فرص استثمارية واعدة

كتب د. عامر خربوطلي – الخبير السوري:

يبدو أن سورية ستبقى الشاغل الأكبر للعديد من دول العالم ليس بوضعها السياسي الجديد بل هذه المرة لفرصها الاستثمارية غير المسبوقة على مستوى البقعة الجغرافية المهمة التي تشغلها.
الأسئلة التي تنهال من الشركات والمؤسسات والصناديق من جميع دول العالم المهمة عن فرص الاستثمار الواعدة وكيفية الدخول الناجح للسوق السورية بعد انغلاق زاد عن عقد من الزمن.
الاقتصاد السوري يتغير بسرعة والتحولات طالت أغلب قطاعاته ومحركات نموه الذاتية وهو اليوم في مرحلة الانطلاق لاستيعاب موجه مهمة من الاستثمارات العربية والأجنبية، بالإضافة لما هو محلي مقيم ومغترب أو مهاجر، والسؤال البديهي في عالم الاقتصاد دوماً يتمثل بالبدائل وأولويات الفرص الاستثمارية وفق منهج دراسات الجدوى الاقتصادية ومؤشرات وفي مقدمتها ترتيب معدلات المردود أو العائد الداخلي IRR والذي يمثل معدل الخصم الذي يجعل القيمة الحالية الصافية مساوية للصفر وبمعنى أكثر تبسيطاً هو الحد الأدنى من العائد الذي لا يمكن للمستثمر القبول به في الاستثمار الذي يرغب بممارسته داخل أي اقتصاد محلي في النقطة الحدية لتساوي مجموع الاستثمارات الأولية مع مجموع الأرباح الصافية ولكن بالقيم الحالية وليس المستقبلية.
المهم أن الحد الأدنى الحالي اليوم في سورية يتراوح ما بين 22-25% نتيجة ارتفاع معدلات الفائدة وعدم استقرار معدلات التضخم وظروف الأمان الاقتصادي.
هذه هي المقارنة في الوقت الحالي وقد تتغير هبوطاً مع تحسن الظروف الاقتصادية مما يمنح المشروعات الجديدة هامشاً جاذباً أكثر لمعدل العائد الداخلي.
الفرص الاستثمارية الواعدة في الاقتصاد السوري لا يمكن أن تنفصل عن التفاعلات والاتفاقيات والارتباطات الإقليمية والعالمية والتي تمنح الأسواق السورية فرصاً أكبر للتوسع والمشاركة.
وفي أولويات الاستثمار يمكن الفصل في الفرص المتاحة وفق قطاعات ذات أولوية على النحو التالي:
-مشاريع البنية التحتية من طرقات وجسور وموانئ ومطارات وسكك حديدية لم يجرِ عليها أي تطوير أو تحديث منذ أكثر من أربعين عاماً خلت وهذه المشاريع يمكن الدخول فيها وفق صيغ BOT أو صيغ PPP عبر التشاركية والمناقصات العالمية.
-مشاريع الصناعات الاستخراجية في مجال النفط والغاز والفوسفات والملح وباقي الثروات الباطنية وفق صيغ تعاقدية معروفة عالمياً وهي مجالات واعدة وكبيرة.
-مشاريع الصناعات التحويلية وفي مقدمتها النسيجية والغذائية اللتان تمتلك سورية فيهما ميزات نسبية يمكن تحويلها إلى ميزات تنافسية وهي تتمتع بسلاسل قيم مضافة جيدة عبر توفر المواد الأولية الخام والموارد البشرية وينقصها توفر الاتفاقيات الخارجية لتوسع الأسواق المحلية والاستفادة من وفورات الحجم الكبير.
-مشاريع الصناعات التحويلية في الصناعات الهندسية والكيمائية والتي تحتاج لشراكات امتياز عالمية لتستطيع المنافسة مع السلع المشابهة داخل السوق السورية مع محاولة توسيع قاعدة تصنيع المكونات محلياً عبر نماذج العناقيد الصناعية.
-مشاريع استثمار مصانع القطاع العام الغير قادرة على الاستمرار والمنافسة بصيغة الملكية والإدارة الحالية عبر طرحها إما للاكتتاب العام كشركات مساهمة مغفلة أو تخصيصها أو إعادة استثمارها بطريقة ppp (التشاركية بين الخاص والعام).
-مشاريع سياحية وخدمية وتجارية وعقارية وهي على ما يبدو ستكون الأكثر جاذبية للمستثمرين الخارجيين لأسباب تتعلق بتوفر المناطق والأماكن بأسعار غير مرتفعة ولوجود فجوة طلب عالية بعد توقف دام أكثر من عقد من عدم الاستثمار الجديد، ومن هذه المشاريع (الفنادق- المنتجعات- الموتيلات- التلفريك- مراكز التزلج- المولات- مراكز التسوق الحديثة- مدن الألعاب- المطاعم- استراحات الطرق- المدن الجديدة-…….).
-مشاريع التقانة والذكاء الصنعي والأتمتة وتطبيقاتها التعليمية والصحية وغيرها.. وهي من أكثر المشاريع جذباً لتوقفها في المرحلة السابقة واحتياجات التطوير لمثل هذه البرمجيات والأدوات الحديثة والتطبيقات المتطورة في مجال المواصلات والاتصالات والتجارة الإلكترونية والمصارف والتسويق والإدارة…
-مشاريع التمويل والمصارف ومؤسسات التمويل الأصغر بالصيغ التقليدية والإسلامية لها الكثير من الأولوية والحاجة والريعية الكبيرة بنفس الوقت يُضاف لها مجالات صناديق الاستثمار بجميع أشكالها.
-القطاع الزراعي له من الأولوية ما تخوله أن يحظى باستثمارات من نوع جديد بعيداً عن قوانين العلاقات الزراعية والإصلاح الزراعي البائدة عبر شركات استثمارية متطورة تقوم بأعمال الإنتاج والتسويق والترويج والتوضيب والتبريد والتصدير.
تحتاج جميع هذه القطاعات والمشاريع ذات الأولوية لدراسات جدوى أولية تتناول جوانبها التسويقية والفنية والمالية والاقتصادية وتحليلات لحساسية هذه المشاريع لظروف عدم التأكد المستقبلية وذلك لضمان استمرارية هذه المشاريع ونجاحها المستقبلي.
سورية اليوم أمام مفترق طرق في التنمية وخيارها الوحيد هو جذب الاستثمارات وإقامة الشراكات والتحالفات الاستراتجية المهمة.
دمشق 28-5-2025

العيادة الاقتصادية السورية

[ جديد الخبير ]