حذّر المحلل السياسي الأميركي غوردون تشانغ من أن التصعيد العسكري الأخير في الأجواء السورية قد يشعل صراعاً إقليمياً واسع النطاق، ما من شأنه تقويض جهود الرئيس السوري الجديد، أحمد الشرع، الرامية إلى تحقيق الاستقرار والانفتاح على الغرب، خصوصًا الولايات المتحدة.
منافسة إقليمية ودولية للسيطرة على دمشق
بحسب تقرير نشرته شبكة Fox News، تسعى عدة قوى إقليمية ودولية للهيمنة على العاصمة السورية دمشق. فبينما يحاول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان جذب سوريا إلى محوره السياسي، تعمل الصين على فرض نفوذها على الحكومة السورية الجديدة، رغم أنها كانت من أبرز داعمي النظام السابق بقيادة بشار الأسد.
لكن بحسب الصحفي الأميركي جوناثان باس، الذي التقى بالرئيس الشرع مؤخراً في دمشق، فإن الأخير يرفض الانصياع للضغوط الصينية، ويصفه بأنه “مصلح حقيقي” يسعى لبناء دولة جديدة على أسس مختلفة.
لحظة مفصلية لسوريا
وفي هذا السياق، اعتبر الدكتور شرفان إيبش من منظمة “بهار” الإنسانية أن سوريا تمر بـ”مرحلة انتقالية حاسمة”، وأن قرارات القيادة الجديدة ستحدد مستقبل البلاد لعقود قادمة.
ترامب بين إسرائيل وتركيا.. ودور محتمل في إعادة إعمار سوريا
يعتقد غوردون تشانغ أن دونالد ترامب هو الشخصية الوحيدة القادرة على التوسط بين تركيا وإسرائيل، وإنهاء حالة التصعيد، مشيرًا إلى أن تدخل ترامب يمكن أن يُحدث تغييرًا جذريًا في المنطقة.
وأشار إلى سببين رئيسيين قد يدفعان ترامب للتحرك:
الفرصة الاقتصادية: مع انفتاح سوريا الجديد على الاستثمارات، تمثل البلاد سوقًا واعدة للشركات الأميركية، خصوصًا في ظل حاجتها الماسة لإعادة الإعمار بعد أكثر من عقد من الحرب.
الرد على التمدد الصيني: تحذر جهات سياسية من أن التباطؤ الأميركي في دعم سوريا سيمنح الصين فرصة لترسيخ نفوذها الاقتصادي في البلاد.
ويقول معاذ مصطفى، الرئيس التنفيذي للمنظمة السورية للطوارئ: “إذا لم تتحرك الولايات المتحدة بسرعة، ستصبح الصين الشريك الاقتصادي الوحيد لسوريا، وهو ما قد يُفقد واشنطن نفوذها في الشرق الأوسط”.
رفض صريح للعروض الصينية
أكد الدكتور هيثم البزم، مدير منظمة العدالة العالمية، أن الرئيس الشرع رفض عروضًا اقتصادية قدمتها بكين، لكنه أشار إلى أن عدم توفر بدائل قد يدفعه لاحقاً لقبول دعم من أي طرف راغب في مساعدة سوريا.
وبحسب باس، مارست الصين ضغوطًا كبيرة على المسؤولين السوريين، لكن القيادة الجديدة تخشى من تأثير الوجود الصيني على سيادة البلاد. ونقل باس عن الشرع قوله: “نريد بناء مجتمع تعددي يشبه أميركا، لا أن يتحول إلى نسخة من الصين”.
العقوبات الأميركية: العائق الأكبر أمام الشراكة
رغم رغبة الحكومة السورية الجديدة في فتح الباب أمام الاستثمارات الأميركية، فإن العقوبات المفروضة منذ عهد النظام السابق ما تزال تشكل عقبة كبيرة. ويرى تشانغ أن ترامب وحده قادر على رفع هذه العقوبات، ما سيفتح الباب أمام تحول اقتصادي حقيقي في سوريا.
لقاء محتمل بين ترامب والشرع في السعودية
من المرتقب أن يزور ترامب العاصمة السعودية الرياض في 13 مايو/أيار، وتعمل الحكومة السورية على ترتيب لقاء يجمع الرئيسين لمناقشة فرص التعاون الاقتصادي.
وقال الشرع خلال حديثه مع باس: “أرغب في عقد صفقة مع ترامب. إنه الوحيد الذي أثق به لإعادة بناء المنطقة ووضع حجر الأساس لعهد جديد”.
تحذيرات من تمدد الصين وإيران
في ختام تقريره، حذر تشانغ من أن سيطرة الصين على سوريا – الدولة المجاورة لإسرائيل – قد تشكل تهديدًا مباشرًا للأمن الإقليمي، خاصة إذا تزامن النفوذ الصيني مع تمدد إيران من خلال وكلائها في المنطقة.
وأشار باس إلى أن “وجود الصين في سوريا سيعني تلقائيًا وجود إيران أيضاً، وهذا سيزيد من تعقيد الوضع الأمني في الشرق الأوسط”.
ترامب وسؤال قديم لا يزال قائماً
في تذكير بموقفه المعروف، أعاد التقرير نشر تغريدة سابقة لترامب من ديسمبر 2018، تساءل فيها:“هل يُفترض بالولايات المتحدة أن تبقى شرطي الشرق الأوسط دون مقابل، وهي تنفق الأرواح والتريليونات لحماية من لا يقدّرون؟”