رأى الخبير الاقتصادي فاخر قربي أن ثمة حتمية لرفع الأجور الرواتب ومعالجة موضوع الوظيفة الاجتماعية والاقتصادية.
وقال في تصريح نقلته صحيفة الحرية ” نهى علي”، إننا قد نستطيع إعادة الهيكلة لمؤسسات القطاع العام وقد نستطيع وضع آلية جديدة لعمله، لكنه تساءل.. هل يمكن جعل القطاع العام ديناميكياً فاعلاً يستطيع الحفاظ على خبراته البشرية الحالية واستقدام خبرات جديدة، من دون أن يرفع مستوى أجوره لتتقارب أو لتتساوى مع أجور القطاع الخاص؟.
وهل ممكن رفع الأجور إلى المستويات المطلوبة من دون التخلي عن العمالة الفائضة فيه؟
وأضاف قربي أن هذه هي الحقيقة المرة التي إذا لم ندركها سنصل إلى طريق مسدود، إذ يعني التخلي عن العمالة الفائضة فصل الوظيفة الاجتماعية عن الوظيفة الاقتصادية للقطاع العام، ويصبح هذا قراراً سياسياً واجتماعياً وليس فقط قراراً اقتصادياً.
والخيار هنا واضح وصريح.. إما قطاع عام اقتصادي بوظيفة اجتماعية توفر العمالة وسبل العيش للعديد من الفئات الاجتماعية، أو قطاع عام كفوء بوظيفة اقتصادية قادر على لعب دور قيادي فعال في العملية الإنتاجية، وقادر على المنافسة والتوسع وخلق فرص عمل للمجموعات الجديدة الوافدة إلى سوق العمل وقادر كذلك على اختراق الأسواق العالمية.
وقد نجد الحل بالنهاية في إقامة نوعين من القطاع العام الاقتصادي يقوم كل منهما بوظيفة مختلفة، يخضع أحدهما لنفس البيئة التشريعية والتنظيمية التي يخضع لها القطاع الخاص، بينما يخضع الآخر للبيئة التشريعية القائمة لعمل القطاع العام في الوقت الحاضر مع بعض التطوير.
وإذا قررنا خيار القطاع العام الاقتصادي الديناميكي الفعال فلا بد من إعداد البرامج اللازمة لمساعدة العمالة الفائضة على التحول نحو مجالات إنتاجية أخرى. وبحيث يتضمن مثل هذا البرنامج، فيما يتضمن: برامج التأهيل والتدريب (لمساعدة العمالة الفائضة على الانتقال إلى وظائف أخرى).. وبرامج التعويض المالي للفئات المتضررة.. وبرامج لمنح معونات فنية ومالية للعمال الراغبين في دخول الأعمال الحرة بدلاً من التوظيف.. إضافة إلى الاستمرار بتقوية القطاع الخاص حتى يستطيع المساهمة في استيعاب العمالة الفائضة.
أيضاً في مجال الحلول يجزم د. قربي بأنه لابد من تعديل مقاييس النجاح في القطاع العام الاقتصادي بحيث يصبح الربح هو المعيار الرئيسي للنجاح وليس تحقيق الخطة الإنتاجية.
ودمج بعض الشركات ذات النشاط الواحد والتخلص من تلك المستعصية على الحل أو المنتجة لسلع استهلاكية بسيطة لا تستحق أن تبقى في القطاع العام.. ثم النظر في تجميع الشركات ضمن شركات قابضة على غرار التجربتين المصرية والجزائرية استعداداً لإعادة هيكلتها.
ويعتقد أنه من الحكمة بمكان، اتخاذ قرار ضمني بتجميد القطاع العام الاقتصادي ضمن حدوده الحالية إلى أن تتم الدراسة الموضوعية المقترحة أعلاه ووضع الخطة لإعادة هيكلته والخطة الأخرى للآلية الجديدة لعملها، حتى يصبح قطاعاً عاماً رائداً في العملية الإنتاجية. إما أن نضيف استثمارات جديدة لتعمل ضمن نفس آلية العمل الحالية التي أثبتت عدم فعاليتها لا بل مخاطرها، فهو يشكل في رأيي استمراراً للهدر في المال العام وسيزيد من كلفة إصلاح القطاع العام الاقتصادي حين نبدأ بإصلاحه.
من وجهة نظر الأكاديمي الدكتور فاخر قربي: لكي نجعل القطاع الخاص قطاعاً ديناميكياً أكثر إنتاجية وأكثر التزاماً بالتنمية وبالاستثمار طويل الأجل، وأقل اعتماداً على نشاط الوساطة والربح السريع، ينبغي العمل على أربعة أصعدة.
تبدأ بمنحه الأمان الحقيقي من خلال تأكيد حق الملكية الفردية الخاصة قولاً وعملاً.
وإجراء التعديلات اللازمة في البيئة التشريعية والتنظيمية القائمة المتعلقة بالعمل التجاري والاستيراد والتصدير وقوانين وأنظمة القطع وكذلك التشريعات اللازمة لمنع الاحتكار ولتشجيع المنافسة في السوق.
ثم إقامة وإتاحة الفرصة له لإقامة المؤسسات المصرفية المتطورة والمدن الصناعية المخدمة وإقامة الخدمات الاستثمارية المالية والمحاسبية والتقنية اللازمة لعمله.
وإقامة أو تشجيع إقامة صناديق استثمارية لمساعدته في عمليات إعادة الهيكلة ودخوله مجالات استثمارية جديدة متطورة.
وحين يوجد هذا الإطار وتوجد البيئة التشريعية والتنظيمية السليمة نستطيع أن نتوقع من القطاع الخاص أن يطور نفسه وأن يعيد هيكلة مؤسساته ويدرب موظفيه ويسدد ضرائبه ويبحث عن أسواق التصدير، ويستثمر في هذا الوطن بدلاً من أن يبحث عن الربح السريع.