قال الدكتور في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق علي كنعان إن المصارف والبنوك في سورية لا تزال تعاني من آثار الأزمة التي تمر بها البلاد منذ نحو 13 عاماً، والتي أدت إلى ظواهر غير طبيعية في الاقتصاد السوري، الأمر الذي أثر في مناحي الحياة الاقتصادية كافة، بما فيها الودائع والقروض المصرفية.
إذ إن المصرف المركزي السوري كان قد سعى سابقاً لتقييد القروض خشية استخدامها في سوق الصرف، بما يخفض قيمة العملة الوطنية، لذلك منع المصارف من الإقراض في المرحلة الأولى من الحرب، لكنه وبعد حدوث الانفراجات في سورية بعد عام 2016 سمح للمصارف بالعودة إلى التمويل، مع التركيز على مجالات القروض التي تخص الإنتاج مثل الصناعات الغذائية وقروض التجزئة «الاستهلاكية» بهدف تحريك عجلة الاقتصاد.
دور التضخم
ويتابع كنعان بقوله: إن ارتفاع معدل التضخم الذي تعاني منه البلاد وخوف المصارف من أزمة مصرفية تتجسد بعدم القدرة على الدفع، دفع المصارف إلى التخفيف من إجراءات منح القروض بما يعني زيادة في نسبة السيولة المعطلة في البنوك بمقارنة بما يطلبه المركزي، التي تصل إلى 30 بالمئة من الإمكانيات كسيولة احتياطية، لكن السيولة المعطلة في البنوك وصلت إلى أكثر من 50 بالمئة، ما يدل على تجميد دور البنوك في تحريك عملية النمو الاقتصادي، لذلك نجد أن البنوك تتحفظ في منح القروض، والمستثمرون لا يقدمون على القروض، لأن الطلب على السلع والخدمات منخفض بسبب الأجور المتدنية والشح في تنوع مصادر الدخل، وبذلك تكون قد تضافرت كل الظروف مع بعضها بعضاً، لتجعل مصطلح القروض منخفضاً مقارنةً مع مرحلة ما قبل الأزمة.
الودائع
وبعملية تحليلية لواقع البنوك السورية بالاعتماد على بيانات المصرف التجاري السوري باعتباره أكبرها قال كنعان: يعتبر حجم الودائع في البنك التجاري السوري والذي يشكل بين 60 لـ70 بالمئة من حجم النظام المصرفي في سورية، فبالنظر لحجم الودائع البالغ 3 تريليونات و283 مليار ليرة خلال النصف الأول من العام، فتعتبر قليلة مقارنة مع حجم الناتج المحلي الإجمالي المفصح عنه والبالغ 38 تريليون ليرة سورية، فالنسبة ستكون 7 بالمئة فقط.
وبالنظر إلى مجموع المصارف الباقية بالاعتماد على التجاري السوري كنموذج فستكون النسبة قليلة جداً، رغم عدم توافر الإحصائية الكاملة.
ويمكن القول إن النسبة المتدنية تعود لعامل التضخم لكون المودع عند الإيداع سيخسر قيمة التضخم من رأس المال، فمثلاً إذ وضع مستثمر وديعة بالبنك مقدارها مليار وكانت نسبة التضخم 10 بالمئة فإنه سيخسر 100 مليون ليرة سورية.
وتابع كنعان بقوله حجم الفائدة سيكون أقل من معدل الربح، لذلك الناس لا تقدم كثيراً على الإيداع في البنوك بسبب التضخم من جهة وقيود السحب التي قررها المركزي السوري من جهة أخرى، إذ يُمنع المودعون من سحب مبالغ كبيرة إذا اضطروا، فحدد لهم يومياً مقدار سحب يبلغ 15 مليون ليرة سورية، وبالتالي من يرد أن يسحب مليار ليرة فهو بحاجة إلى شهرين أو 3 أشهر، الأمر الذي يقيد عمليات الإيداع.
بالإضافة إلى ذلك فإن حركة سعر الصرف سواء صعوداً أم هبوطاً تقلل أيضاً من عمليات الإيداع، وإذا أخذنا معدلات الإيداع العالمية فنحن بعيدون جداً عنها، على الرغم من السعي لإشاعة الدفع الإلكتروني الذي يحتاج إلى سهولة في السحب والإيداع وعدم وجود قيود، وتوافر نقاط البيع في كل المتاجر، والسماح بعمليات نقل وتحويل وإجراء العمليات المصرفية كافة.
وفي ختام الحديث عن الودائع قال كنعان: إذا كانت نسبة الودائع قليلة فمن أين ستوظف البنوك بخدمة القروض إذا كانت ودائعها قليلة، ومع ذلك فالودائع الموجودة كافية لتحريك عجلة الإنتاج.