خديعة كبرى تعصف بـ ” نخب اللجوء السوري” إلى تركيا..حسابات خاطئة عندما تنطفئ جذوة الذاكرة

خاص – الخبير السوري:

ضاقت تركيا ذرعاً بمن ” غررت ” بهم من السوريين، وذهبوا في حسابات خاطئة يجب ألا يكونوا قد وقعوا بها، خصوصاً من يقدمون أنفسهم كرجال فكر و أصحاب ” بزنس”، ويبدو أن الملكات المفترضة لهؤلاء لم تسعفهم في فهم عمق المكيدة التي أوقعهم فيها التركي، لدى سخاء دعوته لهم في بدايات الحرب المفتوحة على سورية بلدهم..وبدا من توجهوا إلى دول أخرى من هذا العالم “أبعد من نسق الجوار”، أوفر حظاً وربما أكثر حكمة، فقد حسبوها بشكل صحيح على مايبدو، ولجؤوا إلى الذاكرة الجمعية القديمة للسوريين التي لاتثق بالجار التركي مهما كرر من عبارة ” شوكوزال”.

فتركيا تشهد هذه الأيام اضطرابات ملحوظة خصوصاً في الساعات الأخيرة، بعدما اندلعت أعمال شغب اعتدى فيها بعض المواطنين الأتراك على ممتلكات من أسموا أنفسهم لاجئين سوريين، بكل ما في التسمية من تناقض..لاجيء وممتلكات..فاللاجئين يكونوا لاجئين عادة بدون ممتلكات، أما هؤلاء فيبدو أنهم أصحاب رساميل ضلّت – ربما بحكم الغريزة- وجهتها الاستثمارية المناسبة.

وتشير الأنباء إلى أن مدينة قيصري، وسط تركيا، شهدت هجوم مجموعة من الأفراد على المتاجر والممتلكات التي يديرها سوريون، مساء الأحد، وذلك بعد اعتقال شاب سوري للاشتباه في تحرشه بقاصر تركية.

وقد انتشرت مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي تُظهر رجالاً يحطمون نافذة محل بقالة، قيل إنه يعود لتجار سوريين، قبل أن يشعلوا النار فيه، حسبما أفادت وسائل إعلام تركية.

كما أقدم بعض الشباب الآخرين على تدمير دراجات نارية ومركبات باستخدام الحجارة والأدوات المعدنية في نفس المنطقة، الواقعة جنوب قيصري، والمعروفة بأنها موطن لكثير من اللاجئين السوريين، الذين قبلوا الدعوة إلى ” سفرة التركي”.

وردد المعتدون هتافات مناهضة للاجئين، قائلين: “لا نريد مزيدًا من السوريين! لا نريد مزيدًا من الأجانب!”.

ومع ذلك، تبين أن هذه الادعاءات غير صحيحة فقد أكدت السلطات في ولاية قيصري أن الطفلة المعنية في الواقعة هي سورية وليست تركية، وأن الشاب المعتقل هو ابن عمها ويعاني من اضطرابات عقلية وتم إلقاء القبض عليه ووضع الطفلة تحت حماية الجهات المختصة.. أيضاً هذه الحيثية مخجلة ومثيرة لاشمئزازنا نحن السوريين الذين علينا أن نشرع أبوابنا لأمثال هؤلاء الملووثين الجانحين …

للعلم وعلى الهامش…تستضيف تركيا حوالي 3.2 مليون لاجئ سوري على ذمة الإحصاء الرسمي التركي..الذي كان مفبركاً لأغراض تتعلق بابتزاز الأمم المتحدة والحصول على دعم ومعونات على حساب اللاجئين السوريين، وتشهد تركيا في السنوات الأخيرة تصاعدًا في حوادث “كراهية الأجانب” والمقصود السوريين طبعاً..هم وليس سواهم، لأنهم أقحموا بقرار سياسي مهيمن على المجتمع التركي لغايات شخصية لدى السلطات الحاكمة هناك، كانت جزءاً من منظومة استهداف للدولة السورية منذ بداية الحرب عليها، ونعلم أن تركيا كانت البوابة الأوسع لتدفق جحافل الغرباء حملة السلاح والشرهين للدماء، أي كانت التنين الذي ينفث ناراً باتجاه المجال السوري.

الآن يمكننا أن نزعم أن السوريين ..خصوصاً أصحاب “الفكر” المزعومين ورأس المال ” المستثمرين” الذين اختاروا تركيا موطناً بديلاً، ومنهم من فاخر بـ ” انشقاقه” عن الدولة السورية، لتزداد أسهمه وفرص العمل والاستثمار أمامه، كانوا الأكثر سذاجةً  – سامحونا على المصطلح –  ممن غادروا البلاد، وعلى الأرجح استحكمت بهم غرائز لا عقول عندما اختاروا تلك الديار كموطن بديل ظنوه حاضنة مستدامة، خصوصاً و أنهم اضطروا إلى مواصلة الضخ السلبي تجاه بلدهم الأم ليثبتوا ولاءاتهم الجديدة، ويبدو أن ذلك كان شرطاً لاستمرر ” الاحتفاء” المزيف بهم”.

اليوم نظن أن هؤلاء يشعرون بالخذلان مع التحولات السياسية الدراماتيكية، بعد أن بدأت السلطات كما المجتمع التركي بلفظهم، وهذا مؤسف بالفعل..نقول مؤسف ونحن نعبر حقيقة عما يجول في وجداننا..لأنهم سوريون أولاً و أخيراً ” ولا نرجوا لهم إلا السلامة من التعسف الذي يجتاحهم في بلاد توهموها ” بلاد الخلاص” .

القادمات من الأيام ستشهد المزيد من التحولات ” القاهرة” في أوضاع السوريين داخل تركيا، حتى لو لم تستمر السلطات التركية في مشروع التسوية المزعوم مع المسألة السورية، فثمة جفاء وتضييق للخناق على السوريين خصوصاً من يتطلبون مساحات أوسع لممارسة يومياتهم..أي ليسوا مجرد لاجئ في خيمة، فاللاجئ يعود وليس لديه ما يخسره، أما من أحرقوا مراكبهم فلهؤلاء اعتباراتهم الخاصة التي تبطئ  اتخاذ قرارات جديدة.

[ جديد الخبير ]