ما الذي ينتظر السوريين اقتصادياً بعد رفع العقوبات؟

 

الخبير السوري:

في 13 مايو 2025، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قرار رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، وهو قرار يمثل نقطة تحول كبيرة يمكن أن يعيد تشكيل المشهد الاقتصادي في البلاد بعد سنوات من العزلة والعقوبات التي أثرت بشكل مباشر على الاقتصاد السوري وبنيته المؤسسية.

هذا القرار لا يقتصر فقط على إزالة القيود المالية والتجارية، بل يفتح الباب أمام النظام الاقتصادي السوري للانفتاح على الأسواق العالمية، مما يخلق فرصة ذهبية لإعادة بناء القطاعات الإنتاجية والخدمية، وتفعيل دور القطاع الخاص، وتحسين المؤشرات التنموية والاجتماعية.

تأثير رفع العقوبات على الاقتصاد السوري لن يكون سريعًا أو مباشرًا، بل سيحدث على مراحل تدريجية، تتوقف على قدرة الدولة ومؤسساتها على التعامل مع التحديات التي خلفتها الحرب، والاستفادة من الفرص المتاحة.

المرحلة الأولى: من 6 إلى 12 شهرًا

في هذه المرحلة، من المتوقع أن يبدأ الاقتصاد السوري في التعافي بشكل تدريجي. سيشهد السوق تحسنًا في المناخ النفسي للمستثمرين والمستهلكين، بالإضافة إلى تغييرات في السياسة النقدية والمالية. ستستقر أسعار صرف العملة المحلية، وتقل التوترات المتعلقة بسوق القطع الأجنبي، ما يعزز ثقة الناس بالليرة السورية ويقلل الطلب المضاربي على الدولار.

مصرف سوريا المركزي سيكون أكثر قدرة على التدخل في السوق، مع إمكانية إعادة بناء احتياطياته الأجنبية بشكل تدريجي، كما سينخفض الفرق بين سعر الصرف الرسمي والسوق السوداء، ما يقلل من الدولرة ويعيد السيولة إلى النظام المصرفي الرسمي.

على صعيد الأسواق، سيتحسن توفر السلع الأساسية خاصة الغذائية والدوائية، مع إعادة تفعيل قنوات الاستيراد، ما يخفف من الضغوط التضخمية الناتجة عن نقص العرض. كما سيسهم تحسن خدمات البنية التحتية، لا سيما في قطاع الطاقة، في تقليل تكاليف الإنتاج وتحسين جودة الحياة.

في الجانب المالي، من المتوقع ارتفاع التحويلات الخارجية عبر القنوات النظامية، ما يدعم القدرة الشرائية للأسر ويحفز النشاط التجاري الداخلي من خلال تحسن المزاج الاقتصادي وزيادة السيولة.

المرحلة الثانية: من سنة إلى ثلاث سنوات

في هذه المرحلة، يبدأ الاقتصاد السوري بالانتقال إلى مرحلة إعادة بناء حقيقية. يتم تعزيز الإنتاج المحلي في قطاعات الزراعة والصناعة التحويلية، مع تحسن الوصول إلى المدخلات الإنتاجية والتقنيات الحديثة، مما يرفع من الطاقة الإنتاجية ويقلل الاعتماد على الاستيراد.

كما ستشهد البيئة الاستثمارية انتعاشًا بفضل تحسن الأوضاع القانونية والمالية، مما يشجع المستثمرين المحليين والأجانب على الدخول في مشاريع جديدة، خصوصًا في البنية التحتية والطاقة والخدمات.

سوق العمل سيتوسع نوعيًا، مع خلق فرص عمل جديدة وتحسين مهارات القوى العاملة، مما يرفع مستوى المعيشة بشكل تدريجي ومستدام.

القطاع المالي سيبدأ في لعب دور أكبر في دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، مع تحسن في التمويل والاستفادة من روابط مالية دولية، بينما تتوسع التجارة الخارجية خاصة مع دول الجوار، مما يساهم في تحسين الميزان التجاري.

المرحلة الثالثة: على المدى البعيد (أكثر من 3 سنوات)

بعد مرور ثلاث سنوات، يبدأ الاقتصاد السوري في مرحلة استقرار ونمو مستدام. يتطور الاقتصاد من الاعتماد على التحويلات والدعم الخارجي إلى اقتصاد إنتاجي قائم على التصدير والقيمة المضافة، مع تركيز على جودة المنتجات والتنافسية الدولية.

يتم إعادة بناء القطاع المالي بالكامل من خلال شراكات مع مؤسسات مالية دولية، ما يعزز قدرة المصارف على تقديم خدمات تمويل متقدمة للمشاريع الكبرى.

من الناحية الاجتماعية، تتحسن مستويات المعيشة بشكل ملموس مع توسع الطبقة الوسطى وتحسن الخدمات العامة، بينما تتحسن بيئة الأعمال بفضل سياسات تنظيمية واضحة وشفافة.

كما تشهد المدن السورية تطورًا حضريًا جديدًا، مع إعادة تخطيط شامل يقلل التفاوتات الجغرافية ويعزز التماسك الاجتماعي.

دوليًا، تستعيد سوريا دورها الإقليمي كمركز تجاري يربط بين الخليج وأوروبا، مما يعزز نفوذها الجيو-اقتصادي ويجذب المزيد من الاستثمارات.

تلفزيون سوريا

[ جديد الخبير ]