الخبير السوري: استأنف الدكتور عمرو سالم وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك الأسبق، انتقاداته العميقة للوزير الحالي لؤي المنجد، واتهمه بحديث في مستويات أعلى من حجمه كوزير. وكتب الوزير سالم: لا يمكن في دولة ذات سيادةٍ وتاريخٍ هو الأقدم في العالم أن يمر تصريحان دون توقف ورفض تام واتخاذ ما يلزم حيالهما. فقد صرح وزير التجارة الداخلية في اجتماعه مع مدراء التجارة الداخلية وحماية المستهلك بالتالي:
(ذاهبون إلى تغيير جذري وعقد اجتماعي جديد ورسم تاريخ جديد لسورية للـ ٥٠ سنة القادمة.)
1. هل التغيير الجذري في الدولة وعقد اجتماعي جديد هو من اختصاص أو صلاحيًة أو مؤهلات اي وزير أو حتى رئيس مجلس وزراء؟ 2. هذا البلد لديه عقد اجتماعي أطول من أي عقد اجتماعي في العالم منذ استوطن البشر الأرض بعد أن كانوا يغيشون بقطعان متنقلة قبل آلاف السنين. ومنذ أن كانت كل مجموعة منهم من عرق محتلف وتبعد إله مختلف منذ الوثنية مروراً بالأديان السماوية وحتى يومنا الحالي. 3. من الغريب أن طرح العقد الاجتماعي الجديد هو نفس طرح المجموعات الانفصالية في المناطق التي احتلتها مجموعات مسلحة تمثل الدول التي انفقت عليها. وينطبق على بعض القوى السياسيًة في لبنان والتي طالبت بكانتونات وغيرها. 4. أما التغيير الجذري، فهو قرار على مستوى الدولة بكاملها من رئاسة الجمهورية والسلطات جميعها والشعب بأكمله، فهل يقرره وزير مهما كان عبقريًاً. وهو ينتمى إلى حكومة يرأسها رئيس الجمهوريًة؟ 5. وأما رسم تاريخ جديد لسورية للـ ٥٠ سنة القادمة؟، فهو مهمَة خجلت أن تتنطح لها أكثر الدول تقدَماً. وهي عمل مراكز بحوث يستغرق سنوات لتلمس ملامحه.
أما تصريحه الثاني بأن التموين يختلف عن التجارة الداخلية وحماية المستهلك، لأن التموين كان قبل أربعين عاماً حينما كانت الدولة هي المسؤولة عن نزويد المواد الغذائيًة كلها ولم يكن هناك تجار (وسأل المدراء الجالسين في الاجتماع: هل كان هناك تجار قبل ٤٠ سنة. فردَوا بصوتٍ واحدٍ: لا) وهذا النوع من الترداد غير معهود ولا مسبوق في أي اجتماع مهما يكن. إلا في الاجتماعات التي يردد الحاضرون فيها شعار أو نشيد. مع أن هؤلاء يمتلكون من الخبرة ما يمكن اي وزير ان يستفيد منهم.
(كانت التموين وعبر المؤسسات الاستهلاكية والمخابز تقدَم المواد المدعومة فقط.) وهذا غلط وخطأ لا يمكن قبوله لأنَ التجارة لم تنقطع في سوريَة منذ أيَام الفينيقيَين حتَى أيام التأميم. وكانت تباع المواد غير المدعومة من قبل التجار والتي كانت تشمل الأجبان الفرنسيًة وجميع أنواع البضائع والمواد الغذائيًة وغير الغذائيَة. والملابس والادوات و و و و
قبل أربعين عاماً كانت الصوامع والمطاحن تخزن أضعاف حاجة سوريَة من قمح ودقيق وخبز. وكان القمح القاسي يصدَر إلى العالم لصناعة المعكرونة.
عندما تحدًث سيادة الرئيس الدكتور بشًار الأسد عن الدعم، قال أنً السياسات التي طبقت قبل عدًة عقود كانت لها ظروفها. وما كان مناسباُ في أيًامها، تطوًر في العالم ولا بدً من أن يتطوًر عندنا.
ما طرحه سيادة الرئيس الدكتور بشَار الاسد هو طريق التطوًر الصحيح، وهو البناء على ما تمَ سابقاً وتطويره تطويراً مستداماُ يتناسب مع الواقع والمستقبل. وهذا التطوير هو تطوير دائم لا يتوقَف.
ولم يبنيه سيادته على هدم ما سبق. وقبل أن أختم اقول أنني لست بعثيَاً ولا أنتمي إلى اي حزب. ولست من أنصار الاقتصاد المقيد. بل من انصار الاقتصاد الحقيقي غير المشوًه.
لكنًني حتماً مناهض ومعاكس لليبرالية الجديدة المتوحشة.
أنا من مؤيدي اقتصاد السوق الذي يعتمد على القطاع الخاص لكنًه يقدَم أعلى مستوى خدمات ودعم لموظًفي الدولة والمتقاعدين والفئات الهشَة في المجتمع. والذي لم تستطع وزارة الشؤون الاجتماعيًة والعمل إنجاز تحديدها. كما هي الحال في الدول الاسكندنافية واليابان وحتى بوتسوانا. إن دولتنا الجديدة، لم تبدأ بتاريخ صدور مرسوم تشكيل الحكومة الحاليًة، بل بتاريخ تسلًم سيادة الرئيس الدكتور بشَار الأسد للمشعل وحمله بسرعة اكبر.
العمل التجريبي آثاره كارثيَة.
وأختم بالقول بأنني لم اسع إلى منصب سابقاً. وبالتأكيد لا ارغب بمنصب جديد. فأنا متفرًغ لعملي البحثي والاستشاري الإداري والتقني، وزراعتي الصغيرة التي تقربني من التراب الذي سال فيه دم والدي الشهيد ودم أجدادي.
وختم الوزير سالم بعبارته الشهيرة: تزول الدنيا قبل أن تزول الشَام