*الجلالي: سياسات الدعم ربما كانت سليمة في زمن ما أما الآن وقد أصبحت تمول بالقطع الأجنبي النادر فمن الضرورة بمكان إعادة مقاربتها وإعادة هيكلتها والتحرر من التركات السابقة السلبية
*اعتماد مبلغ الدعم الاجتماعي بـ8325 مليار ليرة
*من الملاحظ المشاركة شبه الشكلية للكثير من الجهات غير الحكومية الأعضاء في المجلس حيث غادر عدد منهم قبل انتهاء الاجتماع فيما لم يقدم عدد آخر أي مداخلة أو طرح يغني الاجتماع.
الخبير السوري:
حدد المجلس الأعلى للتخطيط الاقتصادي والاجتماعي خلال اجتماعه اليوم الاعتمادات الأولية لمشروع الموازنة العامة للدولة للعام 2025 بـ 52600 مليار ليرة سورية موزعة على 37000 مليار للإنفاق الجاري و15600 مليار للإنفاق الاستثماري بنسبة نمو 48 بالمئة مقارنة بموازنة العام 2024.
وتم اعتماد مبلغ الدعم الاجتماعي بـ8325 مليار ليرة موزعاً على: الصندوق الوطني للمعونة الاجتماعية 50 مليار ليرة، وصندوق دعم الإنتاج الزراعي 100 مليار ليرة مقارنة بـ 75 ملياراً عام 2024، ودعم الدقيق التمويني 3850 ملياراً والمشتقات النفطية 4000 مليار مقارنة بـ 2000 مليار عام 2024، ودعم الخميرة التموينية 125 ملياراً وصندوق التخفيف من آثار الجفاف 25 ملياراً مقارنة بـ 15 ملياراً عام 2024، إضافة إلى صندوق تمويل المشروع الوطني للتحول إلى الري الحديث 150 مليار ليرة مقارنة بـ 50 ملياراً عام 2024، والصندوق الوطني لدعم المتضررين من الزلزال بـ 25 مليار ليرة. كما تم رصد مبلغ 2700 مليار ليرة لدعم الأدوية والمستلزمات المخبرية والطبية والأدوية السرطانية.
وأكد رئيس مجلس الوزراء رئيس المجلس الأعلى للتخطيط الاقتصادي والاجتماعي الدكتور محمد غازي الجلالي أهمية التخطيط كمبدأ ونهج في إدارة الموارد الوطنية، خلافاً لما قد يظنه البعض بأنه قد يتراجع أو ينكفئ في أوضاع عدم الاستقرار وفي بيئة يسودها الكثير من عدم اليقين، إلا أن الحقيقة تذهب في غير ذلك، فالتخطيط يصبح أكثر أولوية في الأزمات وفي عدم الاستقرار، ويتلخص بشكل جوهري في القدرة على ترتيب الأولويات وتخصيص الموارد وإعادة تخصيصها ضمن القنوات الأكثر إنتاجية.
وتحدث الدكتور الجلالي عن أهم ملامح السياسة العامة لصياغة مشروع الموازنة العامة للعام 2025 على النحو الآتي:
-الحرص على اعتماد سياسة مالية توسعية إلى أقصى الحدود الممكنة والمحكومة أيضاً بقدرات التمويل المتوفرة بما في ذلك حدود التمويل بالعجز، فالحكومة تستهدف تقديم جرعة إضافية لتحريك عجلة الإنتاج الوطني، وكذلك تحريك الطلب الكلي من خلال زيادة الإنفاق العام والخاص.
-تقارب الحكومة ملف الإنفاق الجاري من منظور اقتصادي واسع يتمثل بتعزيز الاستهلاك والطلب الوطني، ومن غير المقبول النظر إلى الإنفاق الجاري باعتباره هدراً أو إنفاقاً سلبياً، بل هو في جوهر دورة النشاط الاقتصادي الوطني (الإنتاج، الاستهلاك).
واعتبر الدكتور الجلالي أن تصميم مشروع الموازنة العامة للدولة ينطوي على بنية ديناميكية ومرنة تراعي متطلبات حالة عدم الاستقرار التي يشهدها الاقتصاد الوطني والإقليمي والدولي، حيث تم رصد اعتماد للاحتياطات الاستثمارية 4300 مليار ليرة، وهذا ما سيتيح للحكومة التفاعل والاستجابة مع أي مستجدات طارئة على صعيد الانفاق الاستثماري خلال السنة المالية 2025 على مبدأ إدارة الاستثمار والمخاطر.
