“ساسوكي” السوري وانتظار المجهول

أوس عيد – الخبير السوري:

محكومون بالمجهول عندما تستحكم بنا دوامة الانتظار، ونحن نمنّي أنفسنا بموعد حزم الحقائب والتوجه إلى أقرب مطار لنقف في طابور الازدحام على بوابة المغادرين..

لم تعد الهجرة خياراً تحت ضغط الضرورات، بل حلماً أجوفاً في كثير من الأحيان، بل في أغلبها..هكذا آلت بنا الأمور نحن الشباب الملهوفين للمغادرة دون أن نحدد لنا وجهة أو مقصد، وكأن المهم الهجرة كغاية بحد ذاتها دون الاهتمام بالتفاصيل، التفاصيل التي هي لب القضية وجوهر الموضوع..
هل الهجرة خيار أم حل..في أي موضع نصنفها وماهو موقعها في دواخل الشباب السوري..؟
نجزم أن الهجرة ليست حلاً في حال لم تكن مضمونة بعقد عمل أو فرصة حقيقية تنفي عنها صفة المغامرة والقفزة نحو المجهول،  لأن كثيرين ممن هاجروا ارتجالاً ومغامرة يعانون اليوم من الضياع والتشتت في شوارع غريبة وأرصفة باردة تقض مضاجعهم؟ .. وباتت تتنازعهم رغبات معاكسة للعودة إلى وطنهم لكن يحول دون ذلك افتقارهم إلى المال، وثمن تذكرة الطائرة الذي سيأتيهم من أهلهم ومن ذات البلد الذي غادروه بزعم أنه لم يعد يتسع لهم.. ينتظرون هناك ويتعرضون للاستغلال والاضطهاد، لأن ارتجالهم كان غير محسوب فدفعوا الثمن باهظاً..

على الرغم مما نسمع ونقرأ عن تجارب من غامروا وأخفقوا..تبقى حمى الانتظار تستأثر بنا نحن جيل الشباب..لكن انتظار ماذا..؟؟ ..الهجرة وحسب هي “الكنز” المنتظر الذي قد يأتي فارغاً أو قد لايأتي أبداً..فلماذا نضيع كل هذا الوقت، ونمني أنفسنا بفرصة قد تأتي خجولة أو ربما لن تأتي أبداً، فأي سنين أضعنا..وأي فرصٍ اجتهدنا كثيراً لصناعتها..ولم نلتقط منها ولو رأس خيط..
بانتظار الهجرة نسينا أن نبني ولو أسس بسيطة للبقاء والاستمرار هنا في بلدنا..نسينا أن نواصل الحياة ونتصالح مع المستقبل الذي يبدو أنه لن يكون حليفاً لنا مادمنا نعتكف في حجرة الانتظار.
لابأس بالأحلام والآمال. لكن فلنعمل ريثما تأتي الفرصة..لنكتسب مهارات جديدة ونصقل ما بحوزتنا، عندها فقط تتعزز فرص الهجرة البناءة التي تؤمن لنا مستقبلاً، وتسمح لنا بادخار حفنة من المال لنرسلها إلى ذوينا هنا في البلد.

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]