كتب الدكتور عامر خربوطلي:
الأصل في الاستثمار العقاري تلبية حاجات الاقتصاد من ناحية السكن والتجارة والخدمات وهو بالإضافة إلى ذلك الملاذ الآمن لرؤوس الأموال في حالات التضخم مع توفير ريوع وأرباح متنامية نتيجة التأجير أو الاستثمار أو حتىى البيع والشراء المتلاحق وهو فوق ذلك كله يوفر حركة أعمال واسعة في قطاع البناء والتشييد والإكساء والديكور والقائمة تطول…
إنه تراكم للثروة وقدرة فائقة على تعظيمها بأوقات قصيرة ودون جهود كبيرة وهو ما يعرف بالدخل السلبي.
ولكن ومع جميع هذه المزايا التي يحققها هذا النوع من الاستثمار في العقارات بجميع أشكالها ومسمياتها يبقى هو الأقل تسييلاً أي الأقل مقارنة بباقي الاستثمارات ومنها البورصات في تحويلها إلى نقود بصورة سريعة نتيجة حالات الكساد والركود ونقص السيولة ووجود فائض من الفرص لا يقابله طلب مستمر في السوق.
أما عندما تتحول العقارات إلى مدفن للأموال والسيولة نتيجة عدم وجود فرص استثمارية ذات ريعية وبمخاطر غير كبيرة فإن الاستثمار العقاري يتحول إلى (أصول جامدة) غير مفيدة للاقتصاد بل هي عبء كبير عليه وعلى الأفراد الذين يملكون هذه العقارات، وهذه حال الواقع العقاري في سورية حيث نجد مئات الآلاف من العقارات في المدن والأرياف سواء السكنية أو التجارية أو الخدمية بدون استخدام حقيقي ودون حاجة أصلاً بل هي فقط للمضاربة ودفن الأموال المتضخمة والحفاظ على قيمتها ومحاولة استثمارها بما يتوفر من فرص مشجعة في غياب حركة السياحة والمغتربين وضعف التجارة والصناعة.
آلاف الشقق السكنية المكسية وغير المكسية في المدن والمحافظات والضواحي وأماكن الاصطياف بدون استثمار خاوية على عروشها تتنتظر القادم من المستقبل وقد يأتي وقد لا يأتي…..
واقع الاستثمار العقاري في سورية شديد التعقيد لأسباب عديدة منها :
-اعتماده على الفردية وقلة الاستثمارات الضخمة وبخاصة التطوير العقاري.
-تركيزه على توفير دخل فردي ثابت من خلال التأجير التقليدي.
-غياب صناديق الاستثمار العقاري وهي الشركات التي تمتلك عقارات مدّرة للدخل وتديرها أو تمولها ومن ثم توزيع الأرباح على المساهمين.
-غياب الرعاة العقاريين وهي الشركات المسؤولة عن استثمار العقارات أو تأجيرها نيابة عن المالكين.
-عدم القدرة على بيع أجزاء من العقار بهدف الحصول على السيولة، الطارئة السريعة.
-عدم وجود شركات متخصصة لمعلومات أسواق العقارات واتجاهاتها المستقبلية مقارنةً مع باقي أنواع الاستثمارات.
-ضعف استخدامات التمويل التأجيري والاجارة المنتهية بالتمليك
في ضوء الظروف الحالية وحتى الذاكرة التاريخية والرؤى المستقبلية سيبقى الاستثمار العقاري هو الغالب في سورية طالما لم تنشط الأسواق المالية في سحب البساط من العقارات التي للأسف تحولت من أصول ثابتة كجزء من رأس المال المستثمر إلى (أصول جامدة) تنتظر الحركة القادمة…
العيادة الاقتصادية السورية