بين الحسميات والتعويضات حقوق ضائعة وهوة لابد من ردمها… وزارة المالية تتذرع بالتشريع ومحاسبو الإدارات يتجنبون الاجتهاد

 

دمشق – الخبير السوري:

تساؤلات وشبهات تنتابك وأنت تتصفح بيان الأجر الشهري “الفيش” الذي يفصّل مكونات راتب الموظف أو العامل في القطاع العام متضمنا الأجر المقطوع مع الإضافات على قلتها والحسميات على كثرتها.

بنود الحسميات هذه تتوزع على عناوين مختلفة بعضها معروف ومقنع كالتأمينات الاجتماعية والآخر معروف وغير مقنع كضريبة الدخل واشتراكات الصناديق التعاونية والصحية والاجتماعية والنقابية ، وهنا بيت القصيد فمع صدور القانون الأساسي للعاملين في الدولة رقم 50 في 6 / 12/ 2004  واعتباره نافذا بداية العام 2005 تم إلغاء نسب تعويض طبيعة العمل على أن يتم وضع نسب جديدة أكثر عدالة ومنطقية. بحيث تأخذ من الأجر الراهن منطلقا لها بعد أن كانت النسب السابقة قبل صدور القانون رغم ارتفاعها لبعض الوظائف  55% كالتعويض الصحفي مثلا. لكنها على أرض الواقع لم تكن تساوي سوى بضع مئات من الليرات في الوقت الذي تضاعفت فيه الأجور وباتت تصل إلى الآلاف . لماذا ؟ لأن التعويضات الوظيفية تحتسب وفق أجور لم تعد موجودة سوى في دفاتر الحسابات الورقية القديمة لسنوات وأحيانا عقود مضت، وباتت مثارا للتندر بل للسخرية أحيانا ،فغالبا ما كان احتساب التعويضات الوظيفية تتجمد مع أجور تاريخ صدورها دون الزيادات على الرواتب والأجور التي تأتي  فيما بعد بمراسيم كثيرا ما ضاعفت الأجور لأكثر من مرة مما أفقد التعويضات بشحها هدفها وأهميتها.

النسب الجديدة التي أصدرتها رئاسة مجلس الوزراء بالقرار رقم 20 بعد عدة شهور من سريان القانون تم فيه تقليص نسب تعويضات طبيعة العمل بشكل حاد بحجة منحها وفق الأجر النافذ. حيت وصلت أعلى نسبة في القرار الجديد إلى 8% فقط وخصصت للمهندسين الزراعيين والأطباء البيطريين في عدد من المحافظات النائية بينما كانت تصل أعلى نسبة قبل القانون 50  إلى 55% كما ذكرنا، لكن المفاجأة أنه حتى هذه النسب الجديدة ورغم انخفاضها  بدأت تنحو منحى سابقتها وباتت تحتسب وفق أجور سابقة في الوقت الذي تحتسب فيه الاقتطاعات والحسميات والاشتراكات جميعها وفق الأجر الحالي.

لفهم هذه الإشكالية أكد عدد من محاسبي المؤسسات الحكومية أنهم يلتزمون بالتعليمات التنفيذية لرئاسة الوزراء و المالية ، وهم لا يستطيعون الاجتهاد ، إلا أن مدير هيئة الضرائب والرسوم عبد الكريم الحسين أكد أن الحسميات سواء الضريبية أو غيرها يجب أن تكون وفق الرواتب والأجور الحالية. أما التعويضات فليس للهيئة علاقة بها، ليفيد مدير الموازنة العامة منهل هناوي بأن التعويضات كانت تمنح وفق الرواتب النافذة إلى أن جاء المرسوم التشريعي رقم 38 الخاص بزيادة الرواتب والأجور الصادر في 22 / 6 / 2013 حيث نصت المادة السابعة منه حرفيا: ” تبقى كافة التعويضات الممنوحة وفق القوانين والأنظمة النافذة محسوبة على الأجور قبل صدور هذا المرسوم”  . لكنه أشار إلى ميزة إيجابية تتمثل بإصدار  رئاسة الوزراء قرارا بإضافة الترفيعات الدورية اللاحقة خلال احتساب التعويضات الوظيفية.

ورغم عدم وصولنا إلى جواب شاف وواضح لهذه الإشكالية وعدم القناعة بالمبررات التي سيقت من وزارة المالية التي تقوم بإعداد المراسيم والقوانين المالية ، كان يفترض بها  تقديم إجابة منطقية ومقنعة عن هذه الثغرة التي تلاحق آلية احتساب التعويضات ليس خلال فترة الأزمة التي تمر بها البلاد حيث ضغط للنفقات وفق ما ألمح هناوي. إنما الخلل يلاحق تعويضات العمل الوظيفي منذ زمن طويل وقبل الأزمة بعقود وهو ما يوسع الهوة بين الوزارة وجمهور العاملين في القطاع العام في الوقت الذي يفترض فيه أن تقوم الحكومة بالتركيز على زيادة التعويضات أكثر من زيادة الرواتب لأن الأخيرة تجر معها زيادة كبيرة في الأسعار تلتهم الزيادة وجزءا من الراتب مما يفقدها هدفها المتمثل بتحسين الوضع المعاشي للموظفين. بينما إصلاح خلل احتساب التعويضات لا تثير لعاب التجار والمتربصين بمحدودي الدخل سوءا.

عواطف منصور

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]