كشفت مدير عام هيئة الاستثمار السورية ندى لايقة، أن 56% من إجازات الاستثمار الممنوحة بموجب قانون الاستثمار رقم 18 الصادر في العام 2021، تم منحها خلال الجاري 2024.
ولفتت في تصريح لصحيفة الثورة ” نهى علي”، إلى تطور علاقة المستثمرين بالهيئة، وتبلور تقاليد تواصل جاد واستعلام عن البيئة والميزات التي ينطوي عليها القانون الجديد، وبشكل من شأنه أن يضفي قناعات متفائلة بما يخصّ الأفق الاستثماري الواعد، الذي يمكن قراءته من خلال الاهتمام بالتواصل المكثف مع الهيئة، إضافة إلى “حصاد التراخيص”، الذي بدا واضحاً الارتفاع المميز بالخط البياني المتعلق بنمو الاستثمارات خلال العام الجاري، والذي يعود إلى وضوح العلاقة مع المستثمر ونضوج حالة الإدراك والتلقي الصحيح للقانون، إضافة إلى التسهيلات والمحفزات التي ينطوي عليها.
هواجس من الماضي
ووفقاً لمدير “الاستثمار”، فإن اهتمام المستثمرين ينصب على آليات استثمار العقارات والمرافق الاستثمارية المتاحة في المدن الصناعية، والاطلاع على التسهيلات الممنوحة لإقامة المشروعات على الأرض.. والمطمئن أكثر أن المستثمرين الخارجيين الذين يجرون عمليات الاستعلام والاطلاع على بيئة الاستثمار السورية، تجاوزوا السؤال التقليدي عن مؤشر الأمن والأمان الذي طالما كان أحد التفاصيل الأساسية في تقييم البيئة المحلية، ويتم الاستفسار الآن عن التفاصيل الخاصّة بمشروع محدد في منطقة محددة ما يؤكد أن ثمة انعطافة نوعية في تعاطي الرساميل الباحثة عن مطارح إستراتيجية مع الأفق الاستثماري السوري، وبمزيد من الاهتمام والجديّة.
الحصة الأكبر
وتبقى المؤشرات الرقمية ذات دلالات أهم من مجرد إطلاق الآمال والتطمينات- وفقاً لمدير عام الهيئة- التي تؤكد أن عدد المشروعات التي حصلت على إجازة استثمار منذ صدور القانون رقم 18 وحتى العام 2024، وصلت إلى أكثر من 180 مشروعاً استثمارياً بتكلفة تزيد على 64 تريليون ليرة سورية، ووفرت ما يزيد عن 16 ألف فرصة عمل، منها 103 مشاريع خلال العام 2024، ومعظم تلك المشروعات في قطاع الصناعة، وتتركز في محافظة ريف دمشق، فيما تركزت مشروعات النقل في دمشق، أما محافظة حمص فكانت موطناً لاستثمارات الكهرباء والطاقات المتجددة والاستثمارات الصناعية، فيما غلبت على استثمارات السويداء مشروعات التصنيع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، وهذه هي طبيعة الأشياء التي تمليها الميزات النسبية وخصوصية كل محافظة.
وتضيف لايقة أنه دخل حيز التنفيذ 28 مشروعاً في مختلف القطاعات الاستثمارية من أصل الـ 180 مشروعاً، وهناك 70 مشروعاً أقام البناء ونفذ البنى التحتية، فيما أدخل 20 مشروعاً آخر خطوط الإنتاج، ويمنح كل مشروع فترة تأسيس ثلاث سنوات ليدخل الإنتاج، ولكن اللافت أن جميع المشروعات المنفذة دخلت قبل انتهاء فترة التأسيس، وهناك 63 مشروعاً في مجال البنية التحتية قيد الاستكمال.
توزّع جغرافي
على مستوى التوزّع الجغرافي، تتركز المشروعات في ريف دمشق المدينة الصناعية عدرا لأنها كانت الأكثر أماناً وإستراتيجية بالنسبة لمعظم المستثمرين، وقد تبين للهيئة خلال جولتها على المشروعات القائمة أن هناك نسب تنفيذ عالية، وهناك جهود مبذولة واضحة من المدينة، فيما أعادت مشروعات إقلاعها بعد أن تضررت، وأخرى نقلت من مكان لآخر كما حصل بالنسبة لمعمل اسطوانات الغاز، بالإضافة إلى مشروعات قيد التنفيذ تسير بوتائر عالية، وهناك مشروعات منفذة منتجة تم تسليط الضوء عليها لأول مرة بعد الجولة.
وتضم “عدرا الصناعية” 32 % من إجازات الاستثمار، فيما تستقطب المدينة الصناعية في حسياء 25 مشروعاً وتأتي في المرتبة الثانية بعد عدرا من ناحية المشروعات الصناعية، وتتنوع مشروعاتها بين الطاقة المتجددة والكهرباء وصهر الحديد لإنتاج البيليت، فيما تأتي دمشق في المرتبة الأولى بمشروعات النقل السياحية بما يتلاءم مع طبيعتها وحاجتها.
