يقول الاقتصادي الإيطالي (باريتو) صاحب قاعدة 20/80 المشهورة على صعيد إدارة الوقت وتنظيم المشروعات والأفكار أن تحديد الأهداف بدقة يمثل 80% من الوصول لتلك الأهداف ويبقى للجهد 20% فقط من الوصول لتلك الأهداف.
الاقتصاد السوري عانى فيما سبق من غياب الأهداف في بعض الأحيان أو تبعثرها وعدم تناغمها على الصعيد الاقتصادي وتضاربها في أحيان أخرى بل في بعض القطاعات الحيوية لم تكن أهدافاً واضحة ومحددة وقابلة للقياس وكان الجهد الذي يُبذل لتحقيقها يعاكس قاعدة (باريتو) فكان يتم العمل ب 80% من الجهد ولا يحقق سوى 20% من الأهداف.
الطريق الواضح على المدى المتوسط والبعيد مهم جداً لتحقيق نتائج مضمونة وهذا ما يحتاجه الاقتصاد السوري في أهم مرحلة يجتازها حالياً بعد أن أصبح متحرراً من القيود والعوائق وبعد أن تم اتخاذ إجراءات فعّالة ومؤثرة على صعيد السياسات المالية والنقدية والتجارية ولكن هذه الإجراءات الحكيمة لكي تحقق نتائجها ينبغي اعتمادها على مصفوفة الأهداف النوعية/ القطاعية/ الزمنية/ وفق أولويات النهوض بالاقتصاد السوري وتحقيق أعلى درجات النمو الاقتصادي والدخل الفردي، فأهداف السياسة المالية على سبيل المثال في تحقيق التوظيف الكامل ومعدلات النمو المرتفعة في الدخل والاستقرار في المستوى العام للأسعار وتحقيق الكفاءة الاقتصادية في تخصيص الموارد الاقتصادية يجب أن تتناغم من أهداف السياسة النقدية المتمثلة في استقرار الأسعار وكبح التضخم وتحقيق التوازن في ميزان المدفوعات وتأمين مستوى مناسب من الإنتاج والاستخدام وتحقيق التوظيف الكامل ومعالجة حالة (الركود التضخمي) غير المبررة وضمان استقرار أسعار الصرف.
وهاتين السياستين يجب أن تتناغما مع السياسة التجارية المتمثلة في تأمين انسياب السلع والخدمات وسلاسل الإمداد تعزيز فرص الصادرات السورية وزيادة فرص العمل وتعزيز النمو الصناعي وتنويع السلع والخدمات وتوفير أعلى درجات الكفاءة والمنافسة.
عندما تكون الأهداف المرحلية والمستقبلية واضحة ومحددة وقابلة للقياس ومدعومة بالإمكانيات والموارد المالية والمادية والبشرية المتاحة فإن نصيبها هو النجاح المحقق ومن هنا يجب إعادة ترتيب أولويات الأهداف باتجاه تحسين مستوى الدخل الفردي أولاً وتحقيق معدلات نمو أعلى وأسرع ثانياً وتحقيق التوازنات الاقتصادية ما أمكن، عندها فقط لن يبقى للفاعلين الاقتصاديين على المستوى الحكومي والخاص والأهلي سوى بذل 20% من الجهد وفق قاعدة (باريتو) الشهيرة.
