يُطلق رئيس مجلس الوزراء، الدكتور محمد غازي الجلالي منهجاً جديداً بالعمل المؤسساتي في الدولة، حين يدعو إداراتها وكوادرها في جميع القطاعات إلى التفكير خارج الصندوق وابتكار أفكار جديدة تتيح الاستفادة القصوى من الموارد المتاحة، وتحويل تلك القطاعات إلى قطاعات منتجة عبر النهوض بواقعها والاستثمار الأمثل فيها، أو عبر شراكات مع القطاع الخاص، بشكل يساهم في تقديم أفضل الخدمات التي تنال رضى المواطن، وتحقق العائد التنموي والمالي المطلوب.
في توصيف ما سبق، هذا خروجٌ عن مألوفٍ عهدناه سنوات وعقود مضت، من حكومات سابقة في إدارة شؤون الناس والاقتصاد، خصوصاً قطاع الخدمات، بمشروعاته ذات التنفيذ ما دون المستوى الفني، المستند أساساً إلى اعتقاد خاطئ متوارث عند إدارات بعض المؤسسات بوجود كتلة مالية تشغيلية مرصودة في موازناتها، يجب صرفها على مشاريع وخدمات دون النظر إلى جودة التنفيذ واستفادة المواطن والدولة منه.
وفي ضوء الصعوبات والتحديات التي تواجه المؤسسات لتقديم أفضل الخدمات في شتى القطاعات على وقع ظروف الحرب والعدوان على سورية والمنطقة، تبرز الحاجة الماسة لانتقال الشركات وكوادرها من الطرق التقليدية في إدارة بعض شؤونها، إلى التفكير خارج الصندوق وفق دعوة السيد رئيس مجلس الوزراء، وذلك بأن تنتهج نمطاً ابتكارياً في العمل، يرتكز على استكشاف مكامن القوة لتعزيزها، ومطارح الضعف لتلافيها عبر صيغ مناسبة وقد تكون التشاركية مع القطاع الخاص وفق تقنيات الاقتصاد الرقمي إحداها، وهو تفكير كفيل بمعالجة بعض أو كل الصعوبات التي تواجهها، وكفيل بجعلها منتجة لخدمات نوعية، جاذبة لاستثمارات محلية وأجنبية، ومولدة لفرص العمل والإيرادات للشركات والمؤسسات ذاتها وللخزينة العامة.
وكي نكمل رسم الدائرة، ومن واقع خبرتنا بالاقتصاد الرقمي، نرى أن الاستجابة لدعوة السيد رئيس مجلس الوزراء مطلوبة اليوم أكثر من أي وقت مضى، وهي أمر ممكن التنفيذ من خلال الأفكار التالية التي نطرحها كمدخل يمكن الاستئناس به:
• تحسين جودة الخدمة.. وهو أمر يزيد رضى الجمهور والمشتركين، ويرفع الطلب والإيرادات، بشرط أن يرافقه تدريب مستمر للموظفين لتحسين مهاراتهم وكفاءتهم، كما يصاحبه استخدام التكنولوجيا واعتماد التقنيات الحديثة في مراكز النفاذ والاتصال لتحسين العمليات وتقديم خدمات أفضل وأسرع.
• تنويع الخدمات.. لتلبية احتياجات ناشئة ومتنوعة في السوق، وإضافة خدمات جديدة، مبتكرة وغير تقليدية تلبي احتياجات الراغبين، أفراداً وشركات، حيث يمكن تقديم خدمات استشارات متخصصة في مجالات مثل الإدارة، والتكنولوجيا، كما يمكن تقديم خدمات تكنولوجيا المعلومات في مجال تطوير البرمجيات، وأمن المعلومات، والبنية التحتية الرقمية، وحلول إدارة العلاقات مع المشتركين (CRM) وأنظمة الدعم الفني المتقدمة، إضافة إلى توسيع نطاق الخدمات، مثل خدمات الدعم الفني عبر الإنترنت، والدردشة المباشرة، ومنصات الدعم الذاتي.
• تحسين الكفاءة التشغيلية.. ما يقلل التكاليف والهدر ويزيد الربحية، من خلال استخدام الأتمتة لتحسين العمليات وتقليل الحاجة إلى العمل اليدوي، وإدارة الموارد المتاحة بكفاءة لتحقيق أقصى استفادة.
• استخدام التكنولوجيا.. عبر اعتماد تقنيات حديثة لتحسين العمليات والخدمات.
• الشراكات مع القطاع الخاص (PPP) لتحسين جودة الخدمات في القطاعات الحيوية مثل الطاقة والصحة والتعليم، وقطاعات النقل والاتصالات والتجارة، وتنفيذ مشاريع خدمية، تستفيد منها المؤسسات العامة من خبرات ومهارات الشركات الخاصة.
• الشراكات الاستراتيجية مع الشركات التقنية لتطوير حلول دعم فني متقدمة.
• الابتكار والتجديد في تقديم خدمات تلبي احتياجات السوق المتغيرة.. من خلال الاستثمار في البحث والتطوير «R&D» واستخدام التكنولوجيا الحديثة كالذكاء الصنعي والبيانات الضخمة.
• التسويق الفعال والاستجابة لمتطلبات السوق.. من خلال إجراء دراسات السوق واستطلاعات الرأي بهدف فهم احتياجات المواطنين وتوقعاتهم وتحديد المجالات والخدمات التي تحتاج إلى تحسين، إضافة إلى استخدام التسويق الرقمي للوصول إلى جمهور واسع وزيادة الوعي بالخدمات المقدمة، وتوفير قنوات متعددة للتواصل مع المشتركين، مثل الهاتف، البريد الإلكتروني، والدردشة المباشرة، لضمان توفير دعم شامل ومتكامل.
• تحسين إدارة الأصول.. من خلال تأجير الأبنية الحكومية الشاغرة وضعيفة الجدوى الاستثمارية للعمل الحكومي، للشركات الخاصة ما يوفر دخلاً متنامياً ومنتظماً للحكومة، وهي إيرادات يمكن استخدامها لدعم المشاريع الحكومية وتحسين البنية التحتية.
إن تبني منهجية وتفكير رئيس مجلس الوزراء وفق الاستراتيجيات المقترحة أعلاه، يساعد الشركات الحكومية على تحسين خدماتها وزيادة رضى المشتركين وتعزيز الولاء، وتحقيق عوائد مالية مجزية، مايجعلها مؤسسات منتجة مفيدة للمواطن والدولة بامتياز.
تشرين
*مدير فرع سورية «تحت التأسيس» للاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي