رجل أعمال يكشف ماخفي من حقائق التهرب الضريبي في قطاع “البزنس”..أشخاص تحولوا إلى أصحاب ثروات بي ليلة وضحاها..

 

دمشق – الخبير السوري:

وضع عضو مجلس الشعب فارس الشهابي إصبعه على جرح الضرائب النازف، لدى حديثه حول موضوع إيجاد مطارح ضريبية وتعميق جهود مكافحة التهرب الضريبي وتحصيل حقوق الخزينة، الوارد بالموازنة، وتأكيده بأن هذا الموضوع يزيد موارد الخزينة أكثر من 25%، ولعل إشارته – خلال جلسة مجلس الشعب التي تابعت مناقشة تقرير موازنة 2017 – إلى أن “أشخاصاً تحولوا إلى أصحاب أموال وثروات طائلة بين ليلة وضحاها، ونحن نتجه اليوم إلى التحصيل الضريبي من راتب الموظف أو من منظومة إنتاجية تعاني من الدمار والسرقة”. يحرضنا للحديث عن جزء بسيط من ملف الضرائب الشائك، وما يشكله من هاجس ليس بالقليل لدى دوائر المالية..!.

جيد ولكن..!.

في الوقت الذي تتمنع فيه مفاصل وزارة المالية عن الإفصاح عن أي رقم حول التحصيل الضريبي، تؤكد أخرى أن هذا الرقم بتحسن مستمر. فالبداية كانت مع مدير عام هيئة الضرائب والرسوم عبد الكريم حسين الذي اعتبر أن إعطاء أي رقم له علاقة بالضرائب قد يساء استخدامه أو تأويله..!.

ولدى محاولتنا استفزاز أحد مسؤولي مديرية مالية دمشق حول تقصيرها بالتحصيل الضريبي وتحديداً لمنشآت دمشق السياحية -على اعتبار أن التكتم هو سيد الموقف- أكد هذا المفصل أن الرقم المُحَصّل جيد خاصة بعد تطبيق تجربة اتفاق التراضي الأخير بين الطرفين (المالية وأصحاب هذه المنشآت)، ولقد ازدادت رغبته بالإفصاح الدقيق عن رقم التحصيل عندما شككنا بما يتم تداوله في أروقة المالية بأن نتائج هذا الاتفاق لم تكن بالمستوى المطلوب، وعندها طلب منا كتاب رسمي من مدير عام الهيئة يسمح له بتزويدنا بما نرغب من أرقام ومؤشرات..!. وعاد وأكد أن الرقم جيد وهو بتحسن مستمر..!.

جدل..!.

في ضوء التقديرات غير الرسمية لبعض الخبراء حول نجاح الاتفاق الآنف الذكر من عدمه، يتبين أن ما يفترض تحصيله من منشآت دمشق السياحية المقدر عددها بـ400 منشأة هو 2 مليار ليرة سنوياً، لكن ما يُحصّل منها عملياً –بعيداً عن الاتفاق- زهيداً جداً..!. ورغم ما أثاره هذا الاتفاق من جدل ما بين مؤيد له وآخر معارض، وثالث متحفظ عليه، كونه حدد لكل مطعم مبلغاً معيناً يسدد شهرياً قد يكون غالب الأحيان أقل من المتوجب دفعه على حركة الزبائن وما تحققه من إيرادات يبنى عليها التحصيل، إلا أن ما يشاع في أروقة القطاع المالي أن الإيرادات الضريبية ازدادت جراء هذا الاتفاق مقارنة مع ما كان يدفع قبل إبرامه، دون أن يخفوا أن هذا الإيراد لم يصل إلى المستوى الحقيقي للتحصيل، ولعل النقطة الأبرز المتمخضة عن هذا هو منع تماس موظفي المالية مع أصحاب المطاعم، وانتفاء حالات الفساد والرشاوي التي تدفع للتلاعب برقم التحصيل.!.

الوعي هو الأساس

وفي سياق متصل تؤكد مصادر الهيئة العامة للضرائب والرسوم أن السبب الرئيسي للتهرب الضريبي في سورية يعود سابقا إلى معدلات الضريبة العالية التي وصلت إلى 100% أو أكثر، أما حاليا لم يعد هناك داع للتهرب كون الشرائح الضريبية معتدلة وتتناسب مع جميع نشاطات المكلفين، معتبرة أن أسباب التهرب متعلقة بعدم وجود وعي ضريبي لدى المكلفين وعدم معرفتهم بشكل واضح بانعكاس ما يدفعونه من ضرائب على الخدمات المقدمة لهم، ورغم وجود عقوبات قاسية تصل إلى غرامة 200% من الضريبة أو الرسم السنوي عن سنة واحدة عن التكليف أو جزء التكليف حسب الحال وتضاعف العقوبة في حال التكرار بحق المتهرب إضافة إلى السجن حسب القانون 25 لعام 2002 ، إلا أنها لم تردع المتهربين لاعتقادهم أنهم لا يكتشفون إلا بالصدفة، مشيراً إلى أن مديرية الاستعلام الضريبي ضبطت عدد كبير من المتهربين ضريبيا.

تعويل

نعتقد أن أمام وزير المالية الدكتور مأمون حمدان تركة ثقيلة تشي بملف متخم بتحديات وتجاوزات متراكمة، تستدعي من الوزير -غير المدخر لأدنى جهد لتشريح واقع المالية للوقوف على حيثياته، واجتراح المعالجات لما يعتريه من إشكاليات وفقاً لما يؤكده المقربون منه هذه الأيام – الضرب بيد من حديد لتقويم مسار عملية التحصيل من جهة، ووضع آلية عمل استثنائية للتعاطي مع المطارح الضريبية المستعصية من جهة ثانية، مع الإشارة هنا إلى عدم تشكيكنا بهواجس هذا الرجل القادم من بورصة دمشق تجاه هذا الملف، ولا حتى بجدية التعاطي معه، ولا نخفي مراهنتنا على أن تتمخض جهوده عن إحداث فارق في المشهد الضريبي خلال الفترة المقبلة.

حسن النابلسي

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]