحمل المرسوم مسألة إحجام الشركات العائلية عن التحول إلى مساهمة عامة لعدم تقديمه تسهيلات ضريبية أكبر رغم تحفظ بعض الخبراء على هذا المرسوم، لكن نعتقد أن تراخي الدوائر المالية تجاه ما يجب تحصيله من ضرائب أفقد التسهيلات التي قدم المرسوم قيمتها، وأن عدم التنسيق بين وزارات الإدارة المحلية والصناعة والتجارة الداخلية وغيرها حال دون تظهير ورشنا العاملة في الأقبية..!

حسن النابلسي

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]