مصالح واشنطن ما بعد حكم عائلة الأسد

* عبدالرحيم التاجوري:
تغيرت خارطة النفوذ والسيطرة في سوريا بعد المعارك التي انطلقت بها فصائل الثورة في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024 انطلاقاً من إدلب لتسيطر على مساحات واسعة من سوريا لينتهي الأمر بسيطرتهم على العاصمة دمشق وهروب بشار الأسد وسقوط نظامه يوم 8 كانون الأول/ ديسمبر 2024.
الأمر الذي فتح الأبواب أمام حكومة الانقاذ السورية بقيادة محمد البشير وهيئة تحرير الشام بقياة أحمد الشرع، للعمل على ضمان وحدة الأراضي السورية، والبدء في إعادة الإعمار، وتحقيق التنمية الاقتصادية، وتوفير البيئة الآمنة لعودة اللاجئين.
في هذا السياق، أكد مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، في مؤتمر صحافي: “الحقيقة هي أنه حتى الآن، أرسلت هيئة تحرير الشام والفصائل المسلحة الأخرى رسائل إيجابية إلى الشعب السوري. لقد وجّهت رسائل تدعو إلى الوحدة، وشدد على أن السوريين ويستطيعون بقليل من المساعدة من الخارج أن يعيدوا بناء بلدهم الذي كان في مجالات عديدة متقدما للغاية قبل الأزمة”.
هذا وقد أثبتت الأيام الماضية، ومنذ سقوط عائلة الأسد، أن حكومة الانقاذ السورية تتمتع بقدر كبير من الحكمة والقدرة على تحليل الأوضاع. وقد تجلى ذلك بوضوح في القرارات والتصريحات الصادرة عنهم حول العديد من القضايا، بما في ذلك العلاقات مع الدول المجاورة وطرق تعاملهم مع الشعب السوري.
بعد أيام قليلة من انتصار الثورة السورية واسقاط النظام في جميع مناطق غرب نهر الفرات، بدأت التحركات السياسية والعسكرية لإدارة العمليات العسكرية السورية، تتّجه نحو استعادة المناطق الشرقية للنهر، وذلك في إطار مشروع توحيد سوريا واحباط مشروع التقسيم.
الأمر الذي تسبب في هلع الإدارة الأمريكية من خسارتها لمناطقها في الشمال السوري الغني بالموارد النفطية، بالتحديد بعد قيام قوات فصائل الثورة بتحرير مدينة ديرالزور الاستراتيجية ومدينة منبج، مما دفع واشنطن للتحرك ودعم قوات سوريا الديمقراطية والأكراد، عبر زيادة أعداد قواتها في القامشلي التابعة لمحافظة الحسكة عند الحدود السورية التركية، للإبقاء على الأوضاع على ما هي عليه.

وبحسب الناشطون في الشأن السوري فإن الولايات المتحدة تتحرك بشكل واضح جداً حيث أنها تسعى للضغط على الحكومة الانتقالية، عبر عدم رفع العقوبات المفروضة عن هيئة تحرير الشام بقيادة رئيسها أحمد الشرع الملقب بالجولاني، وذلك لعرقلة تقدم فصائل الثورة في اتجاه مناطق الشمال السوري.
وفي هذا السياق أكد بيدرسن إن إدراج مجلس الأمن الدولي هيئة تحرير الشام في لائحة المنظمات الإرهابية يشكل عامل تعقيد واضح للجهود الرامية إلى إيجاد طريق للمضي قدماً.
وبهذا الصدد، أشار بعض الخبراء السياسيين والناشطين خلال الساعات الأخيرة إلى أن الحكومة الانتقالية قد منحت روسيا بعض الضمانات بالحياد فيما يتعلق بالقواعد الروسية العسكرية في طرطوس واللاذقية، مما قد يلعب دور في استقرار العلاقة بين كل من موسكو والحكومة الانتقالية دمشق، ويساعد في فتح أبواب اخر لوقف المخطط الأمريكي الصهيوني في تقسيم سوريا.

* باحث في شؤون الشرق الأوسط

[ جديد الخبير ]