في خطوة لافتة تهدف إلى إنعاش قطاع الكهرباء في سورية، وقّعت وزارة الطاقة السورية مذكرة تفاهم جديدة مع تحالف من الشركات المتخصصة في مجال الطاقة، بحضور الرئيس السوري أحمد الشرع.
وتهدف الاتفاقية، التي تبلغ قيمتها 7 مليارات دولار، إلى تعزيز الاستثمار في مشاريع إنتاج الكهرباء، وإعادة تأهيل البنية التحتية المتضررة جراء الحرب.
وقال وزير الطاقة محمد البشير خلال مراسم التوقيع التي أُقيمت في دمشق، إن الاتفاق يشكل “نقلة نوعية” في مسار إصلاح قطاع الكهرباء، حيث يتضمن إنشاء وتحديث أربع محطات تعمل بتقنية الدورة المركبة (CCGT) موزعة في كل من دير الزور، ومحردة، وزيزون، وتريفاوي بطاقة إجمالية تصل إلى 4 آلاف ميغاواط.
كما تشمل المذكرة إنشاء محطة طاقة شمسية بقدرة 1000 ميغاواط في منطقة وديان الربيع جنوبي سورية، باستخدام تكنولوجيا مستوردة من أوروبا والولايات المتحدة.
أبعاد اقتصادية واجتماعية للمشروع
وأكد الرئيس التنفيذي لشركة “أورباكون القابضة” القطرية، رامز الخياط، أن هذه الخطوة تمثل انطلاقة جديدة للتعاون الاقتصادي، مشيراً إلى أن المشروع سيساهم بشكل مباشر في خلق أكثر من 50 ألف فرصة عمل، وقرابة 250 ألف فرصة غير مباشرة، مما سيدعم الاقتصاد المحلي ويساهم في الحد من البطالة.
فترة التنفيذ وخطط مستقبلية
من جانبه، أوضح المتحدث باسم وزارة الطاقة، أحمد سليمان، أن مدة تنفيذ المشروع تُقدّر بنحو 20 شهراً، مع وجود مساعٍ لتسريع الجدول الزمني ليتم الإنجاز خلال عام واحد فقط.
ودعا سليمان الشركات الإقليمية والدولية للاستثمار في السوق السورية، مشيراً إلى أن المرحلة الحالية تمثل فرصة ذهبية للنمو في قطاع الطاقة.
كما أعلن عن قرب دخول إمدادات جديدة من الغاز إلى الخدمة، مما سيُحسن من واقع التغذية الكهربائية، حيث من المتوقع أن ترتفع ساعات تشغيل الكهرباء إلى نحو 10 ساعات يومياً في الفترة القادمة، بعد سنوات من التقنين والانقطاع المزمن.
اتفاقات إقليمية وشراكات استراتيجية
كشف سليمان أيضاً أن الوزارة وقعت مؤخرًا عدة اتفاقيات تعاون مع شركاء إقليميين، من بينهم تركيا، بالإضافة إلى أربع شركات عالمية في مجالات الكهرباء والغاز والنفط.
وتهدف هذه الاتفاقيات إلى رفع كفاءة الإنتاج، وتحسين شبكات النقل والتوزيع، وتطوير المحولات الكهربائية، بما يسهم في استقرار الكهرباء على المدى القريب والبعيد.
وأشار إلى أن الحكومة تعمل على خطة طارئة لتحسين التزويد الكهربائي، بالتوازي مع إطلاق مشاريع طويلة الأمد للطاقة المتجددة، والتي تشمل الاعتماد المتزايد على الطاقة الشمسية والرياح.
دعم أميركي مفاجئ
وفي تصريح مثير، نقلت وسائل إعلام عن المبعوث الأميركي الخاص إلى سورية، توماس باراك، قوله إن “هذه اللحظة تمثل فرصة فريدة”، مضيفاً أن “الولايات المتحدة تركز جهودها حالياً على دعم الحكومة السورية الجديدة”. ولم تتوفر تفاصيل إضافية حول شكل هذا الدعم أو طبيعته.
توقيع 4 مذكرات تفاهم إضافية
وشهد الحفل أيضاً توقيع أربع مذكرات تفاهم بين وزارة الطاقة وكل من شركات: “UCC” العالمية، “أورباكون”، “باور الدولية”، و”جنكيز للطاقة”، ما يعزز من الزخم الاستثماري في البنية التحتية السورية.
خبراء: خطوة نحو التعافي الاقتصادي
من جهته، اعتبر الخبير الاقتصادي أسامة العبد الله أن هذه الاتفاقيات تمثل “اختباراً حقيقياً للاقتصاد السوري”، مضيفاً أن “تدفق الاستثمارات بهذا الحجم قد يفتح الباب أمام انتعاش تدريجي للاقتصاد، وعودة رؤوس الأموال والعمالة المهاجرة”.
لكنه شدد في الوقت نفسه على ضرورة توفير بيئة استثمارية آمنة وشفافة لضمان نجاح هذه المشاريع.