المخالفات هي الذي أطاحت بمدير الكابلات , ويبدو أن الفساد في طريقه للإطاحة بإدارات العديد من الشركات العامة الصناعية , فليس أمام إدارة وزارة الصناعة الجديدة اي خيار إلا مواجهة ملف إدارة مستقبل القطاع العام الصناعي في سورية بشجاعة بعد أن تفننت الحكومات السابقة في قذفه الى الأمام وتركه غارقاً في مشاكله التي ربما لو تم حلها في الوقت المناسب لما وصل لما هو عليه الآن من تردي ..
ثمة واقع مرير للقطاع العام بل ومحبط “وهنا لانخترع الذرة ولا نقدم جديدا “, والجميع يسأل من الذي أوصل هذا القطاع الى واقعه المزري الحالي .. ولكن الشجاع اليوم هو من يقرر إيقاف نزيف هذا القطاع وتحويل مساره ,
هناك شركات كل مافيها بائس اللهم إلا المدير العام وحاشيته ومن يتقاسم معهم كعكة الفساد دون ترك المجال للمليارات التي تخصص لهذه الشركة او تلك لا لتحسين الانتاج أو زيادته ولا لتحسين واقع العمال الغارقين حرفياً في الفقر و البؤس , “عمال تفنن الجميع في بيعهم الكلام على مدى سنوات والنتيجة واضحة للجميع ” ..
اليوم إدارة الكابلات ومعامل تعبئة المياه لها حكاياتها مع الفساد و في معمل “ألبان حمص ” ثمة فساد مرعب تخيلوا بضعة عقود بودرة حليب حجم الفساد فيها 7 مليارات ليرة والتفاصيل قادمة قريباً, أيضا التحقيقيات جارية في أحد معامل النسيج في حين يبدو أننا سنسمع عن ارتكابات بالمليارات في قطاع الاسمنت غيرها وكلها ستظهر للعلن تباعاً ..
بالعموم هل تصدقون أنّ المشكلة هي في الإدارات , نعم هي فعلاً في الإدارات , ولكنها تبدو أكثر في من يعينها ويحميها ويسهل لها الفساد فلن نصدق أنّ مديراً واحدا ً يمارس الفساد وحيداً دون وجود من يحميه , وكل الأصوات التي ترتفع أكثر من اللزوم ضد أي حلول جذرية بحجة العمال والحفاظ على القطاع العام أصحابها حكماً مستفيدون من بقاء الواقع كما هو , لذلك ليس أمام الحكومة الحالية إلا اللجوء الى أسلوب البتر .. والحلول الشاملة دون إفساح المجال لأصحاب “متلازمة القطاع العام ” لبث أفكارهم المشبوهة , والتيقن أنّ اعطاء المسكنات هوتهرب من المواجهة وسيؤدي حكما الى فساد ..
الآن لنسأل : كيف يمكن إصلاح القطاع العام بنفس الإدارات والعقلية والمنهج الذي أفسد وخرب وبالتالي سنكتشف أنّ الإطاحة بمدير عام لا يمكن اعتبارها إطاحة بمنظومة الفساد في أي مؤسسة او شركة .. القطاع العام يحتاج الى معالجات شاملة تنطوي على التغيير الكبير
ونعتقد أن التغيير المطلوب اتجاه الاقطاع العام لايحتاج الى الكثير من العصف الفكري بقدر ما هو بحاجة الى من يستطيع وضع الحلول المطلوبة فعلا .. كما لايحتاج التغيير الى أي حوار من الحوارات التي نشهدها هذه الايام لأنّ أي حوار سيفسح المجال للمستفيدين من واقع القطاع العام الحالي لاعلاء اصواتهم مدعين حرصهم على العمال والمعامل وبالتالي قد ينجحون في تجميد الحلول الحقيقية وحرف مسارها ..سيرياستيبس
مازلت الدولة تنفق الكثير على معامل القطاع العام ولكن النتائج غالبا ما تكون خسائر وأن كانت هناك أرباح فهي من مرتبة الارباح التي يحققها أقل محل تجاري في شارع الحمراء بدمشق وفي كل ذلك يبدو الفساد وركابه هم المستفيدون على حساب الجميع
التحول الى استثمار هذا القطاع برؤية جديدة “التشاركية ” كما يُطرح سيوفر منجما من العائدات لخزينة الدولة .. اكثر من ذلك سيتحسن وضع العمال حكما و ستكون هناك فرصة مؤكدة لتوفير السلع للاستهلاك المحلي وللتصدير لأنّ القطاع الخاص الذي سيُدير ويستثمر لن يرضى بالمغامرة ان لم يكن متأكدا من النتائج .
نتمنى أن تتعامل الحكومة مع موضوع التشاركية كتحول وبالتالي فإن أكثر ما ينفعها لقيادة التحول هو صياغة تشريعات عظيمة ومكتملة , وبالتالي أكثر ما يضرها هو اعطاء ” المكريفون ” لأنصار القطاع العام علناً .. ناهبيه سراً ؟
التحول المطلوب اليوم هو القدرة على رسم مسار النجاح لكل منشآت القطاع العام .. بما فيها المدمرة .. فأصول هذه المعامل والمصانع والمنشآت المملوكة للدولة قادرة على فسح المجال لاستثمارات كثيرة ومتعددة .. بما في ذلك اتاحتها للاستثمارات السياحية والزراعية والتجارية ؟
فماذا تُعد وزارة الصناعة خاصة وأن الوزير سامر الخليل قال أنّ التحرك سيكون عاجلا غير آجلا ؟
وبالتالي هل تقرر حكومة الجلالي شراء مستقبل القطاع العام الأسود .. مستعينة بالقطاع الخاص ترجمة للتشاركية التي أعلنت أنها الطريق والخيار .. ؟