“النق سياج الرزق” عبرة رجل الأعمال السوري في زمن الأزمة..

 

لم ييأس رجال أعمالنا من اعتماد مقولة “النق سياج الرزق” في تعاطيهم مع قضاياهم المطلبية من الحكومة، وطبعاً لم تختلف اللهجة بين زمن الرخاء وزمن الأزمة الراهنة، وهذا الأمر – على ما يثيره من استغراب – إلا أنه جدير بالعرض ولو من باب الحديث الودي.

في النظر إلى المشهد العام للنشاط الاقتصادي داخل القطر ومراقبة حركة الصناعة والتجارة والمصارف وغيرها، يرى هؤلاء أن ثمة معوقات تضيق الأنفاس على هذه الأنشطة ويعيق استكمال حركتها الإنتاجية والتسويقية، ويعتبرون أن هذا ما تشير إليه معطيات واقع بدا الإفصاح عن مواجعه أمراً محتماً لاجتراح حلولا تصوب مسارات حركتي التسويق والإنتاج، وذلك في ظل ما تعيشه بضائعنا من قلق التصدير وإيجاد أسواق لها في الخارج، ناهيكم عن عقدة المعابر واليات الوصول إليها، والاجتهاد على باتجاه العمل على وضع آليات جديدة لإيصال هذه البضائع إلى الدول المجاورة وغيرها.

التصدير أولا

ويرون أن  الصناعي الذي استطاع أن يدعم السوق المحلي بالمنتج الجيد والمنافس للماركات العالمية، يقف حائرا في بحثه عن سبل تصريف منتجه إلى أسواق جديدة في الخارج، وبالمقارنة ما بين التصدير الذي من شأنه تأمين وجذب القطع الأجنبي للبلد، وما بين الاستيراد الذي هو في كل الأحوال صرف وهدر للقطع الأجنبي، لم نر نتائج على الأرض للحراك والاهتمام الأخير بملف الصادرات الحالة الأصح والاهم في هذه المرحلة،  التصدير والذي من المفترض أن يلهم أصحاب القرار بوضع آليات حقيقية وصادقة لدعم حركة التجارة والصناعة بالاتجاه نحو توزيع منتجاتها نحو أسواق خارجية، رغم ما يبدو للعيان من وجود أساليب مختلفة يمكن من خلالها تحقيق هذه المعادلة، إلا أن المشهد الاقتصادي لا يخلو من الحركات التنفيذية الاستعراضية والبهلوانية التي تدعي نوعا ما إيجاد حلول لمشكلاتنا العالقة، فالواقع لا يشير إلى أية حلول إلى الآن، ولم يحصد أصحاب المصانع والمعامل والمنتجين أي نتائج تذكر حتى الآن من هذه الحلول الاستعراضية.

مشكلات معلقة

تتبلور فكرة الصناعة والتجارة ودعم الإنتاج المحلي عندما نصل إلى مرحلة التوزيع وإيجاد سوق خارجية له، والارتقاء به للمنافسة مع المنتج الأجنبي، وبذلك تكتمل دائرة العمل لدينا، لكن الحقيقية تشير إلى أن هناك مشكلات تتحدى تكامل العمل الاقتصادي والذي ينتهي إلى عملية التصدير،  يتحدث بعض المصدرين والمنتجين وبشي من “الذاتية” ربما أو النفعية بمنظور خاص وليس استراتيجي عن الصعوبات التي تعترض عملية تصريف منتجاتهم خارج القطر، ولعل أهم هذه الصعوبات تجلت في ارتفاع أجور الخدمات المرافقة لعملية التصدير من نقل وخزن، إذ تعد هذه التكاليف مرتفعة جدا بالنسبة مقارنة بالدول المجاورة التي تعتمد تسعيرة خاصة بالتصدير لهذه الخدمات، ويبدو أن الروتين وكثرة الأعمال الورقية تزيد الطين بلة، وتزيد العمل إرباكا، بالإضافة إلى تضيع الوقت في إعداد الأوراق والمستندات المطلوبة لعملية التصدير.

إجراءات غير لازمة

يعبر معظم الصناعيين عن الأعباء المادية والإدارية التي تساهم في عرقلة حركة التصدير دون أي فائدة تذكر، وهنا يؤكد بعض المصدرون أن شهادة المنشأ تعد جواز سفر للبضائع لأنها فاتورة مصدقة من أحد الغرف الصناعية أو التجارية والزراعية، وتعد كل الإجراءات التي يتم اتخاذها أثناء عملية التصدير من لصاقات ورسوم هي فعليا ليست شروط مطالب بها من الدول المستوردة للبضائع السورية المصدر إليها، وبالتالي ومن وجهة نظر المصدرين فان ذلك يعد جعجعة بلا طحين أي إجراءات غير لازمة  وغير مجدية بل تعيق عملية التصدير أيضا، ويضيف من كان بها خبيرا “المصدرين” فان ارتفاع رسوم الانتساب أو حتى التجديد والرسوم التي تقدم لاتحاد المصدرين يعد بمثابة أتاوة مفروضة بغير حق على المصدرين ولكن مجبرين على دفعها عند كل عملية تصدير..!.

مطالبات

لتخفيف الصعوبات والعراقيل أمام المصدرين كان لابد من النظر جيدا في القرارات التي تتخذها الجهات المعنية، ما دفع العديد من المصدرين للمطالبة بالسماح لهم بتصديق شهادة المنشأ من مديرية الاقتصاد الموجودة في المحافظة المعنية بالمنتج من أجل تقليل الأعباء، علما أن هذا الإجراء لا يتنافى مع الدول المستوردة، كما طالب المصدرون التسامح مع المصدر أسوة بالمستورد الذي يتم إعفاءه من وزن زائد من الحمولة يصل إلى 10%، والتساهل مع المصدر في حال كان هناك أوزان إضافية تظهر خلال تقديم الفواتير.

غير ملزمين

لا ترتبط مشكلات ومعوقات عملية التصدير بجهة محددة فهناك عوامل كثيرة دعت إلى هذا الواقع غير المنظم، لكن رئيس اتحاد المصدرين السوري محمد السواح أوضح  أن الاتحاد يقدم كل ما أمكن لتلبية حاجات المصدرين وحماية الناقلات والشاحنات المصدرة، مبينا أنه ليس من مهام الاتحاد البحث عن أسواق جديدة, وان الواقع والظرف الحالي فرض العديد من المعوقات التي لا يمكن تجاوزها بسهولة.

كلمة أخيرة

لا يمكننا في أي حال من الأحوال وخاصة في الوقت الراهن التقليل من أهمية عملية التصدير، ففي حين يدعو البعض لإغراق أسواقنا المحلية بالمنتجات المختلفة وتحويلها إلى سوق مفتوحة، ثمة صوت ينادي جهاتنا المعنية للالتفات إلى من يريد دعم منتجاتنا وفتح الأفاق في أسواق عربية وعالمية، ونحن بدورنا نؤمن بأن لدينا من الصناعات الجيدة والمتميزة وذات جودة عالية تدفع الكثير من الدول إلى الاهتمام بها، وليس من الحكمة بمكان أن نقف في وجه من يجذب القطع الأجنبي إلى مصارفنا ويدعم الاقتصاد الوطني، فإذلال تلك العقبات وإيجاد الحلول ليس بالأمر المستحيل فالهدف الحقيقي يكمن في المصلحة العامة وليست الفردية.

 ميادة حسن

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]