أولويات وتكامل أدوار
الواقع أنه وبعد أن تم إطلاق القانون 18 في عام 2021 كان هناك 10 مشروعات فقط، بينما تسارعت وتيرة المشروعات خلال 2024، وهناك كما قلنا– والكلام لمديرة الاستثمار- 102 مشروعاً في شتى القطاعات ومعظمها مشروعات كبيرة وإستراتيجية، والأهم من ذلك هي ضمن أولويات واحتياجات البيئة المحلية ومتوائمة.
لايقة ترى أن ما أنجز كان جيداً من خلال التعاون والتنسيق بين الجهات المعنية، وبفضل الدعم الحكومي المباشر، ما انعكس بشكل إيجابي على الموافقات ودرجة الثقة والأمن التي شعر بها المستثمر والبيئة الاستثمارية في سورية.
وبينت أن نسبة المستثمر المحلي هي الأكبر بالتأكيد وهناك 5% مستثمرين ورجال أعمال عرب وأجانب، وبالنسبة للهيئة المستثمر المحلي هو أساس العملية الاستثمارية، مع عدم تجاهل وجود بعض الاستثمارات الأجنبية.
ملاحظات المستثمرين
بخصوص ملاحظات المستثمرين، تلفت لايقة إلى أنها تتنوع ما بين القانونية والإجرائية والسياسات خارج اختصاص الهيئة، وجميع الملاحظات تطرح على مجلس الإدارة الذي يضم ممثلين من الجهات العامة المعنية، وهناك أمور تطرح على المجلس الأعلى للاستثمار.
فدور الهيئة وسيط بين المستثمر والجهات العامة وكل مشكلة لها خصوصية معينة حسب ورودها في القانون وحسب معالجتها بالنصوص القانونية النافذة.
تشابكات
وبالنسبة للتشابكات تلفت “مدير الاستثمار” في حديثها إلى أن هناك تفويضاً لممثلي الجهات العامة في الهيئة ويتم ضبطها من خلال قانون الاستثمار الذي ينص على مواد واضحة لا تحمل اللبس، ويتم منح الإجازة خلال 30 يوماً ولا يتم تحميل المستثمر أي أعباء مالية أو إجرائية غير واردة في الدليل الإجرائي، وهي إحدى الضمانات الموجودة بالنسبة للمستثمر.
فالنافذة الواحدة تعمل، ولكل إجازة ممنوحة خصوصية معينة وهناك موافقة تتعلق بكشوفات الجهات المعنية مفعلة لبعض التفويضات والتمثيل اللازم خلال عملية السير الإجرائي من خلال النافذة الواحدة في الهيئة، مع الإشارة إلى أن هناك ضرورة لتطويرها.
تواصل الكتروني
وتشير لايقة إلى أهمية الربط الشبكي مع الجهات وتبادل الوثائق وهي الخطوة التي ستنجز خلال الأشهر القليلة القادمة، فالجهات العامة غالباً لا تفوض ممثليها بكل خدماتها.. مثلاً التجارة الخارجية تفوض ممثلها بكم كبير من الخدمات لإجازات الاستثمار الممنوحة في هيئة الاستثمار، والمكتب الجمركي الموجود في النافذة يمنح الإعفاء الجمركي لجميع المشروعات، وهو مفوض، فيما المصرف التجاري والسياحة لديهما تفويضات جزئية، وذلك تبعاً لخصوصية الخدمة التي ستقدم، ومن الممكن من خلال الربط الإلكتروني مع الجهات المعنية حل أي مشكلة ما يسرع العملية ويسهم استقرار العملية الاستثمارية.
أثر العقوبات
وتعتبر مدير عام الهيئة أن العقوبات الاقتصادية تؤثر سلباً على التحويلات البنكية الواردة إلى سورية.. على الرغم من أن الحوافز الواردة في قانون الاستثمار تسمح للمستثمر بتحويل رأسماله للخارج وتحويل الفوائد والأرباح ولكن العقوبات الخارجية وكيفية التعاطي مع التحويلات المصرفية لتمويل مستوردات المشاريع ما عرقل الاستثمار خلال الفترة السابقة.
ميزات للمحلي والوافد
وتؤكد مدير “الاستثمار” أن القانون 18 لم يميز في المعاملة ما بين مستثمر محلي وأجنبي، ويتساوى الاثنان في الحقوق والواجبات ولهما ذات الضمانات، فقد سمحت الحوافز المالية ضمن القانون بتحويل أرباح وفوائد المشروع السنوية وحصيلة التصرف بحصته من المشروع إلى الخارج، فيما يتعلق بالمال الخارجي المستثمر، وكذلك تسديد جميع الالتزامات المترتبة على المشروع بالقطع الأجنبي.