وأشار رئيس مجلس الوزراء إلى أن مشروع الموازنة يعطي رسالة مباشرة وواضحة إلى الشركاء الوطنيين ولاسيما في القطاع الخاص الوطني بأن الحكومة تنظر بعين الشراكة الواسعة والبناءة مع هؤلاء الشركاء كافة وأن دورهم الاقتصادي والاجتماعي هو دور محوري وجوهري ولا يمكن لاعتمادات الموازنة العامة للدولة وحدها أن تنهض بالمسؤوليات الاقتصادية والاجتماعية الوطنية، مؤكداً أن القطاع الخاص شريك موثوق وستقدم الحكومة كامل الدعم الممكن لتفعيل طاقات هذا القطاع وضمان أعلى مساهمة ممكنة في الدخل القومي.
كما أكد الدكتور الجلالي على ضرورة التعاطي بكل انفتاح مع السياسات الاقتصادية الكلية لجهة تعزيز كفاءتها وموضوعيتها وتطويرها لتتلاءم مع متطلبات المرحلة، ولفت في هذا السياق إلى سياسات الدعم التي رأى أنها ربما كانت سليمة في زمن ما، عندما كانت تمول من الموارد الذاتية، أما الآن وقد أصبحت تمول بالقطع الأجنبي النادر، فمن الضرورة بمكان إعادة مقاربتها وإعادة هيكلتها والتحرر من التركات السابقة السلبية وهذا ما سيضمن بالحد الأدنى تجويد كفاءة الإنفاق العام.
من جانبه أوضح وزير المالية الدكتور رياض عبد الرؤف أن أسس إنجاز مشروع الموازنة تركزت حول عدد من المقاربات فيما يخص الواقع الاقتصادي والاجتماعي من خلال إدارة الموارد المالية المتاحة بكفاءة والاستمرار بإصلاح هيكلية الموازنة العامة للدولة، بما يسهم بزيادة فعالية الإنفاق العام في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية
والتركيز على المشاريع الاستثمارية ذات الأثر المباشر وترتيب أولويات الإنفاق العام وضبط الإنفاق الإداري والاستخدام الأمثل للموارد المتاحة والاستمرار برصد الاعتمادات اللازمة للدعم الاجتماعي، وتعزيز دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر باعتبارها المحرك الأساسي للاقتصاد.
بعض أعضاء المجلس انتقد النسب التي تم استعراضها حول نمو أرقام اعتمادات الموازنة العامة للدولة باعتبارها مؤشرات اسمية ظاهرية وليست فعلية أو حقيقية، إذا ما تم أخذ تطورات المستوى العام للأسعار ومستوى التضخم.
كما انتقد البعض التأخر الحكومي في دعم عمليات تجديد وتطوير مستلزمات الإنتاج لدى القطاع العام باعتباره قائداً لقاطرة النمو الاقتصادي الوطني.
وكان المجلس أجرى تتبعاً لنسب تنفيذ الموازنة العامة لنهاية الربع الثالث عام 2024، متضمناً إجمالي الانفاق الجاري، ونسبة الإنفاق الاستثماري العام في القطاعين الاقتصادي والإداري.
وكان من الملاحظ في الاجتماع المشاركة شبه الشكلية للكثير من الجهات غير الحكومية الأعضاء في المجلس، حيث غادر عدد منهم قبل انتهاء الاجتماع، فيما لم يقدم عدد آخر أي مداخلة أو طرح يغني الاجتماع.
وقد أوضحت مصادر من داخل الاجتماع في تصريحات لـ “مديرية الإعلام في رئاسة مجلس الوزراء” أنه كان هناك تعويل كبير على دور النقابات والاتحادات الوطنية في مناقشة مشروع الموازنة، باعتبار أنه ينتظر من هذه المؤسسات الوطنية أن تمتلك مقاربة أو منظوراً يختلف عن مقاربة الحكومة ولاسيما على مستوى الأولويات ودور القطاع الخاص أو القطاعات التي تمثلها هذه الاتحادات والنقابات، لكن للأسف لم يتقدم بعض أعضاء المجلس من هؤلاء الشركاء بعرض أو تسويق مثل هذه المقاربات.