استيراد الكوارث تهريباً..كنا سادتها صرنا ندبك بعرسها..!!

كتبت نهى علي:

كنا نعاني من تهريب المنتجات الزراعية المنتجة محلياً إلى الخارج، و نتذمّر من أن ذلك يؤثر على توازن السوق الداخلي ويتسبب بخلل في معادلة العرض والطلب..لكن يبدو أن كل ذلك بسيط وسهل أمام مخاطر خط التهريب الراجع، الذي يحمل إلينا كوارث حقيقية، أخطر مافيها أنها تلقي بآثار مستدامة من الصعب السيطرة عليها.
يمكن لأي متابع أن يلمس وجود منتجات زراعية مهربة في أسواقنا، وليس مجرد التجهيزات الإلكترونية والدخان وغير ذلك..وإن كنا قد اعتدنا على مكافحة التهريب بالخطين الذاهب والراجع لأسباب اقتصادية.. سيكون علينا اليوم الانطلاق من بعد آخر هو مصيري بكل معنى الكلمة على مستوى صحة المستهلك، و”صحة” الإنتاج الزراعي القطاع الأهم والأكثر حساسية في بلد كبلدنا.
نسمع عن منتجات مستوردة تهريباً مصابة بأمراض كثيرة تحول دون استهلاكها بشكل آمن، كما أنها تنقل أمراضها إلى بيئة الاستثمار الزراعي المحلي، التي طالما كانت محصنة ومضبوطة بإجراءات صارمة.
التحصين والضبط الأهم كان يتمثل بغزارة الإنتاج الزراعي السوري، غزارة أبطلت جدوى أي محاولة تهريب لمنتجات مماثلة من الخارج، لكن ارتباك إدارة منظومة الإنتاج الزراعي، وتقهقره ووقائع متوالية النقص إما إنتاجاً أو معروضاً سوقياً بسبب التصدير أو التهريب، أدى إلى اختراق خطير لحصون الزراعة تحت وطأة حاجة السوق..وهاهي النتائج تظهر على شكل تهديد مباشر لقطاع الأمن الغذائي الحقيقي.
نعلم أن ثمة تشريعات وضوابط تعالج حالات التهريب الذاهب نحو الخارج، لكن نظن أن التشريعات ذاتها لا تصلح ولا تكفي لمعالجة التهريب الراجع، خصوصاً تهريب المنتجات الزراعية مجهولة الماهية والمواصفات، والأخطر تهريب البذار…بل “دس البذار” في بيئتنا الزراعية وبشكل مقصود، ومن يظن أن لا علاقة للأمر بالاستهداف المنظم يكون واهماً أو قصير رؤيا وأفق.
لا بد من تشريعات وضوابط جديدة قاسية و قاصمة لظهر من يقوم بإدخال البذار والمنتجات الزراعية تحت أي ذريعة أو مبرر، لأن في ذلك عبثاً – لا فرق إن كان عامداً أو سهواً – بمصير قطاع يؤثر مباشرة على كل مواطن في هذا البلد.

الثورة

[ جديد الخبير ]