احذروا “مزحة” الاستثمار السياحي فقد دفعنا ثمناً غالياً خسرناه مع أول رصاصة استهدفت سورية..

الخبير السوري:

بدأت الحياة تعود إلى أوصال الهياكل والبنى الاستثمارية في البلاد، ويبدو أن الحكومة استعدت لالتقاط الزمن المناسب في إطلاق مساعيها لمواكبة المتغيرات الإيجابية جداً في الميدان العسكري وفي الأروقة السياسية.

لكن القطاع السياحي  بدا الأكثر جذباً للرساميل العائدة من أجل الاستثمار في هذا المضمار المعروف تقليدياً في سورية بأنه القطاع الذي “يسيل له لعاب أصحاب الأموال” وقد حظي بتوظيفات مالية هائلة قبل العام 2011 ، إلا أنه خبا بمجرّد بدء الأزمة والحرب على سورية، وانكفأت الاستثمارات وأغلقت أبوابها بانتظار عودة شرط الأمان، وربما هذه أكبر مشكلة و”خصلة” سيئة يوصم بها الاستثمار السياحي المعروف أنه أول القطاعات الاقتصادية التي “تمرض” في زمن الحروب، و رساميله هي الأكثر جبناً بما أن الجميع متفق على أن رأس المال جبان بالعموم ، وهذه ليست تهمة بل ربما يعتبرها المتمولون  حكمة يجب عدم إفلاتها من قواميس الاستثمار.

الواضح الآن أننا على موعد مع عودة سريعة للروح إلى القطاع السياحي، لكن رغم التصفيق والتهليل للاستثمارات العائدة والأخرى الجديدة، يبدو أن الحذر واجب من الحكومة، التي عليها توخي توجيه الرساميل في اتجاهات تنموية حقيقية، وليس فقط ريعية كما هو الحال في السياحة، ولا نعتقد أن في هذا تقليلاً من أهمية الاستثمار السياحي، لكن يجب تحقيق التوازن في ضخ الرساميل عبر قنوات الاستثمار، والحرص على ضمان عدم رجحان كفة القطاعات الريعية على حساب القطاعات التنموية كالصناعة والزراعة والتصنيع الزراعي.

هي هواجس لا نعتقد أنها ستكون قرارات مباشرة، لكن لا بد من “كونترول” حكومي يضبط هذه العملية، فالبلاد بحاجة إلى استثمارات منتشرة أفقياً، تحقق عائدات اقتصادية و اجتماعية في آن معاً، وتحرص على إعادة ترسيخ التنمية المتوازنة، ولا نعتقد أن الاستثمارات السياحية تحقق هذه الشروط.

الجديد الذي حفز طرح الموضوع كان متوالية الأخبار التي بدأت تتدفق من مختلف المحافظات، وتتحدث عن تراخيص لا ستثمارات سياحية، لكن دون أخبار موازية تتحدث عن استثمارات باختصاصات أخرى، ما يوحي بأن المستثمر السياحي كان يختبئ”وراء الباب” للعودة بمجرد عودة الهدوء والأمان إلى البلاد، وهذا يؤكد أن الاستثمار السياحي هو “حالة امتيازية” للمستثمر وليس للحكومة أو لسورية، بالتالي علينا ألا نكون ممتنين لمن يطلق استثماراً سياحياً، بل هو من عليه أن يكون ممتناً للحكومة التي منحته “امتياز” الاستثمار، هذه هي الحقيقة التي يجب أن نسلم بها أو على الأقل نخضعها للنقاش قبل الاسترسال في إقامة الأفراح والأعراس احتفاء بالاستثمار السياحي.

ختاماً لا بأس بالاستثمار السياحي، لكنه ليس الخيار الأمثل، وفي هذه الدنيا شيء اسمه “أولويات” وهذا ما علينا ترتيبه بعناية فائقة، ونحن على يقين بأن ترتيب الأولوية السياحيى لن يكون الرقم واحد ولا إثنان ولا حتى ثلاثة، فثمة استحقاقات أهم من الترفيه بكثير.

